شارلوك هولمز الذي يسكننا

صباح الخير يا جيجي أو مساء الخير….الفرنسيون يمدون “بونجور” طيلة ظهور الشمس، ونحن نلون كل ساعة بتحية، هل لأننا مرنينون ؟.

كل شيء فى ظاهر حياتنا يقود إلي المرونة، إلي التفهم وقبول الآخر، وكل شيء أيضًا ينفي ذلك، هؤلاء الذين نقابلهم ونقول لهم صباح الخير فيردون بالسلام عليكم، هذا مثال بسيط يا جيجي.

منذ أيام كنت أجلس فى مقهي وعلي طاولة قريبة كان يجلس رجل مع بعض أصدقاءه، ثم رن هاتفه، فأخمد صوت الجرس ولم يرد، هل تعرفي ماذا حدث، جاءه رجل من مدخل المقهي كان ممسكًا تليفونه، ووصل نحو وسأله لماذا لا ترد علي اتصالي؟.

كان جاري فى الطاولة محرج، وهو يبحث عن اجابة لطيفة، بينما الآخر يصوب نحوه الاتهامات ربما لأنني كنت أجلس وحيدة اخذت أُفكر فى الأمر، ما المشكلة أن يتصل أحدهم فلا نجيب، وما هو الانتصار الذي حققه وهو يواجهه بعدم الرد، وكأنه فاجأه بفعل فاضح.

هل تعرفين يا جيجي يحاول البعض أن يكشف غيره متلبسًا بالكذب، كأن يتصل شخص بآخر فيقول له أنه فى مكان بينما هو فى مكان آخر، وعقب انتهاء المكالمة يظهر له المتصل بابتسامة تشفي، ولسان حاله يقول له أنت كاذب!هؤلاء الذين يصرون علي كشف نقائصنا لنا ماذا يربحون؟.

نتحدث عن المرونة فنحن غير مرتبطين بكود للبس، ولا تحية فى وقت محدد، ولا أماكن معينة للخروج، ولا حتي ارتباطنا بمشروب فى وقت بعينه نفعل كل ذلك لكننا نعلق المشانق لغيرنا.

عزيزتي جيجي

أحلام السلطة بداخل الكثيرين منا، التحكم والنفوذ، محاولات التملك والتسلط تُسيطر علي طفولتنا، فهل لذلك يسعي أحدهم لاظهار نقائص الغير؟.

كثيرون يتحولون بداخلهم لضباط شرطة من طراز رفيع، يسعون بدأب لمعرفة ما يخفيه شركاءهم، وتأتي اللقطة الحاسمة حين يأتي أو تأتي حاملة دليل الإدانة، كأن تفاجئ امرأة صديقتها بالبيت، أو فى مكان.

إقرأ أيضًا… بعد فشل حفل عمرو دياب الأون لاين “تبزنس تعيش لاخر حياتك.

هل تعرفين يا جيجي أن تلك الأفعال تصنع عداوات مجانية؟ قد يكون الشخص الذي لم يرد علي الهاتف او اعتذر عن لقاء لديه أسبابه، أيا كانت، لا تتوافر لديه المال الكافي لأمر ما، لا طاقة له بلقاء شخص بعينه، يود اظهار صورة جميلة عن نفسه، ثم يظهر الطرف الآخر ماركة شيروك هولمز ليكشف النقائص، ويعلن عن اكتشافاته المذهلة، فهل تساوي ابتسامة الانتصار علي وجه كسر انسان بداخله؟ غرس بذور عداوة؟
وهل يعتقد أنه بعد أن يكشف لصديقه/صديقته/حبيبته / زميله … أنهم كاذبين ستسمر العلاقة بنفس الود السابق؟.

للانتصارات نشوة، يتصاعد الادرينالين معلنة سعادة فهل كشفنا لعيوب رفقتنا هو انتصار؟البعض يتفنن فى إظهار عيوب وضعف غيرهم، غير ملتفتين لحقول الغضب والكره التي يحرثونها ويزرعنها صبارًا تقضي مرارته علي كل جميل، وكراهيته علي كل محبة، ربما يكونون مرضي، ولكن من منا سليم معافي تمامًا؟
هل نسعي للاكتمال علي نقائص وعيوب غيرنا؟.

شارلوك هولمز

إقرأ أيضا

زغرطي ياللي أنتي مش غرمانة

كثيرون مزيفون يدعون المرونة وقبول الآخر، بينما أفعالهم غير ذلك، ويظل مشهد المقهي يؤرقني، لابد أن علاقة الرجلين تأثرت بالفعل التافه، فماذا كسب شارلوك هولمز ؟.

لا أرغب فى التعميم لكن ألا تُشير الأكثرية لحكم أقرب إلي الشمول، حتى أن غالبيتنا بات يندهش حين يقابل شخص يقبل صديقه أو صديقته او حبيبته بعيوبهم ويعرفها، وكأننا مجموعة ملائكة هبطنا الأرض مع مجموعة أخري من البشر فقرر الملائكة أن يكشفوا عيوب ونقائص البشر ولكن لماذا؟.

لماذا يفكر انسان أن يكشف لغيره أنه يعرف أنه كاذب؟ او لص أو مرتشي أو أي عيب موجود فيه؟ يمكن أن نتفهم إظهار العيوب فى لحظات نهاية العلاقات، فى محاولات القاء اللوم على الطرف الآخر، لكن في مسارات العلاقات العادية لماذا يحدث مثل هذه المكاشفات؟.

إن الأمر يؤرقني يا جيجي ولا أعرف لماذا يفعل البعض منا ذلك، لكنني أتمني أن يقف أحدهم أولا قبل أن يكشف عيب أو نقيصة لدي شخص آخر ويسأل نفسه لماذا يفعل ذلك وماذا سيكسب؟.