97 مشاهدة
شخصية الأهلي.. المبادئ فوق القيمة السوقية

في تاريخ الرياضة، لا تبنى عظمة الكيانات فقط على عدد البطولات أو على قيمة الصفقات، بل على ما هو أعمق: الشخصية.
والأهلي، بكل ما فيه من ألقاب وتاريخ، لم يكن ليستحق كل هذا الانتماء العاطفي الجارف من جماهيره لولا شخصية النادي المتماسكة التي ظل متمسكًا بها في مواجهة كل الظروف.
ولعل ما يجري حاليًا مع المهاجم الفلسطيني وسام أبو علي يقدم نموذجًا جديدًا واضحًا لقوة هذه الشخصية.
وسام أبو علي.. صفقة ناجحة بدأت تنحرف
الأهلي تعاقد مع وسام قادمًا من الدوري السويدي مقابل 1.8 مليون دولار، ورغم أن الصفقة لم تلق حينها صدى إعلاميًا كبيرًا، إلا أن وسام أثبت قيمته سريعًا. خلال موسم ونصف، لمع اسمه بشدة، سجل أهدافًا حاسمة، توّج بلقب هداف الدوري، وبلغت قيمته السوقية 4 ملايين يورو، ليصبح أغلى لاعب في القارة السمراء.
نجح اللاعب في المساهمة في عدة بطولات، وتوج تألقه بهاتريك مثالي في مرمى بورتو البرتغالي بكأس العالم للأندية، وهو أول هاتريك من نوعه في تاريخ البطولة.
وفي ظل هذا التألق، اتخذ الأهلي قرارات واضحة:
_ تمديد عقد وسام حتى صيف 2029.
– زيادة مالية للعقد بنسبة 40%.
والأهم: أن اللاعب وقع على العقد الجديد قبل كأس العالم.
ما بعد التألق.. ضغوط وابتزاز عاطفي؟
لكن ما إن ارتفعت أسهم وسام عالميًا حتى تبدلت نغمة العلاقة.
فبعد البطولة، مارس اللاعب ضغوطًا مكثفة للرحيل، مدفوعًا بعروض خارجية برواتب أعلى. ورغم أن الأهلي حدد مبلغًا واضحًا لبيعه (10 ملايين دولار + متغيرات بقيمة 2 مليون دولار)، فإن وسام قابل ذلك بأسلوب لا يتناسب مع حجم التقدير الذي ناله:
تغيب عن المران.
تخلف عن القياسات البدنية.
بدأ في تصفية متعلقاته بمصر.
هدفه كان واضحًا: إرغام الأهلي على بيعه بسرعة، وبأي مقابل.
رد الأهلي: لا أحد يعلو على شخصية النادي
لكن الرد كان على قدر ما يشبه الأهلي دائمًا:
صمت بارد – حزم تام – ثبات على المبدأ.
رفض الأهلي تقليص طلباته، متمسكًا بحقه القانوني والمعنوي في لاعب لا يزال مرتبطًا معه بعقد طويل الأمد، ومؤكدًا أن المبدأ في القصة ليس المال، بل الحفاظ على هيبة القرار.
في ظل ذلك، انقسم جمهور الأهلي:
فريق يرى أن تصرفات وسام تستحق إنهاء العلاقة سريعًا ولو بتخفيض القيمة.
وآخر – وهو رأيي الشخصي – يرى أن الانحناء لضغوط لاعب، أيا كانت موهبته، يفتح الباب لكسر شخصية الكيان أمام أي لاعب قادم مستقبلاً.
رأيي الشخصي:
كمهتم بالشأن الإعلامي وكواحد من جمهور الأهلي، أرى أن ما يفعله النادي الآن ضروري ومهم، ليس لأن وسام غير مهم، بل لأنه مهم جدًا.
كلما كان اللاعب نجمًا، زادت رمزية الصرامة في التعامل معه.
النادي الذي يرضخ لضغط نجم، مهما كانت المكاسب المالية، يخسر ما هو أكبر: قدرته على ضبط غرفة الملابس، على فرض الاحترام، على أن يُعامل الكيان باعتباره الأهم من أي فرد.
الأهلي يربّي الأجيال على مبدأ “من ينتمي لنا.. عليه أن يلتزم بنا”، ومن يرفض ذلك، فليرحل فقط بالشروط التي تحفظ للنادي هيبته.
الكاتب
ما هو انطباعك؟









