ألبوم قرار شخصي : حمزة نمرة عندما تكون المنافسة مع الذات وليست مع الآخرين

في الوقت الذي أصبحت فيه الألبومات تطرح دفعة واحدة، اختار الفنان حمزة نمرة أن يسبح ضد التيار مواصلًا استراتيجيته المعهودة في إطلاق ألبومه الجديد “قرار شخصي رقم 1” بشكل متقطع بواقع ثلاث أغنيات كل أسبوع، هذا الإيقاع من شأنه يخلق حالة من الترقب المستمر لدى الجمهور ويجعل من تجربة الاستماع إلى الألبوم أشبه برحلة ممتدة وليست مجرد حدث عابر يتلقفه مرة واحدة فقط، هذه الاستراتيجية قد لا تتماشى مع إيقاع السوق الغنائي حاليًا والذي يفرض منطقه الخاص على الدوام، لكنها تكشف بوضوح أن حمزة نمرة لا يكترث لتلك القواعد، فهو يثق في قوة علاقته بجمهوره الذي ينتظر أعماله بشغف مدركًا أنه يبني تجربة موسيقية مختلفة تتجاوز حدود الأغاني الرائجة أو ما يعرف بـ المينستريم.

من هنا تتجلى الفكرة الجوهرية التي يطرحها حمزة في ألبومه، أن المنافسة الحقيقية هي مع ذاته الفنية وليس مع الآخرين في ساحة البوب المصري، ففي خضم طوفان الأغاني العاطفية السطحية والأنماط الموسيقية المستنسخة يقدم حمزة بديلًا فنيًا أصيلًا يتسم بالعمق الفكري ويلامس قضايا إنسانية واجتماعية أكثر شمولًا، وأن الاتجاه السائد أو ما يعرف بالترند ماهو إلا نجاح وقتي سرعان ما يظهر غيره، لذا مع كل ألبوم جديد من حمزة نجد الجمهور يقارن بينه وبين ألبوماته السابقة وليس بينه وبين أي إصدار جديد لمطرب اخر، كل تلك الأمور تجعله يصنع موجته الخاصة مستندًا إلى رؤية فنية مستقلة وهي النقطة التي تمنحه تميزًا عن غيره، وتجعله نموذجًا الفنان الذي يمتلك زمام أمره بالكامل ويرسخ مفهوم أن الفن الحقيقي ينبع من قناعات الفنان ورؤيته وليس من متطلبات السوق وتوجهاته السائدة.

تفاصيل الالبوم

صدر ألبوم قرار شخصي في 13 أغنية، استمر حمزة في التعاون مع فريق عمله الأساسي حيث ظهر الشاعر محمود فاروق في ثلاث أغنيات وهو عدد قليل بالمقارنة بالألبومات السابقة، بالإضافة إلى بعض الأسماء الثابتة مثل حازم ويفي، عمر طاهر، محمود عبد الله ومحمد شافعي ولكل منهما أغنية بالإضافة إلى فلبينو أحمد الذي كتب أغنيتين في الألبوم ، مع ظهور أول للشاعر خالد عصام في ثلاث أغنيات دفعة واحدة أما المفاجأة السارة تمثلت في حضور الشاعرة الكبيرة كوثر مصطفى في أغنية واحدة، على مستوى الألحان استأثر حمزة بالنصيب الأكبر في تسع أغنيات شاركه الموزع أندريا مينا في أربعة منها، بالإضافة إلى أغنيتين لحنهما خالد عصام وظهور أول لكلًا من محمدي ورامي بدران، أما التوزيع الموسيقي فكان النصيب الأكبر لـ أندريا مينا في خمس أغنيات بالإضافة إلى ثلاث أغنيات وزعها حمزة نمرة واثنتان لـ عمرو الخضري وكذلك خالد عصام بالإضافة إلى أغنية وزعها اليوناني   Apostolis Mallias.

شمس وهوا

أول لمحة تمرد فني جريئة يقدمها حمزة نمرة في الألبوم، فكرة الأغنية التي كتبها خالد عصام تتبنى فلسفة التحرر والخلاص من علاقة سامة، تبدأ الأغنية بوصف متانة العلاقة ظاهريًا، مستخدمًا وصفًا بليغًا جدًا ” شمس وهوا” الذي يرمز إلى انسجام تام في العلاقة، لكن سرعان ما ينقلب الأمر ليمارس نقدًا لاذعًا ليس للشخص الأخر وحسب بل للذات التي سمحت باستمرار الأذى.

صياغة خالد عصام متماسكة جدًا احتفت بالفراق باعتباره الخيار الأمثل والوحيد للنجاة وتتجاوز فكرة العلاقات العاطفية التقليدية، حيث يمكن إسقاطها بسهولة على علاقات الصداقة المنهكة أو ارتباط انساني تحول إلى عبء وهو ما منح الأغنية عمقًا أكبر، الصياغة كانت متحررة من قوالب الأغنية المعتادة حيث تبنت سردًا غير تقليديًا ومنح نفسه مساحة كافية لسرد تفاصيل تلك العلاقة مع طرح حداثي للفكرة في جملة “مش هنعمل محتوى” والتي جعلت الأغنية تريندًا وقت ظهورها على مواقع التواصل الاجتماعي.

لحن خالد عصام على مقام النهاوند بأفكار موسيقية ثرية ومتجددة وصلت إلى خمس أفكار، انتصر فيها للتعبير الدرامي على حساب التطريب التقليدي، حيث جسد الحالة الشعورية المتقلبة للكلمات ، القالب غير التقليدي منحه فرصة كي يبني لحنًا متعدد الأوجه حيث خصص لكل مقطع فكرة لحنية مستقلة وكأنها يبني مشاهد متعاقبة، تنقل بين هذه الأفكار بسلاسة شديدة منعت أي شعور بتفكك اللحن حيث عبر كل مقطع عن حالته الخاصة، أكمل هذا البناء اللحني بتوزيع موسيقي دسم لعب فيه الإيقاع دور البطولة لم يعتمد على جملة إيقاعية ثابتة بل تم تغييرها حتى تتماشى مع فكرة كل مقطع وهو ما اضفى قوة على الإخراج النهائي للأغنية.

عزيز عيني

على الرغم من أن كلمات خالد عصام تبدو ظاهريًا وكأنها تعبر مشاعر شخصية وعلاقات إنسانية، إلا أنه يمكن إسقاطها بسهولة على الوطن، هذا الإسقاط ليس بالضرورة يكون مقصودًا من الشاعر لكن استخدامه جملة “عزيز عيني” الفلكلورية و المتجذرة في الوجدان الشعبي المصري تعزز من الشعور بأن المقصود هو الوطن ” يا عزيز عيني، ده زعلها يروح، لو مرة تناديني، تتصافى الروح”

تلك الصياغة واستخدام المفردات تحيلنا تلقائيُا إلى شعراء الأغنية البديلة من حيث استخدام ثنائية الوطن والحبيبة والتي تعطي المستمع فرصة للتعامل مع فكرة الأغنية بقراءات مختلفة.

لحن مشترك من أندريا مينا وحمزة نمرة على مقام النهاوند مكون من ثلاثة أفكار مختلفة أعطت دسامة لموسيقى الأغنية بالأخص في جملة السينيو القوية جدًا والتي تجلت فيها فكرة الأغنية بوضوح، رغم قوة و دسامة توزيع أندريا مينا فأن التنفيذ الموسيقي تم بالكامل في تركيا و عازفين اتراك وتكنيكات عزف أعطت انطباعًا أننا أمام أغنية تركية وليست مصرية بالاخص في مجموعة الوتريات New World Group   مع  استخدام اّله الكومبس التركية مما أفقد الأغنية هويتها المصرية رغم فكرة الكلمات التي توحي بأنها مكتوبة خصيصًا للوطن.

كله على الله

لا زلنا مع كلمات خالد عصام الذي يمتلك قدرة مدهشة على السرد دون إخلال بتماسك الفكرة العامة للأغنية التي اتت في إطار الرضا والتسليم بما قدره الله لك وما دمت تسعى وتثابر لن يهمك الدنيا وأفعالها فهي في كل الحالات لا تستحق التمسك بها او الخوف منها، ويبقى أهم ما يميز خالد عصام هو تحرره من القوالب التقليدية للأغنية حيث لا يهتم كثيرًا بأن تخرج الأغنية مصبوبة في قالب واحد بل يكسر هذا التقليد الذي يمنحه حرية أكثر في التعبير دون أن يلتزم بإطار محدد قد يقيده أو يحد من ابداعه.

لحن محير جدًا من خالد عصام حيث يعطيك طابع مقام النهاوند لكنه الركوز على مقام الكرد لذا سنحسم الأمر بانه على مقام الكرد، مثلما يفعل في الكلمات يقوم بنفس الأمر في اللحن حيث لا يبخل بأن يعدد الأفكار اللحنية داخل الأغنية الواحدة مما يعطي ثراء وتنوع في موسيقى الأغنية، توزيع دسم من حمزة نمرة استخدم فيه الجملة الإيقاعية بشكل مدروس مع جمل وتريات قوية جدًا أعطت دسامة في هارموني الأغنية، أداء جيد من حمزة يغني من الطبقة اللامعة في صوته.

شيل الشيلة

كلمات محمود عبد الله تجنح ناحية أفكار الأغاني الشعبية من حيث المفردات والاستعارات الموجهة إلى أشخاص حاقدين انتقائيين ينظرون إلى حياته بشكل مجتزأ ويروا فقط الجوانب الإيجابية والنجاحات متجاهلين حجم المعاناة والتضحيات التي بذلت لتحقيقها،الصياغة متماسكة جدًا تميل إلى المباشرة في الطرح بدأها بوصف حالته الداخلية التي لا يراها الآخرون ثم يوجه خطاب مباشر إليهم يبلغ ذروته في مقطع “شيل الشيلة” الذي يحمل دعوة مفتوحة لتبادل الأدوار كنوع من التحدي.

لحن محمدي على مقام الكرد حمل طابعًا دراميًا لخدمة فكرة الكلمات لكن رغم البناء الجيد لـ اللحن فأن الأفكار جاءت في إطار تقليدي لن تلمح فيها جملة قوية او رؤية موسيقية مختلفة، توزيع أندريا مينا هو العنصر الأقوى والأكثر حيوية في الأغنية ، استخدم الإيقاع كمحرك أساسي للتصاعد الدرامي في اللحن مع خط وتريات قوي جدًا اضفى عمقًا في الهارموني مع جملة فاصل جيدة مستنسخة من روح جملة السينيو صنعت حالة من الترابط الموسيقي.

يا سهرانين

تغوص كلمات محمد شافعي في أعماق تجربة الأرق حيث صورها كفضاء زمني تتزاحم فيه الأفكار وتتشابك خيوط الماضي مع هواجس المستقبل، حالة من السهر القلق يصاحبه تفكير مفرط حيث يجد نفسه يدور في حلقة مفرغة لا تنتهي ما بين ذكريات مؤلمة ومخاوف من المجهول مما يولد شعورًا بالحزن واليأس، المعالجة متماسكة جدًا من شافعي الذي يمتلك موهبة كبيرة جدًا رغم صغر سنه لكن ورغم النجاحات الملموسة التي حققها الفترة الأخيرة فإن تيمة السهر ومعاناته قد تم استهلاكها بشكل كبير في أعمال سابقة مما يقلل من تفردها.

لحن مشترك من حمزة نمرة و أندريا مينا على مقام البياتي، يتميز اللحن بأفكاره الثرية وتطوره الدرامي المدروس، حيث تم التركيز على الجانب التعبيري والنفسي أكثر من السعي للتطريب التقليدي وهي الميزة التي يبرع فيها حمزة نمرة، توزيع جيد من خالد عصام حيث نجح في خلق تنوع إيقاعي يتماشى مع طبيعة الجمل اللحنية المتقلبة لكن النقطة المهمة فيه هي فهمه العميق لدور الموزع في خلق جسور موسيقية بين الأفكار اللحنية فمع كل انتقال بين جملة لحنية كان يستخدم خط الوتريات بشكل مختلف ممهدًا الطريق بسلاسة للجملة التالية ومحافظًا على تدفق العمل وتماسكه

اتخمينا

منذ ألبومه “مولود سنة 80” دأب الفنان حمزة نمرة على تضمين أغاني ذات طابع شعبي في اصدارته، كمحاولة لبناء جسر تواصل مع شريحة أوسع من الجمهور، كلمات فلبينو أحمد لم تبتعد كثيرًا عن الثيمات التقليدية والمستهلكة في الغناء الشعبي المصري كالغدر والخيانة وخيبة الأمل من الأصدقاء دون أي طرح جديد مستخدمًا إفيهات مفردات متداولة في الشارع المصري “اتخمينا، مولد واتفض، ولاد لذينة” مع توظيف كلمة “معلش” التي كانت عنوانًا لأغنية سابقة لحمزة أعاد تذكيرنا بها، رغم أن المعالجة بدت متماسكة إلى حد ما إلا أنها لم تقدم أي إضافة على مستوى الطرح سواء في الفكرة أو المفردات ، اتفهم سعي حمزة نمرة الخروج من فلك مشروعه الغنائي كنوع من تجريب أشكال جديدة على فنه وتوسيع قاعدة جمهوره ، لكن الواقع يقول أن لو أحد في نيته الاستماع والاستمتاع بأغنية شعبية لن يستمع إليها من حمزة نمرة.

وما دمنا مع أغنية شعبية لا بد من مقام شرقي يناسب الأجواء، اختار حمزة مقام البياتي أكثر المقامات الشرقية المستخدمة في الأغاني الشعبية في الفلكلور كي يبني لحنًا جيدًا بجمل متماسكة أما على مستوى التوزيع فلا اعرف سر اختيار عمرو الخضري لتوزيعها حيث تم تقديره فنيًا بشكل مبالغ فيه ولا اعرف سر نشاطه المكثف في سوق البوب المصري الذي يسيطر عليه شلة بعينها.

وافتكر

عودة إلى الأغاني ذات الطابع الذاتي العميق والمضمون الإنساني المؤثر مع الشاعر حازم ويفي، تتجلى الفكرة المحورية للأغنية في تجسيد رحلة الانسان الشاقة عبر دروب الحياة وما يكتنفها من صعوبات وتحديات قاسية، مع التأكيد على أهمية استخلاص الدروس والعبر من التجارب المؤلمة وكذلك الاحتفاء بالانتصارات الصغيرة التي تشكل نقطة الضوء في المسيرة، اعتمد ويفي على قالب ثابت لم يتغير طيلة الأغنية لكن ببناء سردي تصاعدي غني بالتفاصيل والصور الشعرية المتجددة في كل مقطع وصولًا إلى الذروة في المقطع الأخير الذي يلخص ببراعة الفكرة العامة للأغنية أن لكل بداية نهاية حتمية وان الطريق مهما طال وامتد فإن النجاح سيأتي لا محالة على قدر الجهد المبذول في صيغة تفاؤلية تبعث على الأمل وتكسر حدة الأجواء الدرامية التي سادت المقاطع السابقة مانحة المستمع شعورًا بالانتصار.

لحن جيد جدًا من حمزة نمرة على مقام الكرد، مكون من فكرتين أساسيتين فقط كنوع من التكثيف والتركيز ولمنع أي رتابة قد تنجم عن التكرار برع في تنويع طبقات الغناء حتى يلفت الانتباه ويشد التركيز خاصة في المقاطع التي اعتمدها كـ “سينيو” أو “لزمة رئيسية” تتكرر، أما توزيع اندريا مينا فكان جيدًا من ناحية توظيف الجملة الإيقاعية على مدار الأغنية كعنصر أساسي عززت الشعور بالحكي وكأنها خطوات ثابتة ترافق المستمع مع تنويع في جملة الفاصل الموسيقي تجنبًا لملل تكرار الجملة اللحنية.

طال غيابك

كلمات محمود فاروق توحي بأننا أمام أغنية عاطفية تتحدث عن غياب الحبيب،إلا أن الفكرة العامة قد تشمل غياب أي شخص قريب او صديق، المعالجة مباشرة جدًا استخدم فيها مفردات كلاسيكية معتادة وظفها بشكل جيد راعي فيها تماسك الفكرة، لازلنا مع مقام الكرد في لحن مشترك بين حمزة نمرة و أندريا مينا بجمل تماهت مع الفكرة العامة للكلمات، التوزيع بسيط جدًا اعطى مساحة جيدة للغناء مع خط وتريات قوي ساهم في تعزيز الشعور بالحالة الدرامية

بتستخبى

عودة مرة اخرى للأغاني الشعبية مع كلمات محمود فاروق في فكرة مباشرة بصياغة جديدة ومفردات شديدة اللهجة هاجم فيها بسخرية محدثي النعمة الذين يحاولون إخفاء نقصهم بالتكبر و بالمظاهر المادية الكدابة وأن الغنى الحقيقي غنى النفس والأصل الطيب وليس غنى المادة والمظاهر رغم أنها سمة العصر الذي نعيش فيه اختيار كلمة بتستخبى عنوان للأغنية كان ذكيًا لأنها لم تفصح عن فكرة الأغنية على العكس من استخدام مثلا  أول جملة في الأغنية ولاد الناس والتي كانت سوف تفصح عن مضمونها بشكل كبير.

لحن حمزة نمرة على مقام البياتي كشئ معتاد منه في أغلب أغانيه الشعبية مع تنويع في جمل اللحن ما بين موال في البداية وما بين جملة لحنية حيوية جدًا في “بتستخبى في الفلوس” مع توزيع إيقاعي من عمرو الخضري وجملة فاصل مستوحاة من الفلكلور.

ما بتلاقنيش

إقرأ أيضا

“الأهلي ميتر”.. أنت اللي اخترت يا زعيم!

فكرة اخرى جديدة تتجه صوب الأغاني العاطفية التي قد تحتمل تأويلًا اخرًا، كلمات محمود فاروق تدور حول فكرة وجود الراحة في علاقة مع شخص يفهمه دون الحاجة إلى الكلام حيث يجد في هذا الشخص الأمان والقدرة على التعبير بحرية وهي فكرة تحتمل أن الشخص قد يكون حبيبة أو أم لكن على كل حال تلك النوعية من الأغنيات تفتح بابها على مصراعيها لأكثر من تأويل.

على مقام النهاوند يأتي لحن مشترك بين حمزة نمرة ورامي بدران ، رغم تنوع أفكار اللحن إلا أن السمة الغالبة عليها هي أنها تقليدية جدًا ومتوقعه مع بعض القفلات الضعيفة، توزيع أندريا مينا دارى بعض عيوب اللحن ، استخدام منطقي لإيقاع المقسوم البطئ مع جملة فاصل موسيقي جيدة ووجود الناي كان فعالًا جدًا في هارموني الأغنية.

 كده الأيام

وصلنا إلى مفاجأة الالبوم وهي تواجد الشاعرة الكبيرة كوثر مصطفى، كأغلب كتابات كوثر مصطفى تدور فكرة الأغنية في مضمون إنساني حول علاقة الإنسان بالحياة وتقلباتها والآثار التي تتركها  عليها وصراع الإنسان مع الأيام والقدر وتناقضات العلاقات الانسانية، وكعادتها صاغت الكلمات بصورة سلسة دون تنظير أو مبالغة،لحن متعدد الأفكار من حمزة نمرة على مقامه المفضل الكرد مع توزيع إيقاعي  بسيط وضعه حمزة بنفسه

كايرو

ولدت فكرة الأغنية من احدى حفلات حمزة نمرة عندما نادى منظم حفلاته على الجمهور بجملة “حد هنا من كايرو” والتي التقطها حمزة وعمل عليها بالتعاون مع الشاعر فلبينو أحمد، بناء الفكرة جيد جدًا حيث

 لم تحتفي الأغنية بـ كايرو أو القاهرة كمدينة ولكنها تدور في فكرة أعمق وأشمل حول الشعور بالوحدة والحاجة الملحة للتواصل مع أي شخص يشبهه يشاركه أفراحه وأحزانه من مدينته “كايرو”.

لحن حيوي جدًا من حمزة نمرة و أندريا مينا على مقام النهاوند، مع توزيع إيقاعي مدعوم بخط وتريات قوي جدًا ونحاسيات مبرمجة بالكيبورد أعادت تذكيرنا بالعصر الذهبي لموسيقى الديسكو في الثمانينات .

قرار شخصي

فكرة فلسفية جديدة يطرحها الشاعر عمر طاهر تتمحور حول الرضا والتصالح مع الذات والابتعاد عن المبالغة في ردود الأفعال تجاه تقلبات الحياة، الأغنية دعوة للعيش ببساطة مع تبني لا مبالاة إيجابية تجاه أحداث الدنيا حيث لا شئ يستحق الإفراط في الفرح أو الحزن أو القلق، الصياغة جيدة جدًا من طاهر حيث تحرر فيها من قالب الأغنية التقليدي.

لحن جيد جدًا من حمزة نمرة على مقام الكرد يحمل طابع نهاوندي مع عُربات على مقام الحجاز ، توزيع حيوي جدًا لاتيني من حمزة نمرة ، استخدام جيد للإيقاع مع كوردات الجيتار وجملة فاصل أكثر من رائعة.

الختام

في حوار لـ حمزة نمرة عبر أثير إذاعة نجوم FM بعد صدور الألبوم كشف عن تحول في رؤيته للأعمال الفنية، حيث أشار إلى تخليه عن هوس البحث عن الكمال، هذا الهوس كان بمثابة قيد يؤخر أعماله و يستنزف طاقته في رحلة لا تنتهي نحو غاية مثالية بعيدة المنال، أما الأن فقد قرر أن يتعامل مع الألبومات برؤية أكثر نضجًا وهدوءًا وهو مدرك أنه عادة لا يخاطب المستمع العابر أو المستمع الذي يلهث خلف التريند هو يبني جسرًا متينًا مع قاعدة جماهيرية وفية اتسعت أم بقت نخبوية لكنها تدرك القيمة الحقيقية لمشروعه الفني وتعي تفرده وتميزه في مشهد غنائي يميل أحيانًا إلى التنميط والتكرار.

ألبوم حاجة غير : اّمال ماهر أفكار متنوعة على لسان امرأة واحدة