محمد صلاح وساديو ماني .. أنا النجم أنا الزاهد
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كثيرًا ما قرأ جماهير الكرة في العالم عن خلافات بين الفرعون المصري محمد صلاح ، والفهد السنغالي ساديو ماني ، الشابان المكافحان القادمان من أفقر قرى بلادهما إلى الدوري الإنجليزي حيث الأضواء والشهرة والعالمية والشعبية الجارفة ، خلافات في الملعب ، وخلافات لم يعرف الجمهور هويتها حتى الآن ، وخلافات ربما في طبع شخصية كلًا منهما ، لكن الحقيقة أن هناك خلافًا جذريًا ربما هو المحرك الأساسي لسلوكيات كلًا منهما ، ربما يكون خلافًا أكبر من كل تلك الصغائر التي يروج لها الإعلام الانجليزي ، أو ربما يكون شيئًا في نفس كلًا منهما ، أو ربما يكون هوية كل من محمد صلاح، وساديو مانيه ، أو ربما لكل منهما مجتمعًا صغيرًا أثّر في كلًا منهما .
محمد صلاح .. النجم
أعتقد أن محمد صلاح خرج من مصر محددًا هدفه ، أن يصبح الثالث بعد كرستيانو رونالدو، وليونيل ميسي .. خرج من مصر يحمل في قلبه لعبة فيفا والرغبة في أن توضع صورته كغلاف، أعتقد أن صلاح لم يصارع معركة حياة أو موت كما صارع ساديو مانيه ، صلاح ككل شاب مصري مفتون بكرة القدم لكنها كما يقول المصريون : ” لعبت معاه” بعد جهد واجتهاد لا شك في ذلك ، صلاح شاب يعشق الشهرة ولا عيب في ذلك ، يتعامل بقدر نجوميته ولا عيب في ذلك أيضًا ، يدير موهبته باحترافية ، لم يتواضع بفجاجة ولم يتعالى أو يتكبر ، ينمي موهبته يوم بعد آخر ليتحكم ذلك في سعره بسوق الكرة .. ولا أعتقد أن صلاح قد تخلى يومًا عن هدفه بداعي “الرضا” ، فـ صلاح يعرف الفرق جيدًا بين الرضا والتخلي عن الهدف .. صلاح رجل يعرف قيمة نفسه حاليًا ، ويعرف كيف يتعامل مع الميديا باعتباره واحد من أهم ثلاثة لاعبين في العالم ، يتعامل حتى مع أهل بلده باعتباره الابن البار الذي حقق لهم ما يتمنوه ، وحقق ذاته وحقق ما يدعي والده ووالدته أن يمشون رافعين رؤوسهم في وسط نجريج .
ساديو ماني .. الزاهد
هنا ستقرأ ملحمة عاشها الطفل ساديو ماني ، حين سأل أحد الرجال ماني : هل أنت موجود هنا كلاعب لإجراء اختبارات كرة القدم ، وحينما قال ماني : نعم ، فسأله الرجل مستهزئًا : أبهذا الحذاء الممزق تلعب كرة القدم ؟! .. أبهذا السروال القديم ستلعب كرة القدم ، فأجاب ماني بعد أن صُدم : نعم .. سألعب كرة القدم وأخرج كل ما لدي .
أعتقد أن ماني شيخ متصوف أكثر منه نجم كرة قدم ، حتى الآن لا يعرف جيدًا أين مكانته ، كما أعتقد أنه لن تهمه مكانته في كرة القدم بقدر مكانته أمام أسرته ووالده بالأخص ، هو رجل حتى الآن ابن المنزل أكثر منه ابن لتجربة حياته .. خجول إلى أبعد حد يمكنك التفكير فيه ، ويظهر هذا خلال الاحتفالات الرسمية ، هو التلميذ المجتهد للغاية لكنه لا يترك التختة الأخيرة نظرًا لكونه لا يطلب الظهور ، بالعكس ربما ينزعج من الأضواء ، ربما يظهر ذلك في موبايله المكسور الذي لم يعطه أي اهتمام مع إن راتبه يكفي لشراء 150 موبايل إسبوعيًا ، فقد أصبح راتب ساديو ماني 7.8 مليون جنية استرليني .
وحينما سألوه : كيف لنجم مثلك يحمل هاتفًا مكسورًا ؟ أجاب : لماذا أريد عشر سيارات من طراز فيراري أو 20 ساعة من الألماس أو طائرتين ؟ ماذا ستفعل هذه الأشياء لي وللعالم ؟ .. كنت جائعًا وكان عليّ أن أعمل في الميدان ، لقد نجوت من أوقات عصيبة ، ولعبت كرة القدم حافي القدمين ، ولم يكن لديّ تعليم وأشياء أخرى كثيرة ، لكن اليوم ما أكسبه بفضل كرة القدم يمكنه مساعدة شعب كامل … لقد بنينا مدارس وملعبًا ونوفر الغذاء للأشخاص الذين يعيشون في فقر شديد ، ونعطي 70 يورو لسكان جميع المناطق الفقيرة في السنغال … أنا لست بحاجه للكثير من المنازل الفاخرة ،من الأفضل أن يحصل شعبي على القليل مما أعطاني إياه .
لم يكن ساديو ماني في لحظة طامعًا ، أو رجل قد أبهرته أضواء الدوري الانجليزي ، هو رجل زاهد في نفسه وفي غيره ، وسيظل زاهدًا .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال