همتك نعدل الكفة
90   مشاهدة  

6 دلالات وراء قدرة مصر خلال عهد الرئيس السيسي على حل مشاكل لبنان

مساعدات مصر للبنان


شهدت لبنان حراكًا دوليًا كبيرًا بعد حادثة انفجار المرفأ؛ بهدف تقديم يد العون للبنانيين على الصعيد الإغاثي والاقتصادي، والعمل على تشكيل حكومة جديدة من الكفاءات تأخذ على عاتقها انتشال البلاد من أزماته التي ازدادت تعقيدًا وأضحت أقرب إلى مرحلة الانهيار، إلا أن هذا الحراك الدولي لم يسفر حتى الآن عن تشكيل هذه الحكومة المرجوة.

يذكر تقرير صادر عن المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن زيارة رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري إلى القاهرة (3 فبراير) كشفت عن دور بارز تلعبه مصر في العمل على حلحلة هذا الجمود، يُضاف إلى الدور المهم الذي تلعبه القاهرة منذ شهور في تقديم الدعم الإغاثي والصحي للبنان على إثر أزمة انفجار مرفأ بيروت، وازدياد حدة وخطورة انتشار فيروس كورونا المستجد بين اللبنانيين.

دعم متواصل

لبنان

كانت مصر من أوائل الدول التي سارعت إلى إغاثة لبنان بعد واقعة انفجار المرفأ، وسيّرت على الفور جسرًا جويًا متواصلًا محمّلًا بمساعدات كبيرة ومتعددة تراعي متطلبات لبنان واحتياجاته في هذا الظرف تراعي متطلبات القطاع الطبي والصحي الذي كان يواجه أزمتين في آن واحد وهما تداعيات الانفجار وأزمة فيروس كوفيد-19، بجانب كميات كبيرة من المواد الإغاثية، فضلًا عن مواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار. وتعد مصر هي الدولة الأكبر في تقديم مساعدات إلى لبنان بفارق كبير عن بقية الدول. وقد استمر هذا الدعم؛ إذ قامت وزيرة الصحة بزيارة بيروت (28 يناير) لدعم القطاع الصحي خلال مواجهة جائحة كورونا، برفقة مساعدات طبية من أدوية ومستلزمات وقائية وأجهزة طبية.

وسياسيًا، كان الانخراط المصري في الأزمة اللبنانية نابعًا من الحرص على استقرار الوضع اللبناني والخروج من هذه الأزمات المتعددة بأقل قدر من الخسائر، لا سيّما وأن المنطقة لا تحتمل اشتعال أزمات أخرى. ومن هذا المنطلق حرصت مصر على تقديم كافة أشكال الدعم السياسي للبنان، من خلال اتصال الرئيس عبد الفتاح السيسي بالرئيس اللبناني ميشال عون عقب انفجار المرفأ، والمشاركة في مؤتمري المانحين الدوليين اللذين تمّا (9 أغسطس – 2 ديسمبر 2020) وحث خلالهما الفرقاء اللبنانيين على ضرورة النأي بوطنهم عن التجاذبات والصراعات الإقليمية وتركيز الجهود على دعم مؤسسات الدولة الوطنية.

هذا بجانب وقوف القاهرة من خلال سفارتها في بيروت على مسافات متساوية من جميع الأطراف اللبنانية، وعقد لقاءات مع مختلف القوى للعمل على تقريب وجهات النظر، ومنها اتصالات السفير المصري لدى بيروت مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وعدد من الوزراء وكذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري. إذ لدى مصر مقاربة عالية الدقة تجاه لبنان بهدف تحقيق صالح الشعب اللبناني حسب تصريح وزير الخارجية اللبناني شريل وهبة (17 ديسمبر 2020).

جهود تشكيل الحكومة

لبنان

انخرطت مصر في مساعي تشكيل الحكومة اللبنانية عبر تأكيد ضرورة تغيير سلوك تشكيل الحكومة، والتعاطي الداعم والإيجابي مع المبادرة الفرنسية القاضية بتشكيل حكومة من المستقلين والكفاءات بعيدًا عن المحاصصة بين القوى السياسية. ولذلك عملت مصر بعد أن تم تكليف سفير لبنان لدى برلين السابق مصطفى أديب بتشكيل الحكومة (31 أغسطس 2020) على جسر الهوة بين الفرقاء إبان الخلاف على بعض الوزارات وطرق اختيارها، وتمسك حزب الله باختيار من يشغل منصب وزير المالية، انتهاءً باعتذار أديب عن التكليف، وتكليف رئيس الوزراء السابق سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة (22 أكتوبر 2020).

وتأتي زيارة الحريري الأخيرة إلى القاهرة في ظل مشهد سياسي لبناني شديد التعقيد، إثر خلاف كبير بين الحريري وقوى 14 آذار من جهة، والرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وقوى 8 آذار من جهة أخرى. وساهم هذا الخلاف في عرقلة جهود تشكيل الحكومة اللبنانية لأكثر من ثلاثة أشهر منذ تكليف الحريري. وجاءت هذه الزيارة متزامنة مع لقاءات يعقدها السفير المصري لدى بيروت مع المسؤولين اللبنانيين؛ إذ التقى السفير ياسر علوي بالرئيس اللبناني ميشال عون (2 فبراير) والتقى برئيس مجلس النواب نبيه برّي (4 فبراير) لعرض مجمل الأوضاع العامة وآخر المستجدات السياسية في لبنان.

ملاحظات ودلالات

لبنان

من هذا المنطلق يمكن الوقوف على عدد من الملاحظات حول زيارة رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري إلى مصر، ولقائه بكل من الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري ورئيس المخابرات العامة السيد عباس كامل.

 

1 – الجهود السياسية المصرية في فك استعصاء الملف السياسي اللبناني تمت بتنسيق تام مع فرنسا التي بادر رئيسها إيمانويل ماكرون إلى زيارة بيروت عقب انفجار المرفأ وطرح مبادرته بتشكيل حكومة مهمة لبنانية تكون مهمتها الرئيسة هي انتشال لبنان من أزمته الاقتصادية عبر التفاوض مع صندوق النقد الدولي. وهو ما عبّر عنه الرئيس السيسي خلال لقائه بالحريري بتأكيد ضرورة “قيام كافة القادة اللبنانيين بإعلاء المصلحة الوطنية، وتسوية الخلافات، وتسريع جهود تشكيل حكومة مستقلة قادرة على التعامل مع التحديات الراهنة”.

 

وقد شهدت الأيام القليلة الماضية تواصلًا مصريًا فرنسيًا مع مختلف الأطراف في لبنان لدفع عملية تشكيل الحكومة. وأثمرت هذه الجهود عن تحقيق اختراق ما عبّر عنه رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل نبيه بري من خلال بيان (1 فبراير) قال فيه ” إنّ العائق ليس من الخارج بل من عندنا، وطالما الاتفاق أن تكون الحكومة من اختصاصيين، وألا ينتموا إلى أحزاب أو حركات أو تيارات أو لأشخاص فهذا المبدأ يسري على الجميع من دون استثناء”.

 

2 –  تأتي زيارة الحريري في ظل تجاذبات مشحونة بينه وبين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وسط تقارير تشير إلى تعمد باسيل عرقلة تشكيل الحكومة والضغط على الحريري لكي يعتذر عن التكليف مثلما فعل مصطفى أديب. ومن ثم تمثل الزيارة والحراك السياسي الذي سبقها وصاحبها دعمًا للحريري وللمبادرة الفرنسية.

إقرأ أيضا
أحداث غزة

 

3 – قد تمثل زيارة الحريري إلى القاهرة بداية لانفتاح لبناني عربي يشمل زيارات أخرى، مثل الزيارة التي أجراها إلى الإمارات نهاية العام الماضي –حسب تقارير لبنانية- ضمن مساعي رئيس الوزراء المكلف للحصول على دعم عربي للبنان خلال الفترة المقبلة، وهو ما لن يتحقق بالطبع إذا شُكّلت حكومة كالحكومة السابقة من حيث وجود حزب الله وسيطرته عليها.

 

4 – المشهد اللبناني المتأزم سياسيًا شهد خلال الأسابيع الماضية تأزمًا على الصعيد الشعبي أيضًا؛ إذ خرجت مظاهرات في طرابلس –ثاني أكبر المدن بعد العاصمة بيروت – تحولت إلى اشتباكات عنيفة وأعمال تخريب. وهي المدينة التي تسيطر عليها حالة من الراديكالية مدفوعة بحالة الفقر الشديدة التي يرزح تحتها أهلها، والنشاط التركي غير الخفي هناك لاستغلال هذه الحالة، وهو ما دفع الحريري إلى زيارة أنقرة (8 يناير) ولقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

 

5 – يستدعي مشهد العنف والتطرف في شمال لبنان تنسيقًا مصريًا لبنانيًا؛ فالدور التركي وتنامي النشاط الإرهابي في طرابلس يمثلان تهديدًا للأمن القومي المصري والعربي.

 

6 – لا يمكن الرهان المطلق على إمكانية تحقيق انفراجة في حل الأزمة السياسية اللبنانية على وقع الحراك السياسي والدبلوماسي الدولي الأخير لحل الأزمة، إلا أن هذا الحراك بجانب ضغوط دولية أكبر ومنها من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة يمكن أن تُمارس على الأطراف المعطلة في المشهد اللبناني لحل هذه الأزمة، وخاصة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الحليف الأبرز لحزب الله، والذي سبق وطالته العقوبات الأمريكية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب (6 نوفمبر 2020) بعد أن اتهمته واشنطن بلعب دور رئيس في الفساد في البلاد، يمكن أن تحقق اختراق.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان