همتك نعدل الكفة
576   مشاهدة  

ليلى مراد تكتب : أنا زوجة فاشلة

ليلى مراد
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



 

يقول الكاتب خيري شلبي عن ليلى مراد : أول صوت بشري يمنحه المستمعون في مصر لقب الصوت الملائكي ، وصحيح أن المستمعين لم يسبق لهم الاستماع إلى صوت الملائكة إلا أن هذه الصوت في حد ذاته إضافة للمعنى وتعميق له، فالتعبير مطوي على مجاز شعري واضح، لو نظرنا فيه الداخل طالعنا تعبير أوسع يقول : لو تصورنا أصوات الملائكة في خيالنا لما كان هناك أجمل من صوت ليلى مراد ينطق به الملائكة الأبرار الأطهار .

أرأيت إلى النقاء في حجر كريم كالعقيق كالياقوت كاللؤلؤ؟ أظن أن هذا الصوت أقرب إلى نقاء اللؤلؤ ، يعكس جميع ألوان الطيف ، ولكن بعد ينقيها ويصفيها من شوائب الغبار وأوشاب الأرض يضفي عليها نقاء جوهرة الثمين ، صوت ليلى مراد يحدث نفس يحدث نفس الأثر في جميع الطبائع المستمعة ، من المجرم ميت القلب إلى الجلف الخشن وحتى الحيوانات من الحمير إلى الأسود إلى القردة وحتى النبات والطير والشجر والجماد كل ذلك يتمايل، يهتز طربًا تتزلزل مشاعره لدى مرور الصوت – مجرد المرور – بأعطافه .. يتحول الجماد إلى بشر ، ويتحول البشر لمخلوقات نورانية تشع بالصفاء والوجد الصوفي .

هو صوت محيط كحضن الأم الرءوم ، تباع كثدي المرضعة ، هطال كمطر الشتاء ، فواح كالياسمين ، بواح كوتر الرباب ، متهدج مصوت الناي ، ناعم سيّال كقوس الكمان ، مرن القوام معطاء مطاط كعرق العسل كفتلة القطن طويلة التيلة ، عرضه عرضان مثل القماش الصوف ، حنون كالقطيفة كجوخ العباءات القديمة ، رطيب كالندى حار شهي كالفلفل الأسود كرائحة الكمون ، صادق ناصع الصدق كالدقيق العلامة كالسمن البلدي ، أرستقراطي الرحيق كالبلح الزغلول الأحمر ، شعبي مشبع كالفول بالزيت الحار والليمون والبصل الأخضر في الأصبحة المصرية الشتائية .

YouTube player

كل هذه الصفات التي أبدع كاتبنا الكبير خيري شلبي في سردها لشرح صوت ليلى مراد .. لم تكن شافعة لصوت الملاك ليلى مراد أن تعيش حياة هادئة يستمع الناس لصوتها فيستمتعون ، وتعود هي إلى منزلها فتهدأ حتى تعود للغناء مرة أخرى .. لكن بما إن الرياح لا تأتى كما تشتهي السفن ، كانت حياة ليلى المراد قطعة من القلق والتوتر ، قطعة متقدة دائمًا .. بالأخص ما حدث في زيجاتها .

 

ليلى مراد تصارح جمهورها 

 

ونشرت مجلة الكواكب مقالًا بعنوان “أنا” .. هذا المقال بخط يد ليلى مراد تحكي فيه عن مرارة حياتها القاسية .. وقالت فيه:

أنا ابنة (الحظين) .. الحظ الباسم والحظ العاثر .. الحظ الضاحك والحظ العابس . دارت بي عجلة الحياة في غير الدورة التي كنت أمنّي النفس بها ، دارت بي متخذة وجهة غير التي كنت أريدها .

قال الناس عني : مطربة ذات صوت شجي أخّاذ ، وقال الناس أيضًا : محظوظة ذات طالع سعد نادر ، أقول عن نفسي : أنا ليلى مراد التي تعذّبت في حياتها الماضية ، وتتعذب في حياتها الحالية ، وسوف يطاردها العذاب في حياتها الآتية .

وما السبب؟

كنت لا أريد لنفسي أن أكون مغنية ، ولا ممثلة ، وكنت أمنّي نفسي بأن أكون مدرسة ، أو زوجة كباقي الزوجات السعيدات . وفشلت في أن أكون مدرسة لأن القدر حارب أبي في رزقه بعد أن أفسح له صدرًا طويلًا عريضًا ، فقذف أبي بي كورقة أخيرة في يده على مائدة الحياة لكي يستمد القوت له ، ولإخوتي مني ، وكان الوقت عسير المنال على المطربات وأهل الفن حيث المال الوفير ، والعيش الرغيد .

إقرأ أيضا
مسلسل بدون سابق إنذار

وباعدت حياتي الجديدة بيني وبين الزواج الموفق . الزواج في كنف ظليل لا حسد فيه ولا وقيعة ولا ضغينة . وهل استحق أنا الشهرة التي نلتها في حياتي كفنانة ؟ الجواب حاضر منتزع من النفس المشوبه بالأنانية وهو يقول : نعم .. نعم .. لأنني أذبت روح قلبي في الفن لكي أصعد ، وسهرت الليالي مؤرقة لكي أنام بعدها قريرة العين ، وبكيت الشهور خوفًا من الفشل . ثم لم أستعد ذوب قلبي ، ولم أنم قريرة العين ، ومازلت أبكي ، لا خوفًا من الفشل ، بل أسفًا على ما فات .

الكواكب – 1954

ليلى مراد
ليلى مراد على غلاف مجلة الكواكب

تعقيب على مقال ليلى مراد “أنا” 

يقول الكاتب أشرف غريب في كتابه “مذكرات ليلى مراد الخاصة” : كتبت ليلى مراد هذه السطور في أعقاب زيجتين فاشلتين من الفنان أنور وجدي ثم قائد الجناح وجيه أباظة، وفي ظلال الشائعات التي طاردتها بشأن علاقتها بإسرائيل على خلفية أصولها اليهودية ، فبدت في حالة شجن واضح وهي تسترجع أمام عينيها شريط حياتها التي سارت على ما غير ما كانت تصبو إليه ، وكشفت عن الوجه الآخر الذي  يستتر خلف ابتسامة هذه الفنانة المشهورة ، وجه يؤكد أنها أبعد ما تكون عن الإحساس بالسعادة وراحة البال على الرغم من كل هالات الأضواء والشهرة والنجاح .

الكاتب

  • ليلى مراد محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
1
أعجبني
1
أغضبني
1
هاهاها
1
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان