“متخليهوش يضحك عليكي باسم الغيرة” الدين يحرم تجسس الخاطب على مخطوبته
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تنتهي علاقة الحب قبل الخطوبة وبعدها عبر سلاح تجسس الخاطب على مخطوبته باسم الغيرة، وفي حقيقة الأمر أن المسألة ليس لها صلة بالغيرة المبالغ فيها وإنما التوصيف الصحيح هو الشك وقلة الثقة.
تجسس الخاطب على مخطوبته يتم بالتنصت على مكالماتها الهاتفية أو أخذ هاتفها المحمول والتفتيش في الرسائل والمحادثات ونحو ذلك، سوءًا بموافقتها أو دون علمها.
معنى الخطوبة التي يجهلها بعض الشباب أو أغلبهم
تتفق كل كتب الفقه على أن الأصل في مرحلة الخطبة أن تكون بعد التأني في اختيار المرأة المناسبة لتكون زوجة في المستقبل؛ وفي هذا تقول دار الإفتاء المصرية «لا تسير مرحلة الخطبة على نسقٍ صحيحٍ إلا بتخلُّق كلا الخطيبين ابتداءً بالثقة التامة في بعضهما البعض، وتكدير العلاقة بين الخطيبين بسوء الظن وتتبع العورات واختلال الثقة بينهما يتنافى مع الحكمة والقيمة الأخلاقية والاجتماعية التي قصدها الشرع الشريف في تشريع الخطبة».
التجسس والتحسس .. تعددت المسميات والحكم واحد
أنماط تجسس الخاطب على مخطوبته كلها تعد اعتداءًا على حقها وانتهاكًا لخصوصيتها، وكافة تلك الأشكال محرمة شرعًا لأن الأصل في القيام بها هو الظن وقال سبحانه وتعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا»، وتفسير ﴿وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ معناه عدم تتبع العورات والمعائب بالبحث عنها.
اقرأ أيضًا
دلائل الخيرات في الصلاة النبي “هل شبهة وصف الرسول بأسماء الله صحيحة ؟”
ذكر الإمام ابن كثير في كتاب تفسير القرآن العظيم «يقول تعالى -أي في هذه الآية- ناهيًا عباده المؤمنين عن كثيرٍ من الظن وهو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله؛ لأن بعض ذلك يكون إثمًا محضًا، فليُجتَنَبْ كثيرٌ منه احتياطًا، ورُوِّينَا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “ولا تَظُنَّنَّ بكلمةٍ خَرَجَتْ مِن أخيكَ المسلمِ إلا خيرًا وأنتَ تَجِدُ لها في الخير مَحْمَلًا”»
لا يتوقف الأمر عند التجسس فقط بل هناك أيضًا شيء اسمه التحسس ونهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال الإمام النووي في كتاب شرح صحيح مسلم «قوله صلى الله عليه وآله وسلم: وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا الأول بالحاء والثاني بالجيم، قال بعض العلماء: التحسس بالحاء: الاستماع لحديث القوم، وبالجيم: البحث عن العورات، وقيل: بالجيم: التفتيش عن بواطن الأمور، وأكثر ما يقال في الشر، والجاسوس صاحب سر الشر، والناموس صاحب سر الخير. وقيل: بالجيم: أن تطلبه لغيرك، وبالحاء: أن تطلبه لنفسك؛ قاله ثعلب. وقيل: هما بمعنًى –أي بمعنًى واحد-؛ وهو طلب معرفة الأخبار الغائبة والأحوال».
هل الخاطب له سلطة ؟
يمكن للقارئ أن يتساءل مستنكرًا من باب أن الخاطب له الحق في الاطلاع على أسرار؛ انطلاقًا من ظنه بأن له سُلطةً على خطيبته بموجب الخطبة، لكن دار الإفتاء المصرية تشير إلى أن هذا ظنٌّ باطلٌ؛ لما سبق تقريره من المعاني والمقاصد التي تنهاه عن فعل ذلك، بل إنه لو كان زوجًا لها فإن قوامة الرجل على أهل بيته لا تكون إلا بالحكمة والنصح والإرشاد مع أدائه ما يجب عليه من حقوقهم، وليس بالتجسس وسوء الظن وتتبع العثرات؛ فقد يأتي ذلك بضد ما قصده من القوامة والإصلاح، وفي الحديث الشريف عَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ، أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ»، وبالتالي فلا يجوز للخاطب التجسس على مخطوبته، ولا تتبُّع عثراتها، فذلك حرامٌ شرعًا يأثم فاعله، بل ينبغي عليهما إحسان الظن في بعضهما، والتعاون على البر والتقوى، ومَن ثارت في نفسه شكوكٌ تجاه الآخر منهما فعليه مصارحته بذلك بقصد التفهم والإصلاح والنصح ليكون ذلك أحرى أن يؤدم بينهما إذا يَسَّرَ اللهُ لهما إتمامَ الزواج.
الكاتب
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال