محمد النني .. للدفئ آثارًا جانبية
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أستطيع القول بأنني اقتربت من حياة محمد النني كما لم يقترب أحد .. دخلت منزله وشربت الشاي مع والده الحاج ناصر النني الذي أصبح علمًا في المحلة الكبرى بعد شهرة ابنه، ورأيته كيف يتعامل بعد شهرة الولد وهو الذي لم يختلف كثيرًأ قبل شهرته، فالحاج ناصر أحد الرجال المكافحين ككل رجال البلد، لم ينسى كفاحه ولا يخجل من تفاصيل الحكي فيه، وكيف أن (ربنا كرمه) في محمد ليعوضه عن سنين الشقاء بعد وفاة السيدة حرمُه وحمله لمسئولية البيت وحيدًا ، ومسئولية محمد بشكل خاص.. ولا يعرف الكثيرين مما يحسدوه على نعمة الله حاليًا كيف كان يعمل الحاج ناصر لمدة تزيد عن العشرة ساعات في شركة النصر ثم يعود لبيته مرهقًا وبدلًا من النوم يصطحب محمد للسفر لتدريبات النادي الأهلي ومن بعدها المقاولون، ورأيت كيف قفز الحاج ناصر حتى طالت رأسه السقف من الفرحة حينما أحرز محمد هدف في برشلونه .لاحظت أيضًا أن محمد يتصل بوالده كل نصف ساعة تقريبًا يبلغه أصغر صغيرة فيما يحدث له حتى إن الحاج ناصر يوجه ابنه في نوعية الطعام الذي يأكله والملابس التي يرتديها، ناهيك عن مناقشة ما حدث في كل مباراة يلعبها، وكيف أن الحاج ناصر –وهو لاعب كرة قديم- يتحدث معه في كل كرة : (كان لازم تلعب الكرة الفولانية بوش رجلك الخارجي مش بطن رجلك) (قولتلك أكثر من مرة شوط وانت صدرك لقٌدام) ويعتبر الحاج ان ابنه يحتاج للنصيحة إلى الآن كما لو كان صغيرًا ، لكن نصيحة واحدة يبدو أن الحاج ناصر لم يقلها لولده .. فضيلة واحدة لم يزرعها الحاج في ابنه وهي..
لا تأمن للدفئ
هناك محطة فارقة في تقديري أنها أصابت محمد النني في مقتل، وهي انتقاله لفريق أرسنال ، وعلى عكس ما يروج له أن هذه النقطة المضيئة في تاريخه، فالشاهد أن هذه هي حقنة البينج التي ضُرب بها فارتخى جسده وظن أنه وصل لمنطقة الراحة التي يصل لها اللاعبين بعد الأربعين ، ونوعية محمد النني وتكوينه النفسي الذي استمد أغلبه من والده لا تجتمع هي والراحة في آن واحد، فالذي اعتاد الكفاح لا يستطيع أن يجمع شتاته بعد الاستسلام للراحة وإليك الفارق الجوهري
صلاح vs النني
كان محمد صلاح في أشد حالات تعكّر المزاج حينما كان يجلس احتياطي في تشيلسي ، والعارفين بالكرة مجموعون أن هذه هي النقطة الفارقة في حياة محمد صلاح ، وكيف استطاع أن يجمع شتات نفسه بعد أن ترك الدوري الانجليزي وذهب لفريق أقل بكثير منه في الدوري الإيطالي الأقل كثيرًا من الإنجليزي .. لكن الحقيقة أن هذه النقطة التي آمن بها صلاح في نفسه وصمم على العودة لكن بمكانة يستحقها وهو بالفعل ما حدث .. على النقيض ما فعله محمد النني حيث فرغ مجهوده في اللحظة التي مضى فيها عقد أرسنال، استراح على أريكة الاحتياطي ورضى بها، استمر تمسحًا في اسم المؤسسة التي يعمل بها ونسى نفسه، فتضائلت فرصه وحجّم نفسه بنفسه حتى تركه أرسنال وأصبح لاعبًا في فريق باشكتاش التركي وهو فريق ضئيل للغاية، ومستوى النني أكثر ضئالة ، ومستواه في المنتخب لا يؤهله للعب فيه لكن حماية الاحتراف هي آخر ما تبقى له، وقريبًأ – وهذا ما لا أتمناه- ستختفي كل هذه الأسباب الواهية وسيعود النني للدوري المصري أو سيستمر في أوروبا كـ (نصف محترف) أو محترف باهت ، لم يعرف أن حالة الدفئ لها آثار جانبية ، وكان من الممكن أن يفوز بحجم أكثر من الكعكة لكنه اكتفى فقط بالكريزة!
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال