غير قابل لـ الحكي
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد
عزيزتي جيجي…لليوم العاشر علي التوالي لم ترد صديقتنا، لا نعرف لها خبرًا، وهي المبتسمة دومًا، صورها تُعلن عن التفاؤل، كلماتها طاقة من الأمل، فلماذا امرأة بهذه الصفات تختفي دون أثر؟.
تنشأ النميمة والأحاديث الجانبية، عشرات من الحكايات هي بطلتها، علاقة مع رجل تريد أن تُبقيها سرية، عمل كبير، حدث عظيم، الأحاديث جميعها تنتهج طريق الحسد نحوها، ولا أثر.
كنت مثل الآخرين يا جيجي أتوقع أن يكون اختفاءها خلفه شيء عظيم تُريد هي اخفاؤه، فالعين قاصرة تري زاوية واحدة، ونحن لا نري إلا ما نُحب، وبما نفكر ونشعر.
اليوم طرأ شيء جديد جعلني أقف وأشعر بالقلق نحو صديقتنا المختفية، لقد شاهدت فيلمًا قصيرًا الفيلم يحكي قصة قصيرة طفل يأتي إلي صفه الدراسي متأخر، فيعاقبه المدرس بالضرب، لثلاث أيام يتكرر الفعل، وفى اليوم الرابع يتصادف أن يكون المدرس متجهًا لعمله علي دراجته فيجد الطالب يدفع شخص قعيد علي كرسي متحرك، ويقوم بتوصيله إلي مكان قبل أن يذهب المدرسة، يخجل المدرس من نفسه وعند دخول الطالب إلي فصله، يقبل المدرس يده، وينتهي الفيلم بجملة أن لكل منا معركة يخوضها لا نعلم عنها شيء.
يا جيجي
تُدربنا الأيام علي القسوة، فنصير جميعًا جلادين، نُتقن صياغة الأحكام القطعية، هي سعيدة، هو ناجح، هي منحلة، هي مهذبة، هو لص، نميل إلي إصدار صيغة واحدة، ونرتاح نحتاج إلي القوالب لنتعامل مع الآخرين دون جهد، وننسي أن الإنسان يمكن أن يكون كل هؤلاء.
يا جيجي
هؤلاء المبتسمين دومًا فى صورهم يخفون جوانب عِدة غير قابلة لـ الحكي ونحن منشغلين بذواتنا، جلادين لغيرنا، فهل وقفنا لحظة لنسأل هل الإنسان سعيد دومًا؟.
لا توجد سعادة مستمرة ورغم ذلك نُصر على وصف هؤلاء المتفائلين بكونهم خالين من الهم والكرب، نبكي حكم الآخرين علينا، ثم نستبدل المقاعد لنحكم علي غيرنا، جميعًا الناس الذين لا يرضيهم شيء، لن نقبل دائمي الشكوي، ولا دائمي التفاؤل، ولا نقبل الآخر.
إقرأ أيضًا…
عندما ذكر أحمد شوقي فنار المكس في قصيدته..!!
يا جيجي
ننقسم بين الرغبة والملل، الفضول نحو تقفي أثر الآخرين، والزهق مما قد يأتي غير مشبع للفضول، وبين انقسامات نصير مثل كفي الرحي نطحن الآخرين ونكسر نفوسهم، ونحن المحتاجين إلي جبر الخاطر، ولكننا لا نجبر خواطر رفقتنا.
في مقعد المشاهدين نسخر من هؤلاء الذين يجعلون حيواتهم مشاعًا علي مواقع التواصل، ونُدين آخرين لغموضهم، وكوننا لا نعرف شيئًا عنهم، وبين الإدانة والسخرية، نرغب في تحريك حياتنا كما نريد، فمتي قسونا؟.
ليس كل شيء قابل لنحكيه، واختفاء البعض مقلق، فكيف نلملم جراح الروح وانكساراتها حتي بكلمة؟.
عزيزتي جيجي
الكلمة الحلوة مفتاح السعادة، والمجاملة ليست نفاقًا، لكن الحياة تقسو، والصعاب تزداد، فصرنا نفرح بانتهاء يوم بلا كارثة كبيرة، فلماذا صرنا نبخل بكلمة طيبة علي الآخرين؟
الكاتب
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد