ثيودور هول منع “الحرب النووية”وأنقذ الصين..لكنه شارك في صناعة قنبلة دمرت اليابان
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
قبيل الحديث عن ثيودور هول فمع بداية الحرب العالمية، كانت كل دولة تبذل كل ما في وسعها للفوز بتلك الحرب، مهما كان الثمن، ومهما كانت الخسائر، وقررت الولايات المتحدة الأمريكية تخطي الحدود الانسانية والخوض في تجربة تصنيع القنبلة النووية، ودعمتها بريطانيا وكندا، في مشروع مانهاتن الذي كان قائمًا على تصميم القنبلة النووية، وصناعة أسلحة، وعدة مستلزمات للحرب، ووصلت تكاليفه إلى حوالي 2 مليار دولار، وهو رقم كبير للغاية آنذاك.
ولكن السياسة لعبة قذرة يفوز فيها الأكثر خبثًا ودهاءًا، تحولت الأمور، ولم يعد مشروع مانهاتن سريًا، بفضل ثيودور هول الذي أنقذ الصين من التدمير، وغير مسار العالم والتاريخ.
ميلاد مشروع مانهاتن
مع بداية المشروع تم اختيار أبرز الباحثين والعلماء للعمل به، ومن ضمنهم كان الباحث الشاب ثيودور هول ، الذي كان معروفًا منذ صغره بذكائه وعبقريته في مادتي الفيزياء والرياضيات، لدرجة أنه حصل على عرض من جامعة هارفارد للالتحاق بها، وبعد تخرجه منها بامتياز، كان اسمه معروفًا وسط العلماء الفيزيائيين، وطلبوا انضمامه لهم في مشروع مانهاتن.
الجاسوس الروسي
في ذلك الوقت كان ثيودور هول قد بدأ في التقرب من رفيقه في السكن “سافيل ساكس”، الذي كان شيوعيًا متعصبًا من عائلة روسية، وبدأ ساكس في التأثير على أفكار واتجاهات ثيودور السياسية، وبدأ يتولد بداخله رعب وخوف من تملك أمريكا لكل تلك القوة، وأنها ستسيطر على العالم بقنبلة واحدة، وستصبح هي القوة العظمى ولن يستطيع أحد التصدي لها بعد ذلك.
وظل ساكس يحرض صديقه، حتى توصل الأخير لفكرة تسريب معلومات المشروع السري لدولة أخرى حليفة وقوية، مع اقتناع تام بأنه ينقذ العالم والبشرية، وأن تلك لا تعد خيانة، ولأن ساكس أصله روسي، فوقع الاختيار على روسيا، وسهل ساكس له التواصل مع المخابرات الروسية.
كانت العلاقة بين روسيا وأمريكا متوترة في الأساس، وعلى الرغم من كونهم دولتان حليفتان، إلا أنهما كانا يقومان بالتجسس على بعضهما، وكانت أمريكا قد توصلت إلى طريقة لفك شفرات الجواسيس الروس، وكانوا معروفين للغاية، حتى أنها كانت تبعث الرسائل المضللة لهم.
كل ذلك ولم يخطر لهم أبدًا وجود جاسوس في فريق عمل مشروع مانهاتن، فلم يتوقعوا أبدًا طعنة مثل تلك من علماء وعباقرة المجتمع.
عميل موسكو
استمر ثيودور هول في عمله داخل المشروع، ونقل كل المعلومات لروسيا، وكانت المفاجأة في عام 1949م عندما أعلنت روسيا قدرتها إنتاج وتصنيع القنبلة النووية، والصدمة أن القنبلة كانت طبق الأصل من قنبلة أمريكا.
وانقلبت الدنيا رأسًا على عقب داخل المخابرات الأمريكيّة، وبدأ بحث مكثف عن الجاسوس، حتى توصلوا في النهاية لرسائل مشفرة تم إرسالها لروسيا من شخص اسمه “عميل موسكو”، الذي وصف في رسائله طريقة تصنيع القنبلة بالتفصيل، وكيفية عملها، وبعد تحقيقات مطولة، اكتشفوا أن عميل موسكو هو نفسه ثيودور هول.
نجاة ثيودور هول
وقفت المخابرات الأمريكيّة عاجزة أمام تلك المفاجأة، لم تستطع اتهام أو معاقبة ثيودور، حتى لا ينكشف أمر معرفتها لشفرة الرسائل الروسية، وتقوم روسيا بتغيير طريقة تواصلها مع جواسيسها.
وهكذا فلت ثيودور هول من الأمر، تم التحقيق معه مرة مثله مثل باقي زملائه، ولكنه أنكر الأمر تمامًا، ولم يستطع أي شرطي مواجهته بالحقائق، وخرج من مبنى المخابرات وأكمل حياته بشكل طبيعي، وبعد مرور سنوات طوال، كانت الوسط هدأ كثيرًا، وانتهت الحرب، وقتها خرجت رسائله للنور، وصرح ثيودور أنه يقبل التهم عن طيب خاطر، لأنه منع تحويل الحرب العالمية لحرب نووية، وغير مجرى التاريخ، وأنه أنقذ ملايين الأرواح، وأنقذ دولة الصين التي كان مقرر لها المحو من على خريطة العالم، وبفضله تم إعلان قيام الجمهورية الصينية عام 1949م، وإسقاط حكومة الكومينتانج الموالية لأمريكا.
وهكذا أراح ثيودور ضميره، ولم يستوعب أنه شارك في تصنيع أبشع الأسلحة الموجودة على الأرض، وبسببه يُعاني آلاف اليابانيين من ويلات القنبلة النووية حتى يومنا هذا.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال