همتك نعدل الكفة
115   مشاهدة  

رحلة عمرو دياب من الهوس بالنجاح إلى الهوس بالذات (1)

عمرو دياب
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



عندما تأتي سيرة المطرب عمرو دياب تظهر العديد من الأراء أغلبها يصب في مفهوم واحد هو الذكاء ولا شئ غيره، نجح في تصدير تلك الصورة إلى الجمهور وترك الكل يتصارع عليه ما بين مدافع ومهاجم دون أن يتطرق أحد للحديث عن فنه المائع الواقع تحت مقصلة التسليع وأكل العيش على طريقة “تبزنس تعيش لاّخر حياتك”،يرمي كل هذا خلفه ويسير متسلحًا بجيشًا جراراً من الجمهور والنقاد يغفر له زلاته ويحمل أغنياته الضعيفة جدًا ما لا يحتمل ثم يدخله في مقارنة رابحة و رائجة جدًا بينه وبين جيله المختفي عن الساحة ليصبح مجرد ذكره مقترنًا بالذكاء والنجاح حتى لو كانت تكرس لمفهوم واحد هو عبادة النجاح ومن ثم عبادة الذات ولم أستعجب كونه حاليًا يفتتح حفلاته وأفراحه بأغنية “يا أنا يا لاء محدش تاني” فهذا يتسق أكثر مع شخصيته الحالية.

اسمي عمرو دياب

بناءً على ترشيح من الموسيقار هاني شنودة ظهر عمرو دياب لأول مرة على شاشة التليفزيون المصري صحبة المذيعة فريال صالح، في البداية عرف نفسه ببساطة “عمرو دياب” طالب في المعهد العالي للموسيقى وهي الصفة الكفيلة بإبطال أي محاولات هجوم عليه ممن يدعوا الحفاظ على مهنة الغناء من الدخلاء،بدا عمرو خجولًا جدًا يتحرك بتوتر امام الكاميرا لا يعرف كيف يصيغ الجمل كي يجيب على تساؤلات المذيعة حول ما سوف يضيفه إلى مشهد الغناء المصري.

كان بسيطًا عفويًا لا يدعي التكلف يحاول أن يعبر عن نفسه وعن جيله “كان عمره وقت الحوار 21 عامًا”يصيب أحيانًا وأحيانًا تخونه الكلمات فلا يستطيع التعبير، يذكر أغنية “أحضان الجبل” التي كتبها الشاعر هاني زكي ولحنها هاني شنودة واصفًا إياها بأنها أغنية لمصر بمعالجة مختلفة، لم أصدقه هو ينطق كلمات الأغنية التي سوف يغنيها لاحقًا في شريط “يا طريق يا طريق” وكأنه غير مقتنعًا بها يسري بداخله حوارًا غيرمسموعًا ليس هذا ما أريده أو أجيده.

YouTube player

لم يمر وقتًا طويلًا حتى خرج من فلك موسيقى هاني شنودة وأشعار عبد الرحيم منصور وعصام عبد الله بعد أن أدرك أن المنافسة مستحيلة مع جيل الوسط”محمد منير،على الحجار،مدحت صالح، محمد الحلو” وأن الثوب الذي ارتداه في البداية لا يتناسب معه، بدأ يتعامل في حدود المتاح إمكانيات صوتية تبدو ضعيفة بالمقارنة مع الأصوات السابق ذكرها ، لكن يعوضها طاقة جبارة على المسرح ومغامرة قرر أن يخوضها لعل وعسى تحدث إنقلاب في المشهد لصالحه.

زلزال 88

جرت مياه كثيرة في نهر الموسيقى بعد زلزال عام 1988 حيث وضع عمرو قدمه على طريقة النجومية الحقيقة بعد تعاونه مع حميد الشاعري في شريط “ميال” حيث صنع له جمهوره الخاص بعد أن كان مجرد اسمًا من ضمن أسماء عديدة تنشط في مشهد البوب المصري.

اتساع نجومية عمرو دياب لم يرضي الكثيرين من بعض أقطاب الجيل القديم حيث بدأت الصحافة في الهجوم على ما اسمته بـ موجة الأغنية الشبابية وبالطبع نال عمرو النصيب الأكبر من هذا الهجوم بصفته أحد أقطابها الرئيسين.

في حوار شديد الرداءة ولا يمت للمهنية بصلة استضافه المذيع و المحاور مفيد فوزي حيث أعد العدة للإيقاع به في فخ تصريحات تدينه، في تلك الفترة كانت صدرت أغنية “من غير ليه” للموسيقار محمد عبد الوهاب والتي روج لها من الإعلام الرسمي بأنها سوف تعيد الغناء إلى أصوله،عقد فوزي مقارنة بين “من غير ليه” وأغنية “ميال” التي كانت تكتسح مبيعات الكاسيت ثم مرر رأي عبد الوهاب في الأغنية الشبابية وأنها لا تصلح سوى للغناء في الأندية الليلة فقط يقصد “الكباريهات” ليرد عمرو بكل هدوء “وجهة نظر”،لم يعجب فوزي الرد ويبدو أنه كان مصرًا على استفزازه وبدأ في تصيد الأخطاء لمجرد تلويح عمرو بيده عند الرد ثم أصابه الخرس على رد عمرو الذكي جدًا على مقولة عبد الوهاب “الجمهور مات” “مكنش الجمهور سمع أغنية من غير ليه يبقى فين الجمهور اللي مات”.

YouTube player

ظهر فوزي منفصلًا عن الواقع الغنائي المصري ينحاز لحقب فنية انتهت واختفت من على الساحة ويعقد مقارنات بين أغنيات عمرو وأغنيات عبد الحليم في محاولة تسطيح تجارب الأغنية الشبابية أما عمرو فكان عكس ما ظهر أول مرة، فطن لفخاخ فوزي التي نصبها له من البداية كان واثقًا من ردوده يعبر عنها بسهولة دون صدامية.

أهل الكهف سباحة زمنية تستحق الإشادة رغم كل شئ

بدأ عمرو في تلك الفترة إدراك أن الصدام لن يجلب له سوى المتاعب لذا نجد أغلب حوارته تتسم بالهدوء والرزانة والثقة بالنفس، يهاجم على صفحات مجلة الشبكة اللبنانية بأنه صنع من اللا شئ شئ، ليرد بكل ثقة لا تخلو من غرور “رسالتي إسعاد الناس وإرضاء أكبر عدد ممكن من الشبان والشابات، جمهوري ضخم وعشاق فني يتضاعفون يومًا بعد يوم، لوني ناجح حتمًا لأنه ينضوي تحت لواء جمهور كبير يعم الشرق والغرب”، كانت فترة هجوم عليه لكن ردوده كان مخرجها الأساسي هو التأسيس لمبدأ أن النجاح الجماهيري مرتبط بمبيعات الكاسيت والحفلات المكتظة بالجمهور وليس بالضرورة يرتبط بالقيمة الفنية.

إقرأ أيضا
العقل
عمرو دياب
حوار عمرو دياب مع مجلة الشبكة عام 91

انا جوا دماغي حاجات هتغير وجه الكون

كانت قمة الغناء في التسعينات مسطحة بحيث تسع أسماء عديدة تبدل مواقعها وأحيانًا تخرج منها، ظل عمرو الوحيد المحافظ على تواجده بداخلها لم يخرج إلا مرات قليلة لا تذكر، يقود مشروعه الغنائي بنفسه دون الحاجة إلى مساندة من أسماء كبيرة أو يدخل تحت مظلة شعار موسيقي، ينحي علاقاته الشخصية جانبًا ويتعامل ببراجماتية فنية؛ يختلف مع حميد الشاعري أشهر صانع نجوم الفترة لا يقع أو يتوقف، يملك البديل الجاهز وفق متطلبات مشروعه لا تهم الأسماء ، يعود لحميد الشاعري مادام النجاح مستمر والمبيعات في ازدياد، يبحث عن الجديد في إطار محدد “قمة البوب التجاري” ولا شئ أخر.

في عام 92 دخل تجربة فيلم “أيس كريم في جليم” الفيلم الأهم في مسيرته والذي كان تبشيرًا بانتهاء حقبة غنائية وميلاد حقبة جديدة يقودها بنفسه يعبر فيها عن أحلام  وطموحات جيله الشاب”انا جوا دماغي حاجات هتغير وجه الكون”، تحققت النبؤة بالفعل حيث بدأت في الاختفاء أغنية جيل الوسط المثقفة التي كانت حاضنة للكثير من شعراء العامية المحبوسة أشعارهم في الدواوين ووجدت متسعًا بداخله لتعود تلك الدواوين إلى الأرفف مرة أخرى ويكتسح المشهد الأغنية التجارية البسيطة الخفيفة لا يهم أن تعيش في الذاكرة المهم هو  النجاح والشهرة لصاحبها، وهو ما لخصه عمرو دياب في حواره على أوربت مع عماد الدين أديب “احسمهالك أنا ياعم صوتي ضعيف وبغني وحش وعلى قدي بس ناجح”

YouTube player

الكاتب

  • عمرو دياب محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان