التحرش والمرأة المستقلة .. نظرة محايدة
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
(التحرش .. المرأة المستقلة )
الكلمتين، أو المصطلحين، دول ممكن مايكونش ليهم أي تأثير في الشارع المصري بشكل عام.. لكن ليهم تأثير كبير في أوساط معينة، خصوصا اللي ينفع يتم الإشارة ليهم بشوية مسميات زي (تقدميين، ثوار، فيمينيست، مثقفين، حقوقيين، نشطاء، ….. إلخ) ماقصدشي أجمع كل دول في سلة واحدة أو أني أشاور عليهم جميعًا لا حتى أني أشاور على حد فيهم على وجه التحديد.. إنما مافيش مسمى واحد جامع بيضم الشريحة المجتمعية اللي بأقصدها، ودايمًا -وأنا منهم- بيتكلموا عن نفسهم بصيغة “إحنا”، وبيشاوروا عن كل ما هو مغاير بصيغة “هُمّه”، في محاولة لتمييز أنفسنا كحملة أفكار مغايرة لما هو سائد في المجتمع.
وارد جدًا اللي يقرا السطور دي يكون أول مرة يسمع عني أو يقرا ليا حاجة، فياريت اللي ده حاصل معاهم يتوقفوا عن القراية ويدوروا على أي كتابات سابقة يقدروا يعرفوا منها شوية عن أفكاري وتوجهاتي، أما اللي يعرفوني.. فياريت مايتخضوش ويكملوا معايا للآخر عشان نفكر سوا يمكن نوصل لإجابات مُرضية للعقل.
التحرش:
ليا فترة -مش قليلة- مرتبك ومش قادر أوصل لتعريف واضح للكلمة دي، المصطلح في حد ذات لا خلاف على كونه عنوان لجريمة غير إنسانية بالمرة بيرتكبها طرف قوي تجاه طرف أضعف، وجرت العادة أن الجريمة دي بيرتكبها الرجال ضد النساء.. وأن النوع المفضل لمجتمعنا من أنواع التحرش.. هو التحرش الجنسي، وأخيرًا بعد فترة طويلة من الصمت ظهرت أصوات تعلن عن انتشار المصيبة دي في مجتمعنا، وكان رد فعل المجتمع -الغالبية العظمى- هو الهجوم على كل من ترفع صوتها لفضح المعتدي، لدرجة أن جملة حقيرة زي “إيه اللي وداها هناك” بقت مصطلح ذا دلالة.
في المقابل تهمة التحرش صارت في مجتمعنا الموازي “إحنا” بقت مصيبة منيلة بنيلة.. زي كده تهمة “أمن” بالنسبة للمجال السياسي والحقوقي، اللي هي نفسها تطور لفظي لمصطلح “مخبر” المتوارث من الأجيال السابقة في العمل السياسي، اللي هو نفسه “المُرشد” في الأوساط الشعبية (مع عدم الاعتذار للإخوان)، بناء عليه أصبحت الستات المنتميات لمجتمع الـ “إحنا” إذا تعرضت للتحرش في مجتمع الـ”هُمّه” من الأفضل ماتجيبشي سيرة الأعتداء الحقيقي نهائي، لإنه “هُمّه” هيقفوا ضدها وهيستميتوا في إنقاذ الجاني من أي ضرر ممكن يتعرض له، إنما تكدب وتتهم الجاني بجريمة تانية زي السرقة مثلًا.. وهنا نفس الـ”هُمّه” هيعدموه العافية قبل ما يسلموه للشرطة تكمل على بقيته.
لفت نظري أن فيه ستات بيستخدموا تهمه التحرش كسلاح في مواجهة أي عدو من أي نوع، وده بالظبط شبه كده شوية النصابين اللي استغلوا ظاهرة “الاختفاء القسري” ولموا فلوس من محيطهم المجتمعي تحت أي مبرر وهربوا، ولما الضحايا سألوا أهله عنهم إدعوا إنهم اختفوا قسريًا، واتهموا الداخلية إنها خطفتهم.
طبعًا حالات استخدام الستات المزيف للتهمة لا يقارن بأي حال من الأحوال بحالات التحرش والاعتداءات اليومية اللي وصلت لدرجة أن فصل الستات عن الرجالة تحول لمصدر أكل عيش لكافيهات وصالات رياضية وحتى لشركات بتقدم خدمة التاكسي.. والدولة نفسها أعتمدته في المواصلات العامة، درجة مرضية لا يمكن شرحها في سطور وإنما محتاجة دراسات علمية متخصصة تفسر لنا انتشار الجريمة دي بين أفراد قبل سن البلوغ أو بعد الوصول لسن إنعدام القدرة الجنسية -كجناة أو ضحايا-، وزي ما أنا مهاجم واضح للتحرش بوصفي أحد المجبرين على الحياة في مجتمع يسيطر عليه الـ”هُمّه”.. فكرت أني أتابع مجتمع الـ”إحنا” وهل عندنا مفهوم واضح عن التحرش؟؟
أنا شخص مش أكاديمي ولا حتى من حملة المؤهلات العليا، وأعتمدت في أغلب حياتي على التعلم من الحياة مباشرة، بالتالي عشان أدور على مفهوم واضح للتحرش ركزت في تصرفات البشر الـ”إحنا” مع بعضهم، وخصوصا أن “إحنا” مهما نختلف في أي موضوع أو أي قضية بنفضل متفقين على تجريم التحرش لدرجة أن التعرض لاتهام من النوع ده بيعتبر وصمة عار ممكن تنهي وجود شخص بينا وتجبره على الخروج من جنة الـ”إحنا” والهبوط لأرض الـ”هُمه”.
ركزت في رحلتي على متابعة سلوك عينات عشوائية من النساء، تحديدا المستقلات، لإن التوصيف ده محسوب على مجتمعنا “إحنا”، وبعد فترة فكرت أشارك ملاحظاتي مع مجموعة من الـ”إحنا” في واحد من جروبات “فيس بوك” المشهود لها بالانفتاح والتقديمة والجراءة.. وأنا شخصيًا أشهد بالكلام ده خلال فترة تواجدي الطويلة نسبيًا، فكتبت بوست يضم مجموعة تساؤلات حول مفهوم التحرش.. وأزاي نقدر نحدد إن كان شخص ما مُتَحرش ولا لأ، وكمان عن أزاي نفرق بين الأنثى التقدمية والأنثى اللي بتظيط في الظيطة، مش هي دي نفس المفردات اللي استخدمتها في البوست.. وارد جدًا أكون أخطأت في استخدام مفردات دارجة ذات سمعة سيئة زي “شمال”.. لكن الأمر في تقديري مش كارثي، خصوصًا وإنه لفظ شائعة زي “نهار إسود” و “ليلة سودة” اللي لو أعتبرتهم عنصرية محتاج أحاسب ملايين البشر من الـ “إحنا”، ده غير أن الموضوع منشور في مجموعة مغلقة ليا فيها فترة مش قليلة ومن المفترض أن الأعضاء عندهم قدرة أعلى من غيرهم على النقاش والتفهم، المهم أن النتيجة كانت كارثية وتم الهجوم عليا بوصفي رجعي وذكوري ومتخلف ومن أكلة الجبنة.. ووصفتني أحدهم أني مفلس ووحش بالتالي مش لاقي واحدة ترضى بيا، في اعتراف ضمني بأن الثراء يضمن لصاحبه الحق في التحرش… على الأقل بالنسبة ليها.
وصلتني كمان شوية رسايل ومكالمات من أصدقاء ومعارف وأشخاص جدد -من الجنسين- بين متفهم ومهاجم ومُناصر، في حساباتي تساوى المهاجم العمياني بالمُناصر العمياني.. وسعدت بس بالمتفهمين اللي دار بينا نقاش متفتح بعيد عن التشنجات في أي اتجاه، بس الكارثي أن النقاشات الحرة والمشاهدات الشخصية أتفقت مع ما وصلني من هجوم، وهو أن لما راجل يمد إيده على ست مايعرفهاش ده فعل غير محدد التوصيف في حد ذاته.. وإنما التوصيف يتم بناء على رأي الست في الراجل ده، إذا عجبها -لأي سبب- يبقى فعله ده مبادرة أو جراءة أو أي مسمى تاني تصنيفه في الأخر “قشطة”، أما لو الراجل ده ماعجبشي الست دي ساعتها يبقى ده أعتداء والراجل ده متحرش.
وبصراحة ده كلام لا يتماشى مع الحالة السائدة من الماطلبة المطلقة بتجريم التحرش وتغليظ عقوبته، وبالشكل ده يبقى من المنطقي أعتماد المحاولة الأولى كعرض مسموح به.. ويعاقب كل من يكرر المحاولة بعد رفض الأنثى، أما لو كان الاختيار لاعتبار المحاولة الأولى جريمة يبقى من المنصف تغير تصنيفها.. بحيث يبقى الراجل في الحالة دي مش “متحرش” وإنما “عديم الخبرة”.
المرأة المستقلة:
أما التساؤل التاني بتاع التفريق بين الأنثى المستقلة والأنثى اللي بتطيظ فكان قائم على أساس متابعة حركة الحساب على المشاريب أخر الليلة، فأي راجل وست خلال السهرات -اللي تابعتها- كان بينهم أي أداءات وملامسات جنسية.. بلا إستثناء الشيك كان من نصيب الراجل ولم تدفع الأنثى “المستقلة” حاجة، بحكم قدمي في المنطقة ومعرفتي بأشخاص كتير بعينهم عارف مين بتقدم نفسها للعالم بوصفها فيمنيست ومين تقدمية ومين معتادة تسكر بثدييها “زي أي شاب ممكن يبيع مخدرات لأصحابه عشان يضمن تعميرته هو مجانًا”، بس وقت دفع الشيك بيتساوى الجميع، إلا حالات نادرة.. ودول غالبا باب الشهيصة في المراقص مقفول عندهم أساسا لأسباب ماعرفهاش.
ختامًا… كل ما سبق يحزنني بشدة، فهو ضد كل قناعاتي وأفكاري وكتبت وصرخت ضده..
لكنه الواقع .
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال