مسلسل مليحة .. فلسطين في الرواية المصرية
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
“أخ يا فلسطين” .. يمكن اعتبار تلك الكلمات البسيطة مُفتتح مختصر عما شاهدناه –حتى الآن- من مسلسل “مليحة”، ومسلسل مليحة هو واحدة من الأعمال الدرامية ذو الـ 15 حلقة، والتي تُبث في النصف الثاني من الموسم الدرامي الرمضاني 2024 العديد من مسلسلات الـ 15 حلقة بعد نصف الموسم الأول الذي حقّقتى معظم أعمالُه نجاحًا كبيرًا على المستويين الشعبي والنقدي .. ولمسلسل “مليحة” خصوصية كبيرة عن غيره من الأعمال الدرامية .. في توقيت العرض، وطريقة المعالجة، وزاوية المسلسل.
ومسلسل مليحة .. مسلسل يحكي عن القضية الفلسطينية .. لكن العبارة –وعلى بساطتها- يمكنها أن تجعل مؤلفه في مأزق شديد .. وإن كنت في موضع رشا الجزار مؤلفة العمل، حتمًا سوف تسأل نفسك ثلاثة أسئلة رئيسية قبل الشروع في الكتابة .. أولًا : أي زاوية سيتناول العمل في قضة تحمل آلاف الزوايا؟ .. ثانيًا : في أي حقبة زمنية سينحصر العمل؟ .. والثالث والأهم هو السياق الذي ستُعرض من القضية من خلاله .. والحقيقة أن الحلقات الثلاثة الأولى قد جاوبت عن المحاور الرئيسية الأساسية لمسلسل يناقش قضة حسّاسة ومُعمّقة ومتشعبة الجذور والزوايا.
“أخ يا فلسطين” .. كانت تلك الكلمات على لسان الفنانة اللبنانية ديانا رحمة التي تلعب دور جدة الفنانة الفلسطينية سيرين خاس”مليحة” والتي تلعب دور البطولة “مليحة” .. في مشهد يلخّص سياق المسلسل ككل، حيث تهجير الفلسطينيين من بيوتهم والذي لا تُمحى آثاره من ذاكرة مليحة كلما شردت أو خَلت إلى نفسها، حتى إنها مازالت تحتفظ بدمية العروسة التي حاول جندي تابع للكيان الصهيوني تدميرها أثناء تهجير عائلة مليحة بعد التعدي على ديارهم .. ومن مخيم النازحين إلى ليبيا تستقر مليحة، وبعدما تكبر تعمل كممرضة في مستشفى ليبية برفقة طبيب مصري، ومن ثم تحدث الفوضى الليبية العارمة فتدخل في آتون التهجير مرة أخرى بعد عمليات قتل وتشريد من قِبَل الجماعات الإرهابية التي نشبت براثنها في الجسد الليبي حتى أردته مُفتتًا .. ولكن الهجرة تلك المرة إلى أرض الكنانة .. إلى مصر.
وتلتحم القضية الفسطينية التحامًا غير مباشرًا مع الأحداث .. فهي السبب والنتيجة .. الوسيلة والغاية .. التاريخ والحاضر .. حيث تبدأ الحلقات بجانب وثائقي يُسرَد فيه جانب من تاريخ نشأة الصراع بين دولة الكيان الصهيوني والعرب، من خلال الاستيطان في فلسطين على جثث الأطفال والشيوخ والنساء، وربما الحيوانات .. وتلك الدسائس والمؤامرات الدولية التي آلت إلى تشكيل ما يشبه الدولة اليهودية الصهيونية الدموية على أراضِ عربية .. وطبخَت المؤلفة رشا الجزار والمخرج عمرو عرفة وجبة دسمة بها المأساة العربية القديمة، والحروب العربية الجديدة القديمة على الجماعات الإرهابية التي تهدف إلى تفجير الأوطان من الداخل تحت رايات دينية، والفدائية المصرية في التصدي لتلك الموجات الإرهابية التي نجحت في تحقيق أهدافها في مناطق أخرى لكنها قد تحطمت على الصخرة المصرية .. وعلى تلك السياقات المختلفة المُدمجة في سياق واحد يسير مسلسل مليحة، ونسير معه.
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال