“الشيخ هريدي” قصة مفتي الجمهورية الذي تنبأ بانتصار 10 رمضان قبل الحرب بـ 5 سنوات
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تزخر الأدبيات الصوفية بنبؤات حرب 10 رمضان ولعلها أشهرها قصة شيخ الأزهر عبدالحليم محمود الذي رأى في المنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو يبشره بالنصر فأبلغ القائد الأعلى للقوات المسلحة محمد أنور السادات بتلك الرؤيا، وتسببت تلك القصة في جدلٍ فكري بين تيار العقلانيين بالسبعينيات الذين اعتبروا أن هذا دروشة ودجل.
بعيدًا عن قصة شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود مع حرب 10 رمضان والتأييد لها ومعارضتها، إلا أن هناك شيء آخر عن النبؤات الدينية لم يتكلم عنه الكثيرين وهو مقال مفتي الجمهورية الشيخ أحمد محمد عبدالعال هريدي الذي كتبه بعد النكسة بعام واحد ونُشِر في الصفحة السابعة من جريدة الأهرام يوم الجمعة 23 رمضان عام 1388 هـجري الموافق 23 نوفمبر من العام 1968 م، وكان عنوانه «رمضان والقرآن ومواجهة الأعداء في معركة النصر».
مقالة النبوءة بشأن حرب 10 رمضان
كتب الشيخ أحمد محمد عبدالعال هريدي عن الأشياء التي يوحيها رمضان، فهو مثلما يوحي بثورة الحق على الباطل، يوحي أيضًا بضرورة التنظيم القيادي من أجل النصر الحقيقي وليس النصر المبني على كثرة العدد ووفرة العدة، ومثلما أن الصوم يعطي الصبر، فيجب أن تكون روح القتال حاضرة مع الصبر عند اللقاء.
ضرب الشيخ هريدي في ذلك المقال عن فلسفته تلك عدة أمثلة من التاريخ الإسلامي أسقطها على الواقع، فكان مثاله الأول غزوة بدر التي قاتل المسلمين بإمكانيات أقل من إمكانيات كفار قريش لكنهم انتصروا بالعزيمة والإيمان.
اقرأ أيضًا
“أرشيف أخبار يوم 9 رمضان زمان” معركة ناجحة لجنود الجيش المصري في حرب الاستنزاف
ولأن تحقق النصر يحتاج صبرًا استلهم الشيخ هريدي من قصة فتح مكة التي جرت في شهر رمضان دليلاً على ذلك، فقد حدثت في رمضان بعد سنوات من التشريد والاضطهاد.
بهذين النموذجين «معركة بدر وفتح مكة» أسقط هريدي على الواقع في مصر ما بعد النكسة على أساس أن يكون رمضان عاملاً للنصر على العدو، وعن هذا قال مفتي الجمهورية «يطالعنا رمضان هذا العام ونحن في وضع قلق ومثير لا ترتاح إليه نفوسنا ولا نستطيع الصبر عليه إلا نستطيع إعادة الأمور إلى أوضاعها الطبيعية، هذا الوضع فرضته علينا الحرب الغادرة التي شنتها إسرائيل بتأييد ثائر محموم على أوسع نطاق من الاستعمار ووقعت فيه أجزاء من أرضنا وأرض عربية عزيزة علينا في قبضة العدو واحتلاله».
وتابع مفتي الجمهورية مقاله “يجب أن لا يلفتنا انفطار نفوسنا وألمنا عن واجب الدفاع عن الوطن وتطير أرضه من دنس الصهيونيين ورجسه”، موجهًا دعوة للمقاتلين بروح شهر رمضان بقول الله تعالى انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ.
من هو الشيخ هريدي ؟
بقيت السيرة الذاتية كاملة عن الشيخ أحمد محمد هريدي مجهولة حتى أصدرت دار الإفتاء موسوعتها فجاءت ترجمة الشيخ في الجزء الأول من تلك الموسوعة البالغ عدد أجزاءها 40 جزءًا، فالشيخ أحمد محمد عبدالعال هريدي من مواليد بلدة الفقاعي مركز ببا في محافظة بني سويف يوم 15 مايو سنة 1906م، والتحق بالأزهر بعد إتمامه حفظ القرآن الكريم ليلتحق بكلية الشريعة ويكون أول المتخرجين منها ثم تخصص في كلية القضاء الشرعي لمدة عامين حتى تخرج عام 1936 م.
تنوعت وظائف أحمد محمد عبدالعال هريدي خلال العصر الملكي، إذ تقول الموسوعة الإفتائية أنه عُيِّن بالقضاء الشرعي وتقلَّد معظم المناصب القضائية بالقاهرة، فعمل في وظيفة موظف قضائي وهي الوظيفة المماثلة لمنصب وكيل النيابة في النظام المدني، ثم تم تعيينه قاضيًا من الدرجة الثانية عام 1941م، واختارته وزارة العدل للتفتيش بالقضاء الشرعي، ثم عُيِّن قاضيًا من الدرجة الأولى سنة 1948م.
مع النظام الجمهوري تم اختياره وكيلاً للمحكمة الكُلِّية الشرعية عام 1954م ثم رئيسًا لمحكمة المنصورة الشرعية، ثم رئيسًا للنيابة بمحكمة النقض عقب إلغاء القضاء الشرعي عام 1955 أختير مفتيًا للديار المصرية في 26 يونيو 1960 م.
ظل الشيخ أحمد محمد عبدالعال هريدي مفتيًا للجمهورية حتى 1966 ثم تم التجديد له 4 مرات حتى عام 1970 وأصدر في 10 سنوات 8983 فتوى لا زالت موجودة في سجلات الدار حتى الآن، وبعد خروجه منها عين كعضو في مجمع البحوث الإسلامية عام 1973 ثم عضوًا في مجمع اللغة العربية عام 1979 وعضوًا بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
لمفتي الجمهورية الأسبق إسهامات عديدة ومؤلفات شتى في الفقه الإسلامي حيث كتب عن القضاء والزكاة ورؤية الهلال والشهادة وقتل الجاسوس، وتوفي في شهر مارس عام 1984م
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال