87 مشاهدة
ما هي الموسيقى القومية؟
القومية هي القوة الكبرى في العصر الحديث وهي المحرك الأول للأحداث التاريخية، ويحدثنا علم الاجتماع بأن القوم أو الشعب جماعة تربط بعضها ببعض أواصر مشتركة تدعوها لإرادة تكوين دولة خاصة بها في إقليم معين تعتبر نفسها صاحبة السيادة عليه وصاحبة الحق في تنظيمه سياسيا، وينشأ هذا الترابط عن عوامل تاريخية تحتل اللغة والدين والثقافة المشتركة أهمية خاصة بينها.
والحركات القومية تستند دائمًا إلى حركات ثقافية تستمد منها مصداقيتها وقوتها، فهي تجسد الأبعاد الروحية للحركات القومية السياسية وتعمق أواصر الترابط الموحدة بين أبناء الشعب أو الأمة.
وقد كان البحث عن الهوية وراء ظهور مدارس الموسيقى القومية في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر لأول مرة في بوهيميا وروسيا واسكاندينافيا وأسبانيا وبريطانيا والمجر.
وقد يثار أن عصر النهضة المتأخر أرخ لمدارس موسيقية ينسب مؤلفوها لبلدانهم، كالمدارس الإيطالية والإنجليزية.
أما مدارس الموسيقى القومية في القرن الماضي فتمثل تحولًا كبيرًا في مسار الموسيقى الغربية الفنية، بما أضافته إليها من قيم موسيقية جديدة مستمدة من تراثها ومميزة لكل منها وقد نشأت هذه المدارس في ظل رومانسية القرن التاسع عشر.
وكانت هذه الرومانسية مدفوعة بشوق الرومانسيين للعودة للماضي، وحنينهم لبساطة الريف وبدائيته وحبهم للوطن، وعشقهم للطبيعة ولكل ما يهربون به من واقعهم المصطنع والمفرط في التمدن، ولمست هذه المعاني وترًا حساسًا لدى شعوب أوروبية صغيرة كانت تسعى للتحرر السياسي ولتأكيد هويتها الثقافية كجزء مكمل له.
اقرأ أيضًا…عبير نعمة وبلا ما نحس الذي عبرت عن الحب المكبوت
وأضاف إلى ذلك شعورها بالثورة ضد سيطرة ألمانيا وإيطاليا وفرنسا على الموسيقى الفنية الأوروبية، ومن تفاعل هذه العوامل خرجت الموسيقى القومية؛ موسيقى سميتانا ودوفر جاك في تشيكوسلوفاكيا وجلينكا وبرودين وبالاكيريف وموسورسكي ورمسكي كورساكوف في روسيا، وجريح النرويج والبينيز وجرانادوس في أسبانيا وإلجار في بريطانيا وليست في المجر وشوبان في بولندا.
بل ولد الاتجاه القومي حماسًا لدى مؤلفين من جنسيات أخرى جعلهم يكتبون موسيقى ذات صبغة قومية لبلاد غير بلادهم، مثل مقطوعات برامز المجرية وموسيقى جلنكا ورمسكي كورساكوف وبيزية الأسبانية وأعمال إيطالية لتشايكوفسكي.
وقد توصل القوميون لأساليبهم القومية عن طريق الاستلهام من الموسيقى الشعبية والجذور.
اكتشفوا منابعهم من أحد المصدرين، الموسيقى الشعبية والفلكلور وكذلك الموسيقى الدينية.
ومن هنا كانت الموسيقى القومية.
المصدر
كتاب القومية في موسيقى القرن العشرين تأليف دكتورة سمحة الخولي
الكاتب
ما هو انطباعك؟
