قافي الأثر .. رئيس مباحث البادية القادر على جمع المعلومات من رمال الصحراء!
-
مصعب فرج
كاتب نجم جديد
يحكم البدو قوانين الصحراء والطبيعة القاسية التي تحدهم من كل مكان، ففرضت عليهم التعايش مع كل الظروف التي تواجههم، فالطعام دبروه من نباتات الصحراء، والضوء من حطام الأشجار، والماء من العيون، والبيوت من الصوف، ومعرفة الطرق والوجهات من النجوم، والتعرف على الزوار من قيافة الأثر، وهذا ما سنتناوله في هذا التقرير وهو قص الأثر ليستدلوا على على الزوار الجدد لبيئتهم وموطنهم فبقص الأثر يعرفون يستطيع البدوي تحديد الهيئة لصاحب الأثر، والماهر من أهل البادية يستطيع تحديد نسبه.
قص الأثر
عرف أهل البادية قص الأثر منذ قديم الزمن، فهم يستدلون بأثار الأقدام والحذاء الملبوس عند البشر، أو الحوافر عند الحيوانات، حتى أ، البدوي القصاص يستطيع أن يميز شكل الأثر إن كان رجل أو إمرأة وإنها بكر أو متزوجة، والشب من العجوز، والأعمى والبصير، كل هذه المعلومات يعرفها قصاص الأثر البدوي من شكل الجره كما يطلقون عليها.
سبب براعة البدو في هذا المجال
يعود الفضل في تعلم البدو لهذه الميزه والخاصية إلى الصحراء والطبيعة القاسية التي من حولهم، وبالفعل قد انفردوا بمهارة عجيبة في هذا، معتمدين في هذا العلم على نقاء الطبيعة والحكمة والفطنة التي يمتلكونها، كما يستقوون بقوة الملاحظة ودقتها.
كما يتمتع القصاص في قبيلته بالإحترام الشديد والمكانة الرفيعة، لما يقدمونه من خدمة لمجتمعهم الصحراوي والمحافظة على عدم اختراقه من الغرباء واللصوص، كما يدعونه باقي القبائل للحكم فيما بينهم لقدرته على تحليل الشخصية ومعرفة الأثر، وتحديد مرتكب الجرائم وإلى أين اتجه بعد جريمته، كما يتعرف قصاص الأثر على مكان قدوم المجرم.
أهمية القفاية
تعتبر أهمية قفاية الأثر لا تقل أهمية عن شغل المباحث في المدن، فالمباحث في القضايا والجرائم تستغل كل ما هو في مسرح الجريمه وتحلله جيدا وتجمع المعلومات للوصول إلى منفذ الجريمة، كذلك قافي الأثر يجمع كل المعلومات ويتعرف على منفذ الجريمة من خلال جرة المجرم، وبهذا يصل الحكام الشرعيين إلى منفذ الجريمة والمغتص حق غيره.
إقرأ أيضًا.. أكتوبر الوردي الذي يحكي عن بطولتهن
العوامل المساعده على قص الأثر
الصحراء
إن طبيعة الصحراء تسهل على القصاص معرفة ما إذا كان هنا أحد أم لا، فالأرض بطبيعته تطبع أثر كل الحركة الموجودة عليها لأنها بطبيعتها رملية، وبالتالي يتوصل القافي إلى مبتغاه.
السكان
من المعلوم أن سكان الصحراء قلة، وبهذا يسهل معرفة الأثر بالسهولة، وتمييز ما هو جديد ودخيل عليهم، ولمسافات بعيدة.
الأثر الغريب
يعيش البدو حياة قاسية وبالتالي يتخوفون من الأثر الدخيل عليهم، خشية الحروب والمعارك، وكذلك السرقة وغيرها من الأمور التي تعكر صفو القبائل، وهذا التخوف دفع البدوي إلى قص الأثر ومعرفة الجرة.
الصيد
يدفع البدوي على تعلم قص الأثر الصيد، فالبدوي مولع بالصيد، وهي الفطرة والطبيعة التي جعلت منه صياد ماهر، حتى تحولت إلى فن ومهارة، ودافع للفخر والعزة، فصيدهم يكون في الغزلان والوعول والأرانب البرية والطيور والصقور، كل هذا يقوم بتقفي أثره للوصول إليه.
نموذج من قفاية الأثر عند البادية
كانت هناك قبيلة تعيش في الصحراء أحبت رجلا من قبيلة أخرى وتسكن في مكان بعيد، فجاءها الحبيب ذات يوم في الليل، فرآه بعض رجال القبيلة في الليل من على بعد فتبادلا إطلاق النار وجرى هذا الرجل بعيدا واختفى عن الأنظار في ليالي الصحراء القاحله، وعند الصباح غير هذا الرجل الحبيب حذائه وملابسه وذهب إليهم على أنه تاجر وهو في الحقيقة يريد أن يسمع منهم ما جرى في الليل وبالفعل سمع منهم ما حصل، وتمت بين القبيلة وذلك الرجل معرفة وود وكانا يتبادلا الزيارات، وبعد سنة كاملة جاء هذا الرجل مرتديا حذائه الذي كان به في هذه الليلة والتي تبادلا فيها إطلاق النار، ورأى أحد رجال هذه القبيلة جرة أي شكل الحذاء مطبوعا على الأرض فأخبر قبيلته أن هذا الرجل هو الذي تبادلا معه إطلاق النار السنة الماضية.
طرق معرفة أثر الحيوانات
إن البدو بارعون في معرفة أثر الحيوانات، ولا يرون فيها صعوبة أبدا، فهناك منهم من يميز الحيوانات عن بعضها عن طريق الأثر، وإليكم كيفية معرفة هذا:
الفرق بين الجمل والناقة
إن قدم الجمل تطبع بكل قوتها في الأرض، بينما تلامس قدم الناقة الأرض بلطف.
وكذلك يبول الجمل إلى الخلف، بينما تبول الناقة على رجليها، بينما تبول الناقة الحامل على ذيلها فيتطاير.
وأما الجمل الأعور فيميزه قافي الأثر عن طريق السير، وطريق الطعام.
كما يتعرف البدو على الناقة التي حلب ثديها أو لا، وذلك عن طريق إذا كانت الناقة متباعة رجلها فهي ليست محلوبة لان الناقة تبعد رجلها عن ثديها الغير محلوب، وإذا كانت محلوبة فهي تضم رجلها، ويكون وضعها عادي.
ويتعرف قافي الأثر على الذئب وهو شريكهم في الصحراء الواسعة، فعرفوا ما إن كان الذئب الموجود لديهم أنثى أم ذكر، وذلك عن طريق:
القدم
فقدم الذئب الذكر عريضة وقدم الذئب الأنثى صغيرة وحينما تبول الذئبه فهي تفتح رجليها، أما الذكر فيقوم برفع الرجل ليبول.
أما صيد الغزلان والأرانب فيتعرفون على صيدهم ما إن كان ذاهب إلى مرعاه أم إلى نومه، وذلك عن طريق سرعة الخطوان وحركة السير، وفيما إذا كان متثاقلا أم خفيف الوزن سريع.
الكاتب
-
مصعب فرج
كاتب نجم جديد