داليا زيادة .. كل شئ (حتى) الخيانة يجوز !
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أقلب الغريب كقلب أخيك؟ .. سأل الشاعر الكبير أمل دنقل هذا السؤال الاستنكاري قبل عقود، في قصيدته التي تعتبر هي دستور المرحلة، في مصر والعالم العربي .. حيث يتداولها الناس وكأنها كُتبت صبيحة اليوم، وبنفس درجة الانفعال والإحساس بل ويزيد .. وكان “دنقل” قد سأل هذا السؤال مسترخيًا، ولم يتخيل –وهو الشاعر خصب الخيال- أن يأتي اليوم ويهب واحد من الجمهور واقفًا ويصيح قائلًا : نعم، قلب الغريب كقلب أخي . لكنك يا (عم) دنقل رحلت لنرى نحن بأعيننا هذا الخيال الذي يفوق خيال مروجي ظهور الكائنات الفضاية بمراحل !
أعيناه كعين أخيك؟ .. لو تخيلنا أننا سنخطو على خطى الباحثة داليا زيادة، وأن فعلًا عين الأخ ترى كعين الغريب، وأننا كمصريين لا تجمعنا بفلسطين أيًا من الروابط، ونظرنا على المشهد وكأننا قادمين من كوكب المريخ، بلا انحيازات ولا توجّهات ولا مصالح، ونسينا العروبة وأهدرنا الدماء ورفقة السلاح، ومزقنا جوابات جنود 73 المُرسلة إلى الجبهة الداخلية مع ساعي البريد لكنها ليست ككل الجوابات، فقد كُتبت بالدم والدموع والآلام .. ولو أفقدنا نفسنا بنفسنا الذاكرة الوطنية، ونسينا العدو الأول لمصر والعرب والعالم، ولو قررنا أن يتخلى كل الدم في عروقه والإحساس في قلبه والعدل في رأسه وأصبحنا مثلًا كالإنسان الآلي .. ولو قررنا أن نتحدث لـ “زيادة” بشكل عقلاني وهادئ وهو الأمر الذي لا يستدعي عقلانية أو هدوء .. فإننا وبكل بساطة سنقول الآتي.
تصريح سابق لداليا زيادة قبل حركة 7 أكتوبر 2023
هل تتساوى يد سيفها كان لك بيد سيفها أثكلك؟ .. قررت الباحثة داليا زيادة أن توهمنا أنها تحدثنا من على أرض الحيادية والمنطق، وبحسب المنطق فلا يمكن أن نساوِ بين القاتل والقتيل، وهذا المعمول به في كل محاكم العالم .. فمثلًا هناك منشور قد شاركته عبر حسابها الموثق عبر “فيس بوك” لطفل فلسطيني المظهر يقف بجوار طفل صهيوني المظهر، وتحاول “زيادة” ترويج فكرة أن الطرفين مظلومين وهم من يدفعون الثمن .. أي ثمن هنا؟ فالطفل الفلسطيني قد مات وشُرّد وتسوَّل الطعام في المخيمات ولقَّن أخيه الشهادة وبحث عن أمه في الركام وبكى كما لم تبكي الثكالى وفقد مستقبله، وتعليمه، وحتى شربة الماء .. والآخر هذا الطفل الصهيوني الذي تطمئنه قوى العالم ببوارجها وطائراتها ودبابتها ألا مساس بك أنت في معية العالم .. ولنلجأ إلى الأرقام كما تفضل الباحثة .. هناك 5000 طفل فلسطيني –حتى الآن- قد استشهدوا، فكم هي الخسائر في صفوف شعب دولة الكيان الصهيوني من الأطفال؟ .. أين المنطق الذي تحاولين به إثبات أن اليد التي هي لك، كاليد التي أثكلتك ؟!
وكما كان دنقل شاعر الفصحى الأشهر، كان فؤاد حداد “عم” العامية الأشهر والألطف والأرشق، يقول مُلخصًا قانونًا هو الأهم : كل شئ إلا الخيانة يجوز .. وكانت داليا زيادة قد خانت منطقها، وخانت تلك الأرضية الحيادية التي تحدثنا من خلالها، فقضية فلسطين ليست إلا قضية الإنسان قبل أن تكون قضية المصري والعربي، وتلك المواقف التي تمرق عن صف الشعب المُلتحم بقيادته السياسية ما هي إلا شق للصف القومي، فالجميع الآن يرى أن ما يحدث في فلسطين في عمومه “مقاومة” للعدوان الذي سرطَن الأرض منذ 70 عامًا ويزيد، وأن دولة الصهاينة هي دولة “مُحتلة” باعتراف العالم، وحتى كبير المُطبّعين الكاتب علي سالم كان يقول عن الصهاينة : هم أشرار لكنهم ليسوا حمقى، لكن داليا زيادة تحاول إقناعنا أنهم ملائكة من السماء، والحقيقة أن الأشرار والحمقى هم المطبعين لا أكثر!
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال