رئيسة التحرير
رشا الشامي
همتك نعدل الكفة
67   مشاهدة  

“شقق الأمل”.. حين تحولت إلى فخ داخل المجتمعات العمرانية



في مشهد يتناقض تمامًا مع رؤية الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي تؤكد مرارًا أن الكرامة السكنية حق لكل مواطن، تفجرت وقائع صادمة داخل بعض أجهزة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، كشفت عن وجود شبكة من الموظفين – وصفتها مصادر بـ”العصابة المنظمة” – تستغل حاجة المواطنين للحصول على شقة، وتحول أحلامهم إلى كوابيس من النصب المقنن.

التحقيقات الأولية، وشهادات الضحايا، وبلاغات رسمية موثقة، تشير إلى تورط عدد من الموظفين داخل جهازي أكتوبر الجديدة والتجمع الخامس في عمليات احتيال منظم، تحت لافتة “شقق العاملين”، والتي كان من المفترض أن تطرح بنظام قرعة علنية شفافة.

القصة تبدأ من إعلان رسمي.. وتنتهي بخداع علني

البداية تعود إلى إعلان الهيئة عن طرح شقق ضمن نظام العاملين، بمقدم حجز قيمته 50 ألف جنيه، والدخول في قرعة علنية، مع وعد برد الأموال حال عدم التخصيص. لكن الواقع جاء مغايرًا تمامًا.

وفق ما كشفه المواطن أحمد (م.) – أحد المتضررين – فقد تواصل مع موظف يدعى ياسر محمد حسن السنيتي، يعمل بجهاز مدينة 6 أكتوبر الجديدة، وأبلغه أن هناك وحدات “تخصيص مباشر” خارج القرعة، بشرط دفع مقدم أكبر، يتراوح بين 150 إلى 200 ألف جنيه.

وبالفعل، دفع أحمد وثلاثة من أصدقائه مبلغ 800 ألف جنيه، وحصلوا على عقود عرفية وهمية لحجز 4 شقق. لكن الصدمة كانت بعد شهور، حين اكتشفوا أن الوحدات قد تم تسليمها لأشخاص آخرين، دون أي إخطار، ودون تنفيذ الاتفاق، بل تم رد جزء من المبلغ فقط، دون فوائد، وبدون أي سند قانوني أو اعتذار رسمي!

محاضر رسمية ضد الموظف

أمام هذا النصب العلني، لم يجد الضحايا بُدًا من اللجوء للقانون، وحرروا محاضر رسمية ضده:

المحضر رقم 5073 لسنة 2025 جنح أكتوبر الجديدة

 

المتهم الرئيسي فيها هو الموظف ياسر .س، الذي استغل موقعه الوظيفي للتلاعب بثقة المواطنين، وتحصيل مبالغ مالية خارج الإطار القانوني.

كما أكد الضحية الثاني محمد (ف.) في شهادته، أنه تعرض لذات النمط من النصب، حيث تم إقناعه بإمكانية الحصول على شقة بمقدم كبير، مع وعد بعدم الدخول في قرعة، وتسليم فوري. وبعد دفعه أكثر من 200 ألف جنيه، فوجئ بأن الشقة بيعت لشخص آخر، وتم التنصل من الاتفاق.

خمس مخالفات صارخة

وفق مراجعة قانونية لما حدث، يمكن حصر أبرز المخالفات في:

1. جمع أموال من المواطنين دون وجه حق أو إيصال رسمي.

2. بيع شقق وهمية دون أي غطاء قانوني أو رسمي.

3. استخدام العقود العرفية كأداة تضليل ممنهجة.

4. استغلال النفوذ الوظيفي داخل الهيئة للإيقاع بالضحايا.

5. غياب الرقابة والمحاسبة داخل الأجهزة المعنية.

صرخة للجهات الرقابية.. أين الرقابة على الموظفين؟

يتساءل المتضررون في حسرة: كيف تُفتح الأبواب أمام هؤلاء ليعيثوا فسادًا داخل أجهزة يُفترض أنها واجهة التنمية العمرانية في مصر؟ وأين دور الرقابة الإدارية وجهاز حماية المستهلك والنيابة العامة في التصدي لمثل هذه الجرائم، التي تهدد ثقة المواطن في مؤسسات الدولة؟

المواطنون الذين تقدموا ببلاغاتهم لا يطالبون بأكثر من تحقيق شفاف ومحاسبة عاجلة، وتعويض مادي ومعنوي، يضمن لهم استرداد حقوقهم، ويؤكد أن الدولة لا تحمي الفاسدين مهما كانت مناصبهم.

هل تتحرك الدولة قبل تفشي الظاهرة؟

في الوقت الذي تتوسع فيه مشروعات الإسكان بشكل غير مسبوق، ويجري ضخ المليارات لبناء حياة كريمة، تصبح مثل هذه الوقائع “الخيانة الكبرى” لفلسفة التنمية الشاملة.

السكوت عن هذا الملف يعني فتح الباب أمام مافيات داخل المؤسسات، تحوّل الحلم الوطني إلى سوق للنصب المنظم.

فهل ننتظر حتى تتكرر الجرائم؟ أم نتحرك الآن لإنقاذ ما تبقى من الثقة في الجهاز الإداري؟






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان