رئيسة التحرير
رشا الشامي
همتك نعدل الكفة
90   مشاهدة  

السودان بين المرض والجوع..حياة معلّقة على حافة الموت

السودان


بعد سنوات من الحرب التي مزقت السودان، تركت خلفها بلداً منهكاً، بلا مقومات للحياة، بلا بنية تحتية، وبلا مؤسسات قادرة على حماية شعبه.

انتهت المعارك العسكرية، لكن خلفت دمارًا ماديًا ومعنوياً لا يقل خطورة عن صوت الرصاص، وفي قلب هذا الركام، جاء المرض ليكون القشة التي قصمت ظهر البعير، بعدما صار الفقر والتشريد واقعاً يومياً لملايين السودانيين.

 

بين ثلاث وحوش: الجوع، المرض، وانهيار الدولة

الحياة في السودان اليوم أشبه بالعيش وسط ثلاثة وحوش تتربص بالناس؛ الجوع، المرض، وانعدام الأمن.

المنازل المهدّمة، والشوارع التي التهمها الرصاص، ومؤسسات الدولة المنهارة جعلت من المواطن السوداني أسيراً لمشهد لا ينتهي من البؤس. في الأحياء والقرى، لكل بيت قصة موت أو فقدان أو إصابة. الأطفال بلا تعليم، يعملون مقابل أجور زهيدة أو ينامون جائعين، بينما النساء واجهن الاعتداء والعنف الجنسي أو فقدن الرعاية الصحية الأساسية خلال الولادة.

 

الأمراض المعدية بدورها تضرب بلا هوادة؛ الكوليرا، الحصبة، الملاريا، حمى الضنك، وحتى شلل الأطفال عاد للانتشار، وفي ظل غياب المستشفيات المدمرة ونقص الأدوية والمياه النظيفة، تحولت العدوى إلى موت محتوم.

مجاعة تتوسع بلا تغطية صحية

في فبراير 2025 أطلقت الأمم المتحدة نداءً لجمع 4.2 مليار دولار لدعم 21 مليون سوداني، أي ما يعادل نصف دولار يومياً لكل فرد، لكن هذه الأرقام تكشف حجم الفجوة بين الاحتياجات والواقع، إذ أعلنت مؤسسة “جول” الإنسانية أن نحو 24 مليون شخص معرضون لخطر الجوع، بينما أشارت لجنة الإنقاذ الدولية إلى أن أسعار السلع الأساسية ارتفعت بنسبة 134%.

 

الأزمة بلغت ذروتها مع إعلان أول مجاعة في مخيم زمزم شمال دارفور في أغسطس 2024، لتتوسع لاحقاً إلى مخيمي السلام وأبو شوك وجبال النوبة، وفي 2025، تأكدت ظروف المجاعة في خمس مناطق إضافية، ليصبح ثلاثة ملايين طفل دون سن الخامسة على حافة الموت جوعاً وسوء التغذية.

 

القطاع الصحي هو الآخر مشلول تقريبًا أكثر من 559 هجومًا استهدف المؤسسات الطبية خلال الحرب، ولم يتبق سوى ربع المرافق الصحية تعمل بكفاءة محدودة. تقارير المراكز الدولية كشفت أن من بين 31 ألف طفل فُحصوا، سُجلت 710 حالات سوء تغذية حاد وخيم، و1832 حالة سوء تغذية متوسطة.

إقرأ أيضا
السودان

موسم الأمطار.. خطر متجدد

مع اقتراب موسم الأمطار، تتضاعف المخاوف. الأمراض المرتبطة بالمياه الراكدة كالملاريا وحمى الضنك والكوليرا تهدد ملايين النازحين الذين يعيشون في ظروف صحية متدهورة. الأرقام التي رُصدت بين أغسطس 2024 ومايو 2025 وحدها تكشف الكارثة، 2708 إصابة بالكوليرا في الخرطوم، أكثر من 7500 إصابة بحمى الضنك، وأكثر من 11 ألف حالة إصابة بالملاريا.

موت بلا نهاية

الحرب نفسها خلفت أرقامًا دامية؛ نحو 150 ألف قتيل، و1792 هجوماً على المدنيين خلال 2024 وحده. حتى العاملون في المجال الإنساني لم يسلموا، إذ قُتل 52 منهم، بينما يعيش 12 مليون شخص في خطر التعرض للعنف القائم على النوع الاجتماعي.

مأساة خارج التغطية

رغم هذه الأرقام الصادمة، يبقى السودان بعيداً عن اهتمام الإعلام والشعوب والحكومات. العالم يتعامل مع الكارثة السودانية ببرود، مقارنة بتغطيات مكثفة لأزمات أخرى مثل غزة. وبينما تختار الدول دعم أطراف متصارعة كلٌ حسب مصالحه، يغيب الضمير الإنساني عن شعب تُرك وحيدًا أمام وحوش الجوع والمرض والموت






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان