وثائقي أسامة أنور عكاشة ..دقائق من الإبداع الخالص
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عَرفت أعمال الكاتب والسيناريست الكبير “أسامة أنور عكاشة” تنوع ورؤى عبقرية أثرت الأدب التلفزيوني، وكانت أعماله التي قامت على كسر التابوهات المُسلم بها، هي نقطة تحول كبرى في تاريخ الأعمال الدرامية المصرية.
وطوال مسيرة” عكاشة” التي امتدت لقرية 40 عامًا كان هناك عدد من التحولات الفكرية التي طغت على أعماله الأدبية، ويمكننا القول طغت على شخصيته في المجمل، فقد عُرف عنه مثلًا تعاطفه الواسع مع الناصرية والانحياز لها، لكنه قدم عكس ما هو متوقع؛ قدم العمل الدرامي الخالد في ذاكرة الدراما المصرية ” ليالي الحلمية”؛ العمل الذي تناول التحولات السياسية والاجتماعية في بنية المجتمع المصري بعد نكسة 1967م، وما أصاب هذا المجتمع من انهيار تام على المستوى العام.
ورغم تأثر ” أسامة أنور عكاشة” بالآداب الغربية لا سيما الفرنسية والإنجليزية، إلا أن أعماله الدرامية طرحت تساؤلًا ملحًا، تساؤلًا مُلغزًا يتعلق بالهوية المصرية، وقد فطن القائمون على العمل الوثائقي المبدع” أسامة أنور عكاشة” لهذا التساؤل.
الفيلم الوثائقي” أسامة أنور عكاشة ” أحد الروائع التي قدمتها الوثائقية المصرية خلال الفترة الماضية، وقد بدأ بالإجابة على تساؤل” عكاشة” ( من نحن؟ )، ولأن الإبداع خالص في فريق العمل القائم على الفيلم، استطاعوا بقدرة عالية طرح هذا التساؤل والإجابة عنه طوال الفيلم بجزأيه.
“أنا مدين للمكان والزمن والشخصيات.. أنا السؤال والجواب.. الحياد في الفن أكذوبة.. ساعة ما نعرف احنا مين، هنعرف احنا عايزين إيه..”، كل هذه المقولات الخالدة لـ”عكاشة” ظهرت في بداية الفيلم تعبر عن مدى دقة فريق العمل في اختيار ما كان يبحث عنه “أسامة” في أعماله.
كما أن هناك لقطة مميزة ومثيرة،و أراها لقطة الفيلم، حينما كُتب اسم” زيزينيا” في جدارية على الحائط في أول لقطات العمل وبجوارها جملة أخرى ” أنا السؤال والجواب”، وكأن ما نبحث عنه موجود في مسلسل ” زيزينيا”، والواقع أنه نعم ما بحث عنه “عكاشة” موجود في هذا العمل الخالد.
تفاصيل الفيلم كثيرة وكل تفصيله في مكانها الصحيح، نجحت هذه التفاصيل في سرد وتحليل مراحل أسامة أنور عكاشة” الفكرية، ورؤاه السياسية، بحيث في كل مرة ترى فيها هذا الوثائقي تكتشف أمرًا جديدًا على صعيد الصورة، والسيناريو، والمعلومات الواردة، إما عن طريق التعليق الصوتي، أو المقابلات الشخصية المتنوعة والثرية.
وبعد متابعة الفيلم ومشاهدته أكثر من مرة، أستطيع القول أن هذا الفيلم الوثائقي نجح في طرح رؤى” عكاشة” الفكرية ومدى تأثيرها على الدراما التلفزيونية وملامحها، في إبداع متناهي، إلى جانب الإبداع في عملية البحث عن أصالة المعلومة، التي قامت بها معدة العمل” بسمة تليمة”.
كما أن العمل الوثائقي على صعيد التصوير، مميز وكل صورة تعبر عن المضمون المطروح في المقابلات الشخصية والمعالجات الأخرى في تناغم واضح ومريح بصريًا، وكأن الصورة جزأ من تكوين ” بيشوي عاطف” مدير التصوير.
أما عن التعليق الصوتي،فإنه حمل لغة عميقة غير متكلفة وواضحة بالنسبة للجمهور العادي، كتبها “بلال مؤمن”، وعلق صاحب الصوت الأصيل”حسن الشاذلي ” عليها.
وأخيرًا كبير العمل وصاحب السيناريو والرؤية البصرية الكاملة، والمشرف العام على تفاصيل الفيلم من البداية للنهاية المخرج الموهوب ” إبراهيم السيد”، الذي أوضح العمل مدى هضمه لشخصية ” عكاشة” بتفاصيلها الدقيقة وتحولاتها وكأنه عاش معه طوال حياته.. وثائقي أسامة أنور عكاشة خلاصة اهتمام وبحث وصدق وتحضير وتنفيذ وحب.
اقرأ أيضًا : طعم البرشا .. وثائقي عرضته cbc من إنتاج الشركة المتحدة وتنفيذ cmc
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال