الأزمات هي العنوان الأبرز للألعاب الباريسية 2024 .. فهل هي لعنة العشاء الأخير ؟
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
https://twitter.com/VitaliyV13/status/1818792298043654297https://twitter.com/AOC1978/status/1812021836323999749
الأزمات هي العنوان الأبرز للألعاب الباريسية 2024، فمنذ انطلاق حفل الافتتاح، وتتولى الأزمات بين سرقة معسكرات اللاعبين مرورًا بتفشي الأوبئة والأمراض في القرية الأولمبية وانتهاءً بالأزمات الدبلوماسية، وقد وصف الرياضيون المشاركون في دورة الألعاب بأنها الأسوأ على الإطلاق، فيمَا قال آخرون ـ ساخرين ـ إن الأزمات الباريسية بسبب لعنة العشاء الأخير .
تلوث نهر السين وانتشار عدوى بكتيرية بين الرياضيين
البداية من المشكلة الأخطر على صحة الرياضيين في الألعاب الأولمبية باريس 2024 ، إذ انتشرت العدوى البكتيرية بين السباحين المشاركين في رياضة الثرياثون، بسبب تلوث مياه نهر السين، مما أدى إلى انسحاب بعض الفرق المشاركة في هذه الرياضة، ومنها الفريق البلجيكي المختلط، إذ تعرضت إحدى لاعبات الفريق وتدعى”كلير ميشيل” للإصابة بعدوى بكتيريا قولونية، انتقلت على إثرها إلى المستشفى، وبما أن بلجيكا لم تتمكن من استبدال اللاعبة في فريقها المكون من أربعة أشخاص، اضطروا إلى الانسحاب من المنافسات.
لم تكن اللاعبة البلجيكية هي الوحيدة التي تعرضت لوعكة صحية إبان منافسات الثرياثون، فقد سبقتها السويدية “تيلدا مونسون” إذ تعرضت أيضًا إلى نفس البكتريا القولونية، وقالت اللاعبة في تصريحات لـ”نيويورك تايمز” إن المياه في نهر السين” بُنيه ولها رائحة كريهه”، وأضافت :” لا يمكن للمنظمين القول بإن سلامة الرياضيين هي الأولوية، هذا هراء!، فالنهر متسخًا لقرابة المائة عام”.
هذا إلى جانب إلغاء المنظمين تدريبات رياضة الثرياثون عدة مرات بسبب ارتفاع تلوث مياه نهر السين، ولعل آخرها الثلاثاء 6 أغسطس 2024 الذي كانت ستسمح للسباحين المشاركين في الأولمبياد التعرف على مسار مارثون السباحة قبل انطلاقه، وأشارت تقارير عدة تفيد بتلوث نهر السين وارتفاع الإشريكية القولونية والبكتريا الأخرى، فيمَا أكد الاتحاد الدولي لرياضة الثرياثون بإن اللعبين تعرضوا لقيئ متواصل بسبب رائحة النهر وتلوث مياهه.
شكاوى الرياضين في لعبة الثرياثون، أكدت تورط فرنسا على صعيدين الصعيد الأول؛ هو تنظيم الأولمبياد، والصعيد الثاني؛ هو الفساد المالي، فقبل انطلاق أولمبياد باريس 2024، أنفقت فرنسا 1.4مليار يورو على محطات معالجة مياه الصرف الصحي وشبكة الصرف في باريس الكبرى من أجل تحسين جودة مياه نهر السين الذي عانى عقودًا طويلة من التلوث الشديد، وتعهدت قبل انطلاق البطولة بتنظيف مياه النهر ليكون جاهزًا لاستقبال المنافسات.
وحتى تؤكد فرنسا ما قامت به من مجهودات أمام العالم، قبل انطلاق الأولمبياد سبحت وزيرة الرياضة الفرنسية “إميلي أوديا” قبل انطلاق البطولة في نهر لسين بالقرب من جسري ألكسندر الثالث وأنفاليد، والتقطتها عدسات المصورين، لكن الواقع كان صادمًا بالنسبة للرياضيين المشاركين في الأولمبياد الباريسية.
منظمة الصحة العالمية: انتشار كورونا بين الرياضين في باريس مثير للقلق
ومن بكتريا نهر السين إلى انتشار وباء كورونا بين الرياضيين المشاركين في أولمبياد باريس 20224، إذ أفادت ممثلة منظمة الصحة العالمية “ماريا فون كيركو”بأن أكثر من 40 رياضيًا أصيبوا بفيروس كورونا، وأرجعت هذه العدوى إلى قلة التدابير الصحية في أولمبياد باريس، مؤكدة إن عدد الإصابات يزداد بشكل مثير للقلق.
فيمَا قالت رئيسة الجهاز الطبي لبعثة أستراليَا في أولمبياد باريس “كارولين برودريك” إنه تم إجراء 84 اختبارًا لكورونا داخل القرية الأولمبية، موضحةً إن أكثر من نصف عدد العيانات جاء إيجابيًا، وبدوره أكد مدرب منتخب السباحة الأسترالي “روان تايلور” إن سباحي منتخب بلاده شاركوا على مدار 9 أيام وهم يعانون من كوورنا.
ونتيجة تفشي الفيروس بين الرياضيين انسحب عدد كبير منهم لا سيما في رياضة السباحة، ومنهم ” لاني باليستر”، و “إيلا رامسي”، فيمَا شارك البعض، وهو مصاب بالعدوى ومن بينهم “زاك ستالبلتي” صاحب الميدالية الفضية في سباق 200 متر رجال، إلى جانب عدد كبير من الرياضيين في ألعاب أخرى.
الوسيم صاحب الذهبية مُشردًا في شوارع باريس
ومن أبرز المشكلات التي تواجه الرياضيين في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024 صعوبة النوم، بسبب السرير الكرتوني “غير المريح”، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة في الغرف، وعلق المنظمون حول شكاوى اللاعبين المتكررة بقولهم إن الغرف بُنيت بنظام تبريد حراري بدلًا من تكيف الهواء، كما أن هناك مروحة في كل غرفة.
بعد هذه التصريحات رد الرياضيون بطريقتهم الخاصة، إذ قالت لاعبة تنس الطاولة الرومانية “بيرناديت زوكس” إن الطقس حار للغاية ولا يمكننا النوم في الغرف إلا إذا كان الباب مفتوح ليلًا، إلى جانب المخاوف الأخرى بسبب انتشار السرقات في القرية الأولمبية، أما لاعبة كرة الماء الأسترالية فقد نشرت فيديو يظهر غطاء المرتبة الذي اشتراه مدير فريقها لجميع أعضاء الفريق بسبب صعوبة النوم على الأسرة في القرية الأولمبية.
@nathanephraums scrub daddy bed #paris #olympicvillage #paris2024 #olympics ♬ espresso sabrina – celebs media
أمّا عن أشهر رد فعل لرياضي مشارك في أولمبياد باريس 2024، كان للسباح الإيطالي “توماس سيكون” صاحب الميدالية الذهبية في سباق 100 متر، الذي حلّ مشكلته على طريقته الخاصة من خلال النوم على الأرض في إحدى الحدائق للحصول على الراحة، وانتشرت صورته على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي وأغلفة المجلات العالمية، لتكون تأكيدًا على معاناة الرياضيين في القرية الأولمبية، وبعد انتشار الصورة على نطاق واسع قال”سيكون” :” لا يوجد تكييف في القرية، الجو حار، والطعام سيئ.
ديدان في طعام القرية الأولمبية
وبمناسبة الطعام، فقد تعرضت فرنسا لغضب الرياضين المشاركين في الألعاب الأولمبية، بسبب نقص كمية الطعام وخلوه من اللحوم والأسماك تمامًا، وهو ما أزعج الرياضيين الذين يعتمدون بشكل أساسي على هذا الطعام من أجل تكوينهم العضلي، فضلًا عن جودة الطعام المقدم، إذ أدلى السباح البريطاني “آدم بيتي” صاحب الـ8 ميداليات أولمبية لصحيفة “آي” بوجود ديدانًا في طعامه، منتقدًا سوء تقديم الطعام في القرية قائلًا: الطعام ليس جيدا بما يكفي للمستوى الذي يجعل الرياضيين يؤدون بشكل مثالي. نحن بحاجة لتقديم أفضل ما في وسعنا”، مؤكدًا أنه لا يوجد خيارات كافية من البروتين، طوابير طويلة، تنتظر 30 دقيقة للطعام لأنه لا يوجد نظام للصفوف.
وتتوالى الأزمات التنظيمية في أولمبياد باريس، إذ انتقد عدد كبير من الرياضيين صعوبة التنقل من أماكن الإقامة إلى أماكن المنافسات،ومن بينهم بطلة العالم السباحة الألمانية “أنجيلينا كولر” قائلة:” المواصلات لم تسر على النحو المأمول في الأيام لأخيرة، إنها فوضى، وبعض السباحين يفترشون أرضية الحافلات”، فيمَا وقع المنتخب الفرنسي للمبارزة في هذه المشكلة إذ واجه أزمة مرورية خانقة استغرقت ساعة و 40 دقيقة للوصول من القرية الأولمبية إلى مكان المنافسات.
أزمات دبلوماسية متعددة
الأزمات الدبلوماسية في النسخة الثالثة والثلاثين من دورة الألعاب الأولمبية كثيرة ومتنوعة، وقد بدأت مع منتخب كوريا الجنوبية، مرورًا بمنتخب الجزائر، وجنوب السودان، وأخيرًا مع دولة رومانيَا، التي أبدت استيائها من الأحداث التي رافقت نهائي مسابقة الجمباز، إذ تم الإعلان عن فوز الرومانية “آنا باربوزو” بالبرونزية، لصالح صاحبة المركز الخامس الأمريكية “”جوردان تشايلز” في فضيحة مدوية للجنة المنظمة للدورة الحالية.
أدت الواقعة إلى غضب عارم لدى حكومة رومانية، إذ إن رئيس حكومة البلاد دخل على الخط للإعلان عن عدم حضوره حفل الختام، وأكد رئيس الحكومة “مارسيل تشيولاكو” أن ما حدث هو موقف فاضح وظلم صارخ، مشيرًا إلى أن الرياضيتين الرومانيتين تعرضتا للمعاملة “بطريقة مخزية تمامًا.
وأخيرًا فإن المشكلات التي واجهت الرياضين من مختلف الجنسيات كثيرةـ كما عرضنا ـ ، فلم تكن النسخة الباريسية على المستوى المطلوب، فقد جاءت مخيبة للآمال بشهادة الرياضيين و الإعلاميين والرعاة، لكنها على أية حال حافزًا لإعادة النظر في السياسات والإجراءات المتبعة في مثل هذه الأحداث الكبرى لضمان تحقيق الأهداف الرياضية والثقافية المرجوة .
اقرأ أيضًا : انفلات أمني وسوء تنظيم.. لماذا أولمبياد باريس هي الأسوأ ؟
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال