همتك نعدل الكفة
57   مشاهدة  

فخ التنمية البشرية من محمد صلاح إلى برايان تريسي!

التنمية الشرية


تابعت حديث قائد منتخب مصر، نجم ليفربول الإنجليزي، محمد صلاح، أثناء استضافته في معرض الشارقة الدولي للكتاب، خاصة حديثه عن تأثير كتب التنمية البشرية عليه، وكيف ساعدته على تخطي عثرته مع تشيلسي في عامه الأول بالدوري الإنجليزي.

يؤمن صلاح أن التنمية البشرية وخاصة كتب ومحاضرات الراحل إبراهيم الفقي ساعدته كثيرا على تغيير عقليته وكانت وقوده للانطلاق والتحليق في سماء كرة القدم العالمية. ولا شك أن الجناح المصري الذي بدأ حياته من “مقاولون طنطا” وصل خلال رحلته في عالم الساحرة المستديرة إلى ما لم يستطعه الأوائل من المحترفين المصريين. بل لا شك أن وصل كذلك إلى مرتبة لم يصل لها الكثير من نجوم عالم الكرة الأوروبيين واللاتينيين.

لكن محمد صلاح بما يحمله من قيمة وتأثير عالمي، خاصة على النشء، يشير بسهم ذهبي إلى منطقة شائكة، لازال الكثير يعتقد أنها مرتعًا للنصابين، في حين يعتبرها آخرون “علمًا حقيقيًا”.. لذا فهي مناسبة جيدة للحديث عن هذا المجال من شخص قرأ كرهًا لا طوعًا العديد من الكتب التي تدور في هذا الفلك.

محمد صلاح حل ضيفا على معرض الشارقة للكتاب
محمد صلاح حل ضيفا على معرض الشارقة للكتاب

بحكم عملي كقارئ للكتب الصوتية – سجلت أكثر من 3000 ساعة – منذ 2016 حتى كتابة هذه السطور – قرأت عشرات الكتب المتعلقة بالتنمية البشرية والذاتية، والأخيرة هي ابنة الأولى وتقع تحت مظلتها.

ما هي التنمية البشرية؟

التنمية البشرية مصطلح عام استخدمته الأمم المتحدة لترمز إلى متطلبات عدة ينبغي على الحكومات تحقيقها للنهوض بمستوى البشر العام في العالم. ولها معايير ومقاييس وكثيرة.

تشمل التنمية البشرية: المجالات الثقافية وتتضمن الحريات، والمشاركة والاعتراف بحقوق الآخرين، والديمقراطية، وتُقاس هذه الأمور بمعايير التمثيل البرلماني والحكومي ورعاية الأنشطة الثقافية من قبل الحكومات، إضافة إلى معايير كثيرة أخرى للحقوق وللديمقراطية.

كما تشمل التنمية البشرية العمل ومعاييره ودوره في التنمية، وتُقاس بأمور مثل نسب تشغيل المرأة، عمالة الأطفال، الفقر ومعدلات الأجور، الوضع الصحي للأعمال، البيئة والعمل، الرفاه وغير ذلك مما يتعلق بالعمل.

كما لا تتوقف النواحي التي تشملها التنمية البشرية عند الصحة والتعليم والعدالة والأمن حتى تُشكل شطرًا كاملًا من نشاطات الأمم المتحدة العامة.

أمور ومعايير مثل هذه تحتاج لدول قوية وحكومات راغبة لتحقيقها، وهو ما ليس متاحًا للمواطن المطحون في دول العالم الثالث، وكأي مغلوب على أمره لا يستطيع شراء الـ Adidas فيلجأ إلى الـ Adidos.. اتجهت مصانع “بير السلم” لتصنيع منتج copy أقل ثمنًا وقيمة ليناسب متطلبات السوق.

النسخة الشعبية من التنمية البشرية

في التنمية البشرية الشعبية: أنت دائما “طويل وأهبل.. مش قصير وقزعة” – اعذرني يا صديقي، الإفيه حكم”.. إذا كنت تريد أن تصبح غنيا فقط ردد ورائي: “أنا غني.. أنا عندي فلوس كتير.. أنا قارون العصر”. إذا كنت مغلوبًا على أمرك فردد معي: “أنا قوي.. مصيري بيدي.. أنا في الساحة واقف لوحدي وأنت وأصحابك لي باصين”.. ردد هذه الجمل أو ما يماثلها إلى أن تصدقها.. فقط هكذا ببساطة!.

YouTube player

ما هي التنمية الذاتية؟

التنمية الذاتية هي مصطلح يرمز لنوع من الدورات والكتب التي تحوي إرشادات تزعم قدرتها على حل المشاكل الذاتية المتعلقة بالعمل، العلاقات، المشاكل النفسية من جهة، وتطوير الذات في النواحي ذاتها بالإضافة إلى مهارات مزعومة كتحليل الشخصية، مهارات القيادة، التخطيط، المهارات الاقتصادية المتعددة، المهارات الإدارية المتعددة، القدرات التحليلية وغير ذلك من المهارات النفسية الذاتية بشكل أساسي.

يقدم دورات التنمية الذاتية أشخاص أهلتهم دورات تُقاس بعدد الساعات، لا تقوم على مناهج علمية أو بحث حقيقي، ولا تُقدم في الدورة مناهج أو كتب. وإن وجدت أو تم تقديمها فهي محض كلام يفتقر حتى للخبرة الشخصية. لا تجارب ولا إحصاءات ولا استناد إلى مصادر أساسية في علم النفس المعرفي أو على الأقل البحوث الواعدة في الإدارة والاقتصاد.

كل هذ يُقابل بمصطلحات ضخمة تقدمها التنمية الذاتية كالقيادة أو التخطيط أو الإدارة بشكل عام غير مفصل أو دقيق. وتوظف التنمية الذاتية أساليباً كثيرة يغلب عليها عدم الفاعلية والزيف كالبرمجة اللغوية العصبية التي باعها لنا الراحل إبراهيم الفقي. وهي نقطة في بحر “الولا حاجة” وفن “تعبئة الهواء في أزايز” الذي نجح وانتشر بيعه كاللبان في الأكشاك ومحال البقالة.

في كتب التنمية الذاتية أو ما يطلق عليه “تطوير الذات” التي أصفها بـ”الآمنة” فهي إن لم تفد فلن تضر، أنت على موعد مع تجارب حياتية ومهنية عديدة – الله أعلم إيه فيها الصدق وإيه فيها الكذب – لكنها على الأقل تعطيك أفكارا جيدة، لكنها ليست اختراعات – عادة الإنسان الطبيعي عارفها لوحده – يعني أنت تعرف منذ الصف الأول الابتدائي أن من جد وجد ومن زرع حصد – أي أن العمل بجد هو طريقك للنجاح – مش محتاج حد يعرفها لك يعني!..

إقرأ أيضا
فيلم وش في وش

أنت تعرف كذلك أنك بحاجة لضبط وقتك وتوزيعه بين القراءة والتعلم والرياضة والراحة، وأن التدخين والكحول مضران للصحة، وأن “التبطيل محتاج إرادة”.. لكن ربما مع كثرة المشتات وتعاظم الضعوط الحياتية يحتاج البعض إلى التذكير فـ “قشطة يعني”.

تحذير

القيمة الحقيقة في كتب التنمية الذاتية هي التي تجدها في كتب رجال الأعمال الحقيقيين، هؤلاء الذين مارسوا العمل الحقيقي وطحنوا ونجحوا وقدموا في كتبهم خلاصة تجاربهم مدللين عليها بمواقف تعرضوا لها بالفعل، لكنها كذلك فخ كبير تنصبه هذه المرة أنت لنفسك إن تعاملت معها على أنها كتالوج النجاح الذي يجب أن تطبقه بحذافيره حتى تدور ماكينة حياتك بشكل صحيح.

هنا أنت المشكلة عزيزي القارئ لأنك أخرجت هذه التجارب من نطاقها الصحيح، تجاهلت أنها مجرد “تجارب” لأشخاص ناجحين لهم سمات شخصية تختلف عنك وعن بعضهم البعض، وتعرضوا لظروف مختلفة في بيئات متباينة، وتناسيت أنك لا تشبههم ولا تعيش ظروفهم ولا تقطن بيئاتهم. فإذا أفرغت هذه التجارب من الاعتبارات المحيطة بها وتعاملت مع الكتب التي يقدمها لك إبراهيم الفقي (1950 – 2012) وبرايان تريسي (1944) وأصدقاؤهم الذين بنوا ثرواتهم من عوائد بيع هذه الكتب لك باعتبارها “دليل المستخدم”، فأنت من نصبت الفخ لنفسك ودخلت بإرادتك إلى ميدان الخوازيق الذي يتسع للجميع.

إذا أردت التدليل على صدق كلامي بأن التجربة الذاتية هي ملك صاحبها، ولا يصح تعميمها على سائر البشر. وأن ما ينطبق على تجربة ناجح ما ليس بالضرورة أن يصبح “دليل المستخدم” لكل شخص يريد النجاح، وأن متابعة ومعرفة السير الذاتية للناجحين لا ينبغي أن تتعدى كونها “مصدر إلهام” للمتابعين الراغبين في السير على درب النجاح، فلن أجد أفضل من كلماته هو في ذات الندوة:

أنا عايش الحياة بالشكل اللي أنا عايزه.. مش زي ما الناس عايزة، مش فارق معايا الناس شايفة أنا المفروض أعيش إزاي، في الأخر دي حياتي أنا مش حياتهم هُم“.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان