لماذا يخاف الذكور الناقصون التضاريس ويحلمون بيها ؟
-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة
لاحظت أن البعض أدرك أن حجم التضاريس الأنثوية للعارضة التي عرفت باسم فتاة الهرم هو السبب في توقيفها والبلبلة التي حدثت عقب نشر صورها وأنها لو كانت نحيفة لما أثارت كل هذه الجلبة، وحقًا الزي الفرعوني الذي ادعى البعض أن قدسيته تم مسها تمريرًا لسحق الفتاة لم يكن كاشفًا للصدر ولا البطن ولم يكن قصيرًا أو مفتوحًا بالقدر الذي نراه في بعض ولا أريد أن أقول في جميع فساتين السجاد الأحمر منذ وصل مصر.
أضحكني وصف الفتاة بالمبتذلة كثيرًا لأنه كان محاولة تشبه تقديس الزي الفرعوني لتبرر سحق الفتاة أيضًا ولكنها كانت محاولة أكثر بوؤسًا كنا على وشك عبادة الفراعنة وإعادة تعريف الابتذال باختصاره في فتاة تعمل عارضة أزياء من المعروفات بعارضات البلس سايز تتباهى بجسدها الممتلئ والمنحوت في وقت واحد والذي كما يبدو للأسف مصدر رزقها – مثلها كثيرات
قرأت أن أحدهم لم يعجبه تزينها الصناعي برموشها الكثيفة وأطنان المساحيق التي دفنت وجهها .. ضحكت أكثر فهل يكفي ذلك لتدعم توقيفها واقتيادها للنيابة فقط لماكياجها المبالغ فيه والكثيف، إذًا أرجو أن تفعل الشي نفسه مع الفنانة الكبيرة أنغام فقد أطلقت مؤخرًا ألبومًا خليجيًا ورأسًا خليجيًا أيضًا وهذا النمط من التزين الذي تنكره هو شائع وربما محبب في ثقافات أخرى وأيضًا جسم العارضة يشبه كثيرًا جسد المرأة الأفريقية السمراء الذي ينبض بالقوة والجمال في آن واحد
الفتاة المسكينة لم تبدو ضعيفة لأنها كانت تبيع جسدها كمنصة أو لوحة للإعلان بكونها عارضة وأحد نتائج تسليع المرأة في مجتمعاتنا وفي العالم كله لكنها كانت ضعيفة لأنها من بيئة شعبية فقيرة بنت عادية لا يقف خلفها زوج رجال أعمال أو صديق أو شركات إنتاج أو علامات تجارية شهيرة ليكونوا جميعًا سورًا منيعًا يضفي تقديرًا غير مستحق لعارضات لم يختلفن عن فتاة الهرم إلا في السعر.
إذا لماذا تهب المحتمعات السلطوية الذكورية الناقصة في وجه التضاريس المتفجرة ولماذا يصفق المجتمع ذاته للصورة العكسية كما حدث من سرعة نشر جلسة تصوير لفتاة بدت لي طفلة محجبة ترتدي زيًا تقول الجلسة أنه فرعوني لا أعرف في عهد أي أسرة فرعونية ارتدت النساء الحجاب؟
( لاحظ أن هناك نساء يدعمن المجتمع الذكوري السلطوي بل هن أحد أهم ركائزه وأدواته- فإذا كتبت ذكورة ناقصة فأنا أعني والأنوثة الناقصة أيضًا )
لم يكن الدافع وراء الغضب الذي اشتعل واتحد لتربية الفتاة وسحقها نصرة للدين ولا للحفاظ على الهوية الإسلامية تلك العبارة المخترعة فإليك مثلًا عدد المرات التي حاولنا فيها استعطاف المجتمع السلطوي فقط ليكف عن تعذيب الحيوانات وتسميمها وضربها ولم يحرك أحدًا منهم ساكنًا بل هو المجتمع الراعي الأول لتعذيب روح بما يخالف الإسلام وكل الأديان ، فلا تدخل معي في نقاش عن نصرة الدين حتى لا تلقى مني ما يوجع فتعداد المخالفات الشرعية التي يحميها المجتمع طالما بعيدة عن المرأة وقمعها لا يمكن حصره.
الذكر الناقص يخشى الأنثى القوية لا يريد أن يقضي حياته مهددًا بعدم الكفاءة وهنا أقصد جميع أوجه الكفاءة الذهنية والمهارية والقيادية والجنسية على حد سواء
وكما أن العضلات المفتولة والصدور العاري هو وجه لاستعراض الذكورة الواضحة من المنظور الجنسي – لأن الذكر الكامل أو الرجل الحقيقي لا يهتم بكشف جسده ولا تعريته أو حتى نفخ عضلاته – يقابله التباهي بالنهود والأرداف هو أيضًا وجه لاستعراض الأنوثة من المنظور الجنسي وهذا غير مسموح فلا استعراض أو تباهي بالقوة إلا للذكور لأنهم الفاعل فكيف للمفعول به أن يرفع رأسه ويعلن عن وجوده
في ثقافتنا وعاداتنا التي استجدت – مع رياح التطرف والتخلف – تعتبر المرأة هي وعاء الإنجاب وقد تكون أداة المتعة الجنسية لكنها ليست بشرًا لها ميل واحتياج وتفضيلات ورغبات وفاعلة في مناحي الحياة كافة – قلت لك الأمر ليس مرتبطًا بالدين .
في عصور الظلام كانت العشيقات أمرًا غير مستهجن لدى مجتمع الرجال والنبلاء منهم فالزوجة للإنجاب وتربية الأطفال والعلاقة الخاصة بين الزوجين يجب أن تكون طاهرة بعيدة عن الرغبة وإلا أصبحت مدنسة وآثمة تعكر الملائكية والبراءة الذي يجب أن توصف به الأم والزوجة
فكان للرجل أن يقضي رغباته في أحضان المومسات – طبعًا لأنه لا رغبات للمرأة – والمومسات فقط هن اللاتي يجوز لهن أن يرتدين ملابس مثيرة ويستعرضن انوثتهن لجذب الزبائن وإرضاءهم
تغيرت هذه الصورة في الغرب كثيرًا بفضل العلم قبل أي شيئ وأصبح للمرأة أن تفخر بطبيعتها وأنوثتها بأن لا تخفيها ولا تستعرضها والأهم من ذلك أن لا تشعر بالذنب أو العار من جسدها وتضاريسه إن برزت أو لا والتي يستحيل اخفائها تحت أي ثياب .
في مجتمعنا تعيش الفتاة الصغيرة صراع يبدأ بالبلوغ وتغير شكلها الظاهري كتبت فيما سبق عن خجلي من بروز صدري في مراهقتي وكيف كنت أذهب إلى الجامعة في عامي الأول مختبئة خلف حقيبتي اتقاءًا لتحديق الناس بي وتفحصي لكنني أتذكر الآن أنني اكتشفت وأنا اقترب من زميلاتي في العناقات التي كانت دارجة في ذلك الزمن بين الأصدقاء بأنني كنت اصطدم بشيئ له ملمس صلب غير بشري فوق صدورهن، أتذكر جيدًا أنني كنت أتسائل لتكرار ذلك ترى ماذا يضعن هؤلاء الفتيات فوق صدورهن حتى استجمعت شجاعتي وقتها وسألت صديقة مقربة لي ، ضحكت بدورها وأخذتني إلى محال لبيع الملابس النسائية وطلبت منهم حمالة صدر معينة لأكتشف أن كل هؤلاء الفتيات كن يرتدين نهودًا صناعية بفعل حمالة صدر محشوة حتى يستقيم شكلهن الخارجي ويوافق المجتمع الذي يعاير الفتاة التي لا تملك التضاريس ( الفلات ) لم نكن قد تجاوزنا السابعة عشر من عمرنا لكنهن لم يستطعن تحمل أن يوصفن بانعدام الأنوثة وفقًا لحجم البروز وطبعًا كان يستحيل أن يكتشف أحد سرهن المستتر تحت الحجاب
لا تقدر المجتمعات الناقصة والمشوه الفتاة التي تظهر عليها التضاريس أو أنوثتها الجسدية ولو رغمًا عنها كما تؤرقه تلك الصورة الأنثوية التي إن قابلها في محيطه سيقوم بسحقها وتنحيتها عن وظائف تستحقها وإبعادها عن فرص قيادية تليق بها وقد يخاف أيضًا أن يتزوجها – فتلك المرأة هي التي سكنت أحلامه بسبب واقعه المفقر فلا عجب أن تسكن أحلام بؤساء اخرين ولا يليق ذلك بصورة الزوجة والأم ولا المديرة أو رئية العمل في مخيلته التي تحصرها في الغواية لأنها امراة عادية بنهود وأرداف لم ترتكب ذنبًا غير أنها امرأة
بمرور الوقت تتحول الفتاة إلى ادعاء الذكورة لتحظى بالوظائف وتوصف بالجدية والاستقامة أتذكر وصية سناء جميل لمنى زكي قبيل أول أيام الجامعة في فيلم ( اضحك الصورة تطلع حلوة ) وهي توصيها بأن تمشي مثل العسكري الدكر المخيف في الشارع – هكذا كانت وصية أهلي أيضًا لكنني للأسف لست عسكري ولا دكر ولا يمكنني أن أخفي مؤخرتي التي لا يمكن أن تشبه مؤخرة عسكري ولا حتى وزير ثم يعود المجتمع نفسه لينتقص من الأنثى التي لا تملك استدارة كافية ولكنه يتزوجها بسهولة ويعتبرها نموذجا للأم والزوجة الصالحة ثم يعايرها بنقصها غير الحقيقي.
ويخرج من بيته يبحث في كل مكان في العمل في الشارع يفتش في أجساد النساء من حوله عن التضاريس المشتهاة الممشوقة ولو تلفحت المرأة بعبايات – تحت العباية حكاية – يبحث في صور الممثلات والنجمات والعارضات الشهيرات، في أفلام البورنو على المواقع الإباحية التي تعتبر مصر من أكثر الدول تصفحًا وبحثًا عنها من خلال الإنترنيت – ألم أخبرك أنه لا علاقة بالدين
لماذا يصعب على أحدهم أن لا يبحث خلفي مثلما لا أبحث أنا تحت ملابسه .. لماذا يصعب أن تدرك أن طبيعة المرأة وتكوينها لا يشين ولا يهين ولا يحط من قدرها ولا يدلل على إمكانياتها المهنية والإنسانية والأهم من كل ما سبق أنه لايجب أن تخيفك الطبيعة لأن التشوه والخروج عن الفطرة هو المخيف
إذا إليك حقائق مهمة يجب علينا إقرارها ولو متأخرًا
لا علاقة لبروز النهود والأرداف بالأنوثة الحقيقية للمرأة
المرأة ذات النهود والأرداف الكبيرة – وهي طبيعة غالبة – يمكنها أن تكون جادة وقوية وفاعلة مثل أي امرأة بنهود وأرداف صغيرة أو أي رجل بلا أرداف نهائيًا وجميعهم يستحقوا الاحترام والفرص ذاتها
العفة وحسن النوايا والنقاء صفات إنسانية يشوبها تناقضات لدى الإنسان نفسه وهي طبيعة البشر واستدارات النساء وانحناءات أجسادهن لا تعارض تمتعهن بإنسانيتهن بما في ذلك التناقض
إذا كانت تؤرقك رغبة في امرأة ذات التضاريس أنثوية ظاهرية متفجرة فحرر رغبتك – بالطريقة التي تناسبك – حتى لا نعاني نحن من نيران أحلامك غير المتحققة ورغباتك المكبوتة وحتى تكتشف أنه لا شيئ مخيف تحت العباية يستحق القمع أو العقاب .
الكاتب
-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة