ضحايا الـ stalking ..جريمة يتجاهلها المجتمع المصري
-
لمياء محمود
كاتب نجم جديد
كنت أريد أن أبدأ مقالي بحوادث موثقة عن ملاحقة الفتيات أو الترصد بهن في مصر، إلا إنني بعد مجهود بحثي على الإنترنت لم أجد إلا ملاحقة القضاء للفتيات من الإنفلونسرز، وهو ليس نوع الترصد أو الملاحقة الذي أرغب في ذكره هنا.
الـStalking ، لا يوجد له تعريف واضح في مجتمعنا، وبالتالي الترجمة الحرفية للكلمة لا تصل بنا للمعنى المرغوب، فالكلمة في المجتمعات الغربية تحمل رعبا وتعني أن حياة الشخص الذي تتم ملاحقته في خطر، ويجب حمايته، ويتم اتخاذ إجراءات واضحة وصريحة ضد من يرتكب مثل ذلك الفعل، ولكننا لا نعرف تلك الجريمة بعد، ولا نوثقها ولا تتم المحاسبة عليها، رغم أنها في رأيي الترجمة الوحيدة الصالحة لها لتصبح على مستوى الحدث “الترصد”
ما هو الترصد؟!
أحد الحالات التي يتم تطبيق حكم الإعدام فيها على شخص ما، هو ارتكابه لجريكة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، عرفت المادة ( 232 ) من قانون العقوبات المصري معنى الترصد: هو تربص الإنسان لشخص فى جهة أو جهات كثيرة مدة من الزمن طويلة كانت أو قصيرة ليتوصل إلى قتل ذلك الشخص أو إلى إيذائه بالضرب ونحوه.
والترصد عموما هو متابعة أدق التفاصيل لشخص ما وتجميع معلومات خاصة بهذا الشخص في ما يتعارض وينتهك مساحته الشخصية، أو يعد انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة.
الترصد في عصر وسائل التضامن الاجتماعي:
في وجود السوشيال ميديا أصبح ممارسة الترصد أسهل، حيث يراقب الشخص ضحيته لسنوات طويلة، وبعد أن أصاب البشرية هوس المشاركة واعتبار كل شخص لنفسه مشهورا في نطاقه الاجتماعي، فأصبح سهل أن تتبع خطوات شخص ما من خلال منشوراته، بما يعرض حياتنا الشخصية جميعا للخطر،ودون وجود عاقبة قانونية واضحة لردع ما قد ينتج عن ذلك
منقول عن قصة حقيقية:
بعد أن راقبها لفترة زمنية ليست بقصيرة، وبعد أن حفظ عن غيب كافة ما تتناوله تفاصيل يومها، بدأ في الإلحاح عليها برسائله المتواصلة، وفي حين لجأت للشرطة للإبلاغ عن إزعاجه المستمر لنجد أن رد فعل الشرطة أنه ليس هناك شيئا ليحاكم عليه، لم يقم بتهديد واضح،بعد 6 أشهر من ملاحقته لها وعدم استجابة الشرطة لأي من بلاغاتها.
أحمد بسام ذكي
على وسائل التواصل الاجتماعي انتشرت قضية أحمد بسام ذكي، المترصد المختل الذي اغتصب جميع ضحاياه، وثار النشطاء وتدخل المركز القومي للمرأة ولكن لم يكن هناك حراك قانوني واضح، وكانت أغلبية أصوات المجتمع المصري تتعامل مع الأمر من منظور، “طيب وإيه اللي وداها هناك؟”، نحن نسير في مجتمع يعاملنا على إننا كنساء بالسليقة عاهرات، حتى أن صديقي الكاتب رامي يحيى فاجئني بأن أحد المتابعين لصفحته كان يبرر لاغتصاب أحد الفتيات بجملة من تلك الجمل التي اعتدنا عليها، ما أكيد لبسها هو اللي خلاه يغتصبها، ولم ينتبه المعلق أن الشهادة التي اختار أن يعلق عليها هي شهادة لصبي قام المدعو أحمد بسام ذكي باغتصابه.
الشعب المصري مشهور بنخوته وجبروته:
أحمد بسام ذكي شخص مترصد، مختل يجب وضعه في عنبر الخطرين ومنع أي شخص من التعامل معه لبقية حياته، على لسان أحد ضحاياه بعد مطاردته لها واتصالاته المستمرة وتحايلاته المختلفة، بمجرد أن قابلها وتمكن منها، كانت جملته الأولى، “خلتيني اتحايل عليكي لمدة شهور علشان اشوفك يا شر**طة، وعلشان اقنعك إني بحبك، بس أنا حندمك على ده..الملفت للنظر أن رجالنا _لا أعمم_ ولكن كل من تبنى منطق أن امراة فهي بالتأكيد عاهرة، أو لابسة كده ليه تستاهل، أو إية اللي وداها هناك؟، كان من ضمنهم رجل الأمن الذي وصل على صراخ الضحية وطلبها للمساعدة، ورحل بعد أن دفع له أحمد بسام ذكي مبلغا من المال، ليتركه ليكمل جريمته، بل ولم يكتفي بهذا بل وقد قال للضحية بالنص بعد أن تم اغتصابها وهي في طريق خروجها من الجحيم “أحمد بيه بيقولك يلا امشي من هنا يا بنت الوسخة، مت*اكة زي بقيت صنفكوا، تونس مش بتجيب غير شر*** , مغوار رجل الأمن، لم يشعر إنه رجلا بعد أن تنازل عن أي ذرة إنسانية داخله مقابل نفحة من المال، ولأنه ربما بشكل آخر عبر عن عجزه الجنسي والمادي في آن واحد وشعر بفحولته بعد أن سبها، شعر بإنه شريك في ذلك النوع من المتعة السادية، وأراح ضميره تماما باعتقاد أن الفتاة التونسية بالتأكيد عاهرة، رغم أنه نفس الرجل الذي تستر على اغتصاب العديد من المصريات، إلا إنه بالتأكيد في كل مرة يجد مبررا ربما كانت عيني الفتاة أجمل من اللازم، فتستحق الاغتصاب، ربما كانت ترتدي خاتم في بنصرها بالتالي هي خائنة، وربما لم تكن ترتدي خاتما في خنصرها فبالتالي هي عاهرة لم تجد من يقبل بها، وربما كانت ترتدي تي شيرت وجينز فأصبحت متشبهة بالرجال، او نقابا فبالتأكيد تختبئ من الناس حتى لا يتعرفوا عليها ربما كانت راقصة او عاهرة، كل شيء مبرر تماما في ضمير رجل الأمن وفي ضمير رجال مجتمعنا، ولا قانون يحمينا حتى الآن من أحمد بسام ذكي وأمثاله
وكم من أحمد بسام ذكي في مصر لم يتم كشفه؟
كم أحمد بسام ذكي في مصر لم يتم كشفه، لماذا كلما قامت حملة في مصر لفضح المتحرشين مات الرجال في جلودهم، لماذا كلما حاولت الفتيات مشاركت تجاربها في التحرش أو الاغتصاب أو حتى التعرض للمضايقات في مقرات العمل، قام الرجال بوصمهن بالعاهرات، وقامت النساء الميديوكرز بوصفهن بأنه بلا حياء، هل الحياء أن تنتهك الفتاة وهي ترسم على وجهها ابتسامم كابتسامة فتيات أفلام الأبيض والأسود وفارس الأحلام يخبرها أنه يحبها، هل تغير مفهوم فارس الأحلام من الشخص الوسيم الشهم المناسب والداعم الذي سيصرح للفتاة بحبه فتبتسم في حياء، إلى مترصد ومتحرش ومغتصب سينتهكها وعليها أن تضع على وجهها نفس ابتسامة الحياء سعيدة بذلك الانتهاك، وإلا انتهى مستقبلها تماما ونهش فيها المجتمع، وأخص بالذِكر غالبية مجتمع الرجال الذين قد يتعاضدون سويا خشية من أن تم فضح مغتصب أو متحرش، فسيصبح من السهل فضح بقيتهم؟
ربما أنهي مقالي نهاية اعتيادية تماماً، وأخبركم جميعا ببديهية ربما غابت عنكم، لا مبرر لقبول العنف ولا مطالبة الضحية بالإذعان، لا مبرر على وجه الأرض يجعلنا نصم الضحايا، لا مبرر للتحرش والعنف والاغتصاب، وسأطرح أسئلو طرحت مليون مرة وإن لم يكن أكثر فقط ربما أجد إجابة عليها.
إن كان سبب انتهاك المرأة لبسها فلماذا تُتنتهك المحجبة والمنتقبة؟
إن كان سبب انتهاك المرأة الفقر، فلماذا يقوم صاحب الشركة بالتحرش بأحد موظفاته؟
إن كان سبب انتهاك المرأة الحرمان الجنسي بسبب الفقر، فلماذا يغتصب الأطفال؟
كم من إمرأة تركت وظيفتها بسبب تعرضها للتحرش دون أن تعلن عن ذلك؟، تركت وظيفتها في هدوء وصمت حتى تستطيع ان تجد وظسفة أخرى ولا يتم وصمها؟، كم إمرأة تجنب المتحرش بكل الطرق في العمل ولكنه لم يتحمل الرفض فتسبب في طردها؟، كم فتاة تم اغتصابها ولم تحاول أن تقاضي الفاعل أو تذكر الأمر حتى لا ينبذها المجتمع ككل؟ وفي الأخر كم فتاة راحت ضحية العنف المنزلي تحت شعار “حافظي على بيتك”..وأخرهم فتاة الدقهلية التي أرسل زوجها لها عاملا ليغتصبها وحينما فشل قام بقتلها، يا ترى ما المبرر الذي ستريحون به ضميركم أمام ذلك؟!
كان لازم تعمل اية عشان جوزها ما يبعتلهاش حد يغتصبها؟
الكاتب
-
لمياء محمود
كاتب نجم جديد