الخبز .. الطعام الذي اشتركت فيه كل الحضارات والثقافات والأمم عبر كل العصور
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
الخبز من أقدم الاطعمة التي صنعها الانسان، ولعله الطعام الوحيد الذي اشتركت في الاغتذاء به جميع الامم المتمدنة منذ أقدم الازمنة الى الآن، فقد اتخذ كل جيل من الناس الاطعمة التي توافقه وتلائم ذوقه من لحوم وبقول، ولكن الجميع اشتركوا في صنع الخبر واتخاذه طعامًا اساسيًا يؤكل مع غيره من صنوف الاطعمة، وقد كان صنع الخبر وجميع الاعمال التي تتعلق به من طحن القمح وعجن الدقيق وصنع الارغفة وخبزها، وكان هذا شأن النساء، وفي كتب الادب والتاريخ والتوراة اشارت واضحة الى ذلك.
فقد ذكر هوميروس أن الخبز في عصره والعصور التي تقدمته كان من عمل الفتيات المخدرات.
وفي سفر اللاويين قوله: تخبز عشر نساء خبزكم في تنور واحد ويرددن خبزكم بالوزن، وفي سفر صموئيل(13:8) قوله: ويأخذ بناتكم عطارات وطباخات وخبازات” وفي سفر النبي ارمياه (18:7) قوله: الآباء يوقدون النار والنساء يعجن العجين.
كما عثر العلماء على آثار خبز مصنوع من دقيق خشن في جهات البحيرات السوسرية ترجع الى العصر الحجري، والادلة متوافرة على ان الانسان في فجر التاريخ كان يكسر القمح وبعض اصناف الحبوب ويصنع الخبز من فتاتها الخشن وهنالك ايضُا دلائل على أن الخبر كان يصنع في عصور التاريخ الاولي من دقيق البلوط، ولأنه كان مرًا كانوا يغلونه لتزول مرارته ثم يصنعون من عجينه كعكا ينشفونه في الشمس ويصنعونه خبزًا.
وقد ذكر الاستاذ ماسبيرو أنه كان في فناء كل بيت من بيوت اكلدانيين تنور خاص لصنع الخبز، وعلى مقربة من التنور حجارة الرحى لطحن القمح وصنع الدجقيق، ويقول الدكتور جورج بوست إن اليهود كانوا يصنعون خبزهم غالبًا من الحنطة إلا أنهم كانوا أحيانًا يصنعونه من الشعير والذرة ومن حبوب أخرى.
وفي سفر القضاة، قوله: قد حلمت حلمًا واذا رغيف خبز شعير يتدحرج في محلة المديانيين”، وفي العصور الخالية كما في العصور المتأخرة كانوا يعجنون العجين في معاجن خاصة أو في قطع من خشب كما يفعل البدو.
وقال هوميروس، إن المصريين نبغوا في صناعة الخبز نبوغًا تامًا واًولوا هذه الصناعة الى ابعد حدود الاتقان، أما روما فقد ذكر بلينوس أنه لم يكن فيها خباز عمومي منذ تأسيسها حتى سنة 171 قبل الميلاد مع أن الخبارزين العموميين كانوا معروفين بين الهيود والكللدانيين والمصريين منذ أقدم الازمنة وفي سفر ارماء النبي اشارة صريحة الى الخبازين العموميين إذ يقول : فامر الملك حدقيا ان يصنعوا أرميا في دار الجسن وأن يعطي رغيف خبز كل يوم من سوق الخبازين.
وذكر هيرودتس أيضا أن من غريب أمر المصريين أنهم يعجنون العجين بارجلهم والفخار بايديهم.
وفي الواقع كانت عادة عجن العجين بالارجل كانت شائعة بين شعوب كثيرة ولا تزال شائعة في بعض الانحاء حتى الآن، وكانوا المصريون يصنعون الخبز من القمح أو الشعير أو الذرة، أما الخبز الابيض المصنوع من الدقيق الخالص فكان طعام الاغنياء فقط، وعلى الآثار المصرية نقوش مستديرة أو مستطيلة تمثل أرغفة الخبز، ويظهر إن المصريين كانوا يذرون عليها مسحوق بعض البذور كما يذري اليوم البعض حب السمسم على الخبز.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال