عن صلاة التطوع .. كنز لا يفنى من الحسنات حتى لو حدث تقصير في أداء الفرائض
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
لفريضة الصلاة مكانة عظمى في الإسلام، غير أن صلاة التطوع هي أهم العناصر المكملة لتحقيق غايتها، إذ أن أداء الفرائض وحدها ربما لا يغني صاحبها لأنه معرض للتقصير الخشوعي بها.
منطلق صلاة التطوع
القاعدة القرآنية تقول “فَمَن ْتَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ” وكون أن الصلاة خير الأعمال بنص الحديث النبوي الوارد في مسند أحمد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال “استقيموا، ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة “، فإن الله شرع لعباده ما يتقربون به إليه بعد أداء الفرائض، وأعطاهم عليها من الأجر الكبير والفضل العظيم، ويعبر سعيد بن وهف القحطاني عن التطوع بقوله “لو لم يكن في صلاة التطوع إلا الفوز برضا الله ومحبته لكفي بهذا فضل وشرف”۔
لماذا صلاة التطوع كنز لا يفنى ؟
بداية فإن صلاة التطوع سبب لمحبة الله سبحانه تعالى ووسيلة مثلى للتقرب منه، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قال: ” من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءتهُ”؛ فالشاهد من الحديث قوله تعالى: “وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه”.
اقرأ أيضًا
حكم الصلاة خلف إمام يتبع أحد الطرق الصوفية “شرح للخلاف بين فكر باز وعلي جمعة”
شيء في غاية الأهمية يكمل في صلاة التطوع وهو أنها سبب لجبر النقص الذي ربما يقع في الفرائض، فقد أخبر النبي أن الناس يتفاوتون في أجر الصلاة، بسبب اختلافهم في حضور القلب والعقل، والتزام هدي النبي في الصلاة، فعن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله يقول: “إن الرجل لينصرف من صلاته وما كتب له إلا عُشرها، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، رُبعها، ثُلثها، نُصفها”، وهنا تأتي صلاة التطوع لجبر النقص الذي ربما يقع في صلاة الفرائض كما ورد في الحديث الذي يقول “إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة يقول ربنا لملائكته- وهو أعلم – انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة، كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئًا قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع، قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك “.
يضاف إلى محبة الله وجبر النقص في الفرض أن صلاة التطوع تساهم في الارتقاء بدرجات الجنة حيث ترفع صاحبها درجات في الجنة كثرة النوافل من الصلاة ودليل ذلك حديث أبي فراس ربيعة بن مالك الأسلمي قال: “كنت أبيت مع رسول الله فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال:” سل “، فقلت: اسألك مرافقتك في الجنة؟ قال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود”.
وشغلت كثرة السجود بال كل علماء المسلمين ومنهم بن علان الصديقي في كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين عن ابن حجر في شرح المشكاة أنه قال: فمن كثر سجوده حصلت له تلك الدرجة العالية التي لا مطمح في الوصول إليها إلا بمزيد الزلفي عند الله في الدنيا بكثرة السجود المؤمن إليه بقوله تعالى وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ فكل سجدة فيها قرب مخصوص لتكفلها بالرقى إلى درجة من درجات القرب وهكذا حتى تنتهي إلى درجة المرافقة لحبيبه.
الكاتب
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال