445 مشاهدة
نريد إنهاء حياتنا.. أشخاص لجأوا للانتحار بسبب “كورونا”
-
سمر عبد الله
كاتب نجم جديد
صمت شديد.. الابتعاد عن كل شيء.. النوم لفترات طويلة قد تصل لثلاثة أرباع اليوم.. هذه هي الحالة التي تسبق محاولة المكتئب للانتحار، فالأفكار السلبية باتت تسيطر عليه، لا يوجد مخرج من أزماته -مادية كانت أو معنوية- سوى التخلص من الحياة، بحسب وجهة نظرهم، لذا فإنهم يقررون بشكل مفاجئ الانتحار بأي وسيلة، لتنقذهم رحمة الله في اللحظة الأخيرة وتنتهي محاولاتهم بالفشل، وكأن الله يعطيهم فرصة ثانية للاستمتاع بالحياة، لكن الصدمة في عدم وجود أي مقوّمات للحياة هذه الفترة، فالبلد مُغلقة، لا يوجد أي مكان ترفيهي يُمكن الذهاب إليه لمعالجة الاكتئاب، والأصدقاء حرمتهم الظروف الراهنة من لقاء بعضهم البعض، ليصبح المخرج الوحيد من الأزمة هو الطبيب النفسي، الذي يطمع أهالي المنتحرين في أن يتمكن الطبيب من علاج ابنهم أو ابنتهم من ذروة الاكتئاب التي تزامنت مع ذروة وباء كورونا العالمي.
دخلت مصر في الشهر الثالث من محاربة فيروس كورونا، والذي صاحبه إجراءات مشددة للحفاظ على صحة المواطنين تسببت في إغلاق مصدر الرزق لعدد كبير من العاملين بمختلف القطاعات، وصاحبه أيضًا إجراءات تباعد اجتماعي، لتبدأ الآثار النفسية لأزمة كورونا في الظهور بمحاولة عدد كبير من الشباب والفتيات بالانتحار، للتخلص من حياتهم.
“الميزان” تحدث مع عدد ممن وافقوا على الإفصاح عن تجربتهن مع الانتحار، مع طلب إخفاء الاسم الثاني لهم، خوفا من مواجهة المجتمع لهم بجملة من الاتهامات، فهم ما زالوا في مرحلة العلاج النفسي.
“أسماء. ز”، مديرة العلاقات العامة بإحدى أكبر الشركات في مصر، روت تجربة محاولتها الانتحار قائلة إنها عقب فرض حظر التجول في مصر تأثرت حياتها بشكل كبير، ولم يكن الظرف المادي سبب لهذه المحاولة، بل الظروف السيئة التي حاوطت أسماء جعلتها تكره الحياة وترفضها.
تقول أسماء إن والدها توفي في المنزل بفيروس كورونا، والتي سبقته والدتها قبل بدء أزمة كورونا، حيث توفت والدتها إثر أزمة قلبية مفاجأة، ليحلق بها والدها بعد شهرين من وفاتها، متأثرا بفيروس كورونا، حيث توفي والدها بعد ارتفاع درجة حرارته بشكل مفاجئ ولم تتمكن المستشفيات من إنقاذه، نظرا لكبر سنه وعدم توافر غرفة عناية مركزة أيضا.
حتى هُنا لم تتوقف حكاية أسماء مع قسوة الحياة، فعقب وفاة والدها بأسبوعين، كانت تتصفح هاتفها وهي تجلس وحدها في المنزل، لتجد الشركة التي تعمل بها أرسلت إليها إيميل منذ أسبوع ولم تتمكن من قراءته نظرا للظروف التي تمر بها، محتوى الإيميل كان فقدانها لوظيفتها بعد أن تأثرت الشركة ماليا بأزمة كورونا، لتقرر أسماء الانتحار بشريط برشام، لكن لطف الله أنقذها في اللحظة الأخيرة، مضيفة: “كنت فاقدة الأمل في حياتي.. كلها أسودت مرة واحدة.. حاسة إن ربنا اداني فرصة تانية عشان اعيش”.
ومن أسماء إلى “كريمة. ع”، الفتاة العشرينية التي حاولت الانتحار عقب تأثرها ماليا بأزمة كورونا، فهي فتاة مغتربة، تعمل محاسبة في أحد المصانع، وتعول والدها ووالدتها وأشقائها الصغار، الذين يعيشون في محافظة القليوبية، حيث تُرسل إلى والدها المبتور قدمه، نصف راتبها شهريا، ليتمكن من العيش به إلى جانب معاشه المنخفض، ويعتمدون عليها بشكل كلي لإيجاد قوت يومهم.
ذات يوم، استيقظت كريمة من النوم وذهبت إلى المصنع الذي يفصلها بينها وبينه مسافة كبيرة، لتجد المدير يخبرها بأن العاملون بالمصنع لن يتاقضوا سوى نصف راتبهم فقط، حتى انتهاء الأزمة التي تمر بها البلاد، واصلت كريمة عملها وعقب انتهاء اليوم شعرت بدوار وحزن شديد فذهبت إلى منزلها، وبدلا من أن تستريح لتذهب إلى عملها في اليوم التالي، أحضرت “موس حاد”، وقررت جرح نفسها به بعد بكاء دام لثلاثة ساعات حتى شعرت أن قلبها ألمها، ولم تجد من تخبره بأزمتها، قائلة: “حسيت إن طاقتي خلصت.. بشتغل 12 ساعة عشان اوفر فلوس لابويا وامي واخواتي… مش هقدر اشوفهم جعانين”.
وتستكمل كريمة حديثها، إن جارتها التي تجلس معها دائما شعرت بأن هناك شيء يحدث داخل الشقة نظرا لصوت كريمة العالي في البكاء والصراخ، فهاتفتها إلا أن كريمة لم ترد على هاتفها، فقررت جارتها كسر الباب بعدما ظنت أن هذا الصراخ يمكن أن يكون جريمة قتل، وفور كسر باب الشقة تمكنت جارتها من إنقاذها عن طريق باقي الجيران الذين لم يخشوا فيروس كورونا وذهبوا بها إلى المستشفى لإنقاذها.
حكاية “أنس. م” لم تختلف كثيرا عن الحكايات السابقة، فهو شاب ثلاثيني جاء له عقد عمل بإحدى الدول الخليجية، قبل أزمة كورونا، وأنهى إجراءات السفر بإعداد كل الأوراق اللازمة، بل والأكثر مرارة من ذلك، أنه تقدم باستقالته من عمله استعدادا للسفر، وقبل السفر جاءت أزمة كورونا لتنهي رحلة أنس، أو بمعنى أدق يتم تأجيلها، ليجد الشاب الثلاثيني نفسه غارقا في الديون والالتزامات تجاه أسرته المكونة من طفلين، فيقرر الانتحار بجرعة زائدة من مخدر، مؤكدا أنه لم يكن يتناول أي نوع من المخدرات من قبل، لكن أحد أصدقائه نصحه بالتجربة، قائلا: “قعدت اشرب كتير وادعي ربنا إن قلبي يقف أو يجيلي هبوط.. قلت لأصحابي خلوا بالكم من عيالي”، مؤكدا أنه ودّع أسرته بتقبيل أبنائه قبل إقدامه على الانتحار بجرعة زائدة من المخدر.
وعقب إنقاذ أنس من الجرعة الزائدة من المخدرات من قٌبل أصدقائه، ذهب أنس إلى طبيب وقرر علاج نفسه خوفا من تكرار التجربة، مضيفا: “ربنا بيعذر وعارف إن الحال ضاق”.
الكاتب
-
سمر عبد الله
كاتب نجم جديد
الوسوم
ما هو انطباعك؟
أحببته
5
أحزنني
4
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide