أستاذي مصطفى محرم .. عيب وكفاية اتهامات ونفسنة
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كتب الأستاذ مصطفى محرم مقالا بعنوان الاقتباس والسرقة يتهم فيه كل أدباء مصر عدا توفيق الحكيم بسرقة رواياتهم من روايات أجنبية، شخصيا كان مدهشا لي أن يتهم عميد الأدب العربي طه حسين بسرقة رواية دعاء الكروان من رواية تيودورا وكأن كل من كتب عن ثأر تأخذه امرأة يسرق تلك الرواية، المضحك أنه في الفقرة التالية في مقاله يتهم يوسف وهبي بسرقة الرواية ذاتها في فيلم غرام وانتقام، وكلنا شاهدنا فيلمي دعاء الكروان وغرام وانتقام ولا يمكننا معرفة الرابط بينهما وعن نفسي قرأت الرواية “تيودورا” وليس لها علاقة إلا تيمة الانتقام، الأكثر دهشة هو اتهام نجيب محفوظ بسرقة رواية الشارة القرمزية ، للكاتب الأمريكى ناثانييل هوثورن، وقام نجيب محفوظ باقتباسها تحت اسم حكاية بلا بداية ونهاية وهو اتهام عجيب ومرسل للغاية لا يليق بأديب نوبل صاحب الغزارة في الإنتاج والفكر لكن يبدو أن السيناريست مصطفى محرم اعتاد أن يلقى الاتهامات جزافا، لهذا قررت أن أبحث هذا الموضوع مع ٥ أدباء من مدارس مختلفة ليردوا على هذا المقال:
كان أولهم السيناريست والكاتب باسم شرف الذي علق عقب قراءة المقال قائلا : أنا لا أثق في رأي مصطفى محرم غالبا .. مبالغات في رصد الأعمال والتقليل منها .. قد يكون هناك تشابه في حكايات ولكنها كانت غير مقصودة .. في الادب أو السينما انت تشاهد أعمالا وتقرأ أعمالا كثيرة ويتم هضمها فتخرج لقطة ما أو حدث ما دون أن تنتبه أنها من حكاية مرت عليك .. الحكايات في العالم متقاربة إلى حد ما .. البطل الطيب الذي تخونه زوجته .. البطلة التي أصابها اضطراب بسبب حادثة اغتصاب قديمة. . الموظف الفاسد .. تيمات كثيرة مكررة في كل مجتمع .. الفنان يرصدها .. هناك سرقات كبيرة في السينما أكثر من الأدب بكثير .. والأدب الأقرب له الاقتباس .. هذا في التعامل مع اعمال مماثلة .. وينتشر هذا في العصر الحديث بعد انتشار الترجمات والعالم المفتوح على كل أنواع الفنون انا لا أثق في مصطفي محرم بعد الذي قاله عن أحمد زكي وقت وفاته .. لم يكن هذا رأيًا في هذا التوقيت هذا كان مجرد شر وليس إنسانيًا .. وأريد أن اقول له لماذا لم يكتب اسم بشير الديك معه في فيلم الهروب بعد أن قام بتعديلات وإضافات كثيرة .. هل هذه سرقة أم اقتباس ؟.
في الحقيقة لم يخبرنا محرم أبدا لماذا رفض وضع اسم الديك على فيلم غَيَّر ٧٥٪ من أحداثه.
كذلك علقت الأديبة منصورة عز الدين على المقال قائلة : مبدأيًا صعب الرد بدقة من غير قراءة مقارنة ومدققة بين الأعمال المذكورة، لكن من طريقة كتابة المقال يمكن استشعار وجود الكثير من التجني، هل توجد فكرة غير مسبوقة أو فكرة بِكر من الأساس؟ في رأيي أن المسألة لا تكمن في الفكرة أو الموضوع بقدر ما تكمن في كيفية التناول، كما أن نقطة الانطلاق ليست هي المهمة بل نقطة الوصول؛ بمعنى كيف حوَّل كاتب ما فكرة مطروقة أو حتى “مهروسة” إلى خلق جديد مختلف تمامًا، تحضرني هنا مقولة للكاتب البرتغالي جونسالو تافاريس: “أكره فكرة أن يكون كل شيء تفعله جديداً.. هذا سخيف.. فقط شخص لا يعرف التاريخ ولم يقرأ كثيراً يجد كل شيء جديداً ومبتكراً، وكما قلت في البداية، مثل هذه الاتهامات لا ينبغي رميها بالجملة على هذا النحو، إنما يجب التروي، والمقارنة بين كل عمل وآخر.”
أما الروائي ياسر عبد اللطيف فكان لديه رأي مختلف حيث قال : هناك أصول أجنبية كتير من اللي بيقولوها معرفهاش ومش قادر أتحقق من صدق اللي بيقوله. بس احساسي انه مغالي في الاتهام جدا. في المسرح والسينما كان بيحصل اقتباس وتمصير بشكل تلقائي. شغل نجيب الريحاني وبديع خيري في معظمه اقتباس من مسرحيات فودفيل فرنسية تجارية، مؤلفيها بلا أهمية في تاريخ الأدب الفرنسي. وهما كانوا بيقولوا ده علنا دون أن يكتبوه في تيترات او غيره. لكن كان عندهم ابداع في التمصير وخلق مناخات جديدة للنص إضافة للإفيهات المبتكرة المصرية جدا. أو في الموسيقى، اتُهم عبد الوهاب كثيرا بالسرقة الفنية وأقر هو أنه فعلها كم مرة في شبابه من ألحان روسية وغيرها، لكنه واصل مع نضجه الاقتباس الواعي والتأثر. وأستطيع أن أشير مثلا إنه من مقطوعة واحدة للمؤلف الإسباني مانويل دي فايا، اسمها الليل في حدائق إسبانيا، استلهم تيمتين وظفهما في أغنيتي “انا لك على طول” ولست قلبي” لعبد الحليم. تكلم الأستاذ محرم عن غادة الكاميليا لألكسندر دوما الابن التي عولجت عشرات المرات في السينما المصرية، لم يتكلم عن الكونت دو مونت كريستو لدوما الأب التي تمصرت مرتين بشكل احترم الحق الأدبي ذلك من قبل هنري بركات وفريق السيناريو المصاحب له يوسف جوهر ويوسف عيسى، اما نجيب محفوظ فكتب اللص والكلاب وكأنها حوار فلسفي مع رواية دوما، وصياغة أدبية مستقلة تشير لحبكة القصة الفرنسية باتفاق ضمني مع القارئ الذي لا بد يعرفها، يقول له نعرف هذه الحكاية من قبل لكن تعال أريك مسارا مختلفا لها. عولجت نفس الرواية ثانية من قبل السيناريست ابراهيم الموجي للمرحوم نور الشريف في “دائرة الانتقام” مع الاحتفاظ بالنهاية المحفوظية المأساوية، وعالج الأستاذ مصطفى محرم نفسه الرؤية المحفوظية في فيلم الهروب لعاطف الطيب وأحمد زكي، مع زرعها في مناخ الواقع السياسي للثمانينات والتسعينيات دون أن يشير لا لمحفوظ ولا لدوما.
وعند سؤال الأستاذ الكبير إبراهيم عبد المجيد أجاب قائلا : أنا مش قادر أفتكر طبعا الأصول الأجنبية للروايات اللي قال عليها أو المسرحيات لكن عموما أنا رأيي بعيد عن كلامه إن الأفكار واحدة في كل الدنيا وتكون الجريمة حين يأتي المؤلف بمشاهد كوبي وبيست مما قرأه . أما الأفكار فملك الجميع . السينما زمان كانت تقتبس وتكتب دا على الفيلم دلوقت بطلوا . أفلام عادل امام اكتر من نصها مقتبس من أفلام عالمية وفيه مشاهد كوبي وبيست . يعني سرقة . مش مجرد الفكرة بس . الفكرة لا تسرق . الأفكار واحدة . الحب . الكره . الفراق . السجن . القمع . الخيانة . الكذب الخ.
الكاتب
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال