قصة أول شيخ من السلفية الوهابية يدخل مصر وماذا فعل علماء الأزهر معه ؟!
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد
تُنْسب حركة السلفية الوهابية حمد بن عبدالوهاب النجدي المولود سنة 1703 والمتوفي سنة 1791 ميلادي و الذي ظهر بجهة نجد شرقي المدينة المنورة في شبه الجزيرة العربية وهي دعوة كانت من أهم أسباب نشأة الدولة السعودية فقد قام محمد بن عبدالوهاب بنصرة أمير الدرعية آنذاك محمد بن سعود والتي تنسب إلية اسم السعودية.
استعان محمد بن سعود بمحمد بن عبدالوهاب لما علم أنه يدعو لما يسميه بالتوحيد وأنه يرى القبائل واقعون في الشرك فعقد معه صفقة أن يسانده في حروبة ضد الخلافة العثمانية وضد أمراء بلاد الحجاز على أن يوليه هو وأحفاده أمور الدين وأفتى له محمد بن عبد الوهاب بكفرالقبائل وجواز قتلهم فكان ذلك سبباً إلى إتساع ملك بن سعود ونفاذ أمره.
وكان محمد بن عبدالوهاب وسط أتباعه كالنبي لا يعصون له أمرًا ولا يفعلون شيئاً إلا بأمره ويعظمونه غاية التعظيم وإذا قتلوا إنساناً أخذوا ماله وأرسلوا إلى بن سعود الخُمس كما يفعل الشيعة، ولهم من الفظائع الكثير وهو مبثوث في كتب التاريخ والذي كتبه الوهابية بأيديهم منها على سبيل المثال أنهم قاموا بقتل حجاج بيت الله بدعوى أنهم كفار وكانوا يذبحون الصغير على صدر أمه ويسبون النساء ويأخذون الأموال حتى جاء محمد علي باشا ليحاربهم فيما عُرف بالحروب الوهابية سنة 1811 ميلادي وقضى على دعوتهم بعدما فشل جيش الشام في البداية.
السلفية الوهابية ما بعد الحرب
اختفت حركة السلفية الوهابية فترة كبيرة من الزمن بسبب رد العلماء في جميع أنحاء العالم الإسلامي على تكفيرهم للمسلمين وألفوا في ذلك مئات الكتب.
لكن حدث سنة 1894 ميلاي يوم الجمعة 25 من ذي الحجة 1311 هجري في مدينة المنصورة أن قد نزل بها أحد المنتمين للفكر الوهابي (المسمى حاليا بالسلفي ) وكانت هذه أول مره ينزل فيها شخص منهجه مخالف لما عليه المصريين من عقيدة وفقه وسلوك والذي هو منهج الأزهر على مدار ألف عام والذي كان يرفض التكفير.
أشاع هذا الرجل بين الناس في مدينة المنصورة بعض الآراء المخالفة والتي عليها العمل فبدأ يُنكر عليهم الأذانين في صلاة الجمعة وينكر على الناس احتفالهم بالمولد النبوي ويدعي أنه من البدع وينكر عليهم حلقات الذكر في المساجد وفي الساحات العامة وينكر عليهم زيارتهم للقبور ويدعي أنها من الشركيات فقام بتكفير الناس وعمل فتنة بينهم إلى أن تصدى له أحد علماء الأزهر الشريف ويسمى الشيخ إبراهيم السمنودي من محافظة المنصورة والذي كان قد علم أن مفتي مديرية الدقهلية متواطىء مع هذا الشخص الوهابي والذي كان لا يصلي إلا خلف المفتي المذكور ويقول أنا لا أصلي إلا وراء من يوافقني العقيدة وأغلب الأئمة مشركين.
فما كان من الشيخ إبراهيم السمنودي إلى أن توجه لمدير الدقهلية وأبلغ عن الوهابي والمفتي فقام حكمدار الدقهليه باستدعائهما وبعد فحص حال الوهابي قام بطرده من المحافظة وفصل المفتي من وظيفته.
رحل هذا الوهابي إلى دمياط فقام حكمدار دمياط بطرده وذكرت جريدة المؤيد المصرية هذا الحدث في عدد لها صدر سنة 1895 ميلادي ثم قام محافظ المنصورة باستدعاءه وطلب منه أن يختار بلد يرحل إليها فاختار بيروت فغادر من مرفأ دمياط في إحدى السفن.
ويذكر الشيخ إبراهيم السمنودي أن الوهابي المذكور قد تم طرده من بيروت أيضا بعد ما أراد نشر دعوته وتم إرساله إلى بلاده وتم منعه من دخول مصر، وهذا يدلك على أن الفكر الوهابي أو السلفي كان غير مرحب به بداية نشأته وكان منبوذ من كافة البلاد الإسلامية.
أما المفتي المذكور فقد توسط عند الوجهاء لكي يعود إلى وظيفته فتم رفع أمره إلى القضاء وأرسلت أوراق قضيته إلى الشيخ محمد الإنبابي شيخ الأزهر آنذاك واستدعاه وأعلن المفتى أمام مشايخ الأزهر توبته من عقائد الوهابية، وقد ألف الشيخ إبراهيم السمنودي كتاب رد فيه على الوهابية اسمه “سعادة الدارين في الرد على الفرقتين الوهابية ومتأخري الظاهرية“.
وبعد مرور السنين ونشوء حركات الإصلاح في الأزهر تسلل هذا الفكر داخل الأزهر الشريف ومع ظهور البترول في بلاد الحجاز بدأوا في طباعة كتبهم بكثرة وتوزيعها على الحجاج وإرسالها إلى جميع الأقطار الإسلامية بالمجان وسافر كثير من المشايخ والعلماء إلى السعودية للتدريس هناك عاد البعض منهم محمل بهذا الفكر السرطاني الذي لا زال ينهش في جسد الأمه الإسلامية والذي كان سبب من أسباب التكفير وشيوع الجماعات التكفيريه الأخرى.
ويذكر أنهم قد سموا أنفسهم بعد ذلك بالسلفية بدلا عن الوهابية لأن أسم الوهابية كانت له سمعة سيئة في الأذهان بسبب جرائمهم.
الكاتب
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد