هم رجال دين أم علماء دين ؟! “تفكيك أزمة المصطلحات”
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد
قبل أن تتسرع في الإجابة يجب أولا أن تفهم المصطلحات فعدم الفهم الجيد للمصطلحات يؤدي إلى كوارث معرفية ، فقضية المصطلحات وتحريرها وتأصيلها أصبحت ضرورة في مجتمع ينطلق نحو التعددية والانفتاح .
تعريف المصطلح
ورد في المعجم الوسيط أن المصطلح من الإصطلاح وهو مصدر اصطلح اي اتفاق جماعة او طائفة على شىء مخصوص ، وأن لكل علم اصطلحاته .
ويقول الشريف الجرجاني عن الاصطلاح هو إخراج الشىء عن معنى لغوي إلى معنى آخر لبيان المراد وقد أجمع اللغويين أن المصطلحات لا توجد إرتجالا ولا بد في كل مصطلح من وجود مناسبة أو مشاركة أو مشابهة بين مدلوله اللغوي ومدلوله الاصطلاحي وهو اتفاق قوم أو جماعة على تسمية الشىء باسم ينقل عن موضعه الأول وإخراج اللفظ منه .
وصياغة المصطلحات لها آليات وطرق كثيرة منها على سبيل المثال “النحت” مثل مصطلح الحوقلة فهي منحوته من عبارة ” لا حول ولا قوة إلا بالله”.
وآلية أخرى هي “الاشتقاق” وهو استخراج لفظ من لفظ آخر مثل: قرأ/قارىء ، وأيضا آلية “التعريب” وهي استعارة ألفاظ من لغة إلى لغات أخري عندما تدعو إليها الحاجه ويتم استخدام هذة الآليه كثيراً في المصطلحات العلمية الجديدة ، وأيضا آلية “الترجمة” وقد تم نقل كثير من المصطلحات الغربية إلى العربية عن طريق الترجمة والتعريب خاصة مع تفجر ثورة المعلومات خلال العقد الأخير من القرن العشرين وأصبح هناك كم هائل من المصطلحات العلمية باللغات الأجنبية .
إلا أن الترجمة والتعريب قد أديا إلى الوقوع في كثير من الأخطاء في مفاهيم بعض المصطلحات التي وصلت إلينا وذلك بسبب جهل واضعي المصطلح بلغة الضاد ، وتعدد واضعي المصطلح في بلادنا العربية.
مصطلح رجال الدين وعلماء الدين
الحقيقة أنه لا يوجد شىء في دين الإسلام اسمه رجل دين بل هو عالم دين والفرق بينهما شاسع والخلط حدث بسبب أننا قد قمنا بنقل مصطلح رجل الدين من البلدان الغربية التي عانت من رجال دينها وطبقناه عندنا ، فقد يتفق مصطلح رجل الدين مع دين ما لكنه لا يتفق مع الإسلام بأي شكل كان ، وقد سعى بعض المثقفين إلى إستبدال مصطلح عالم دين برجل دين الذي ظهر بعد الثورة الفرنسية، والتي جاءت كرد فعل على تصرفات رجال الكنيسة المسيحية، الذين مارسوا نوعاً من الاستبداد الديني والفكري والتعاون مع رجال الإقطاع ضد المصلحة العامة للمسيحيين، فنشأ بعد الثورة ضد الكنيسة ورجالاتها هذا المصطلح وذلك لتخويف الناس منهم .
اقرأ أيضًا
حكمة الله في اختيار شبه الجزيرة العربية كمنشأ الإسلام وقاعدة لانطلاقه
يكمن الفارق بين المصطلحين بأن عالم الدين مهمته تحصيل العلم الشرعي المستمد من القرآن والأحاديث الشريفة عن طريق تعلم بعض العلوم المساعدة كاللغة والفقه ومصطلحات الفقه والحديث والمنطق وقواعد التفسير والحكمة والفلسفة وغيرها من العلوم التي تساعده على استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها القرآن والسنة وتبليغها للناس فقط ، لا يوجد في الدين أن عالم الدين بعد ما يتعلم يبلغ الأحكام ويُجبر الناس على تنفيذها أو أنه مَلك بعلمه هذا مفاتيح الجنة أو النار بل على العكس النبي أخبر أن أول من تسعر بهم النار عالم دين لم يعمل بما تعلمه فهم لا يملكون صكوك الغفران لأنفسهم حتى يملكوها لغيرهم .
بخلاف مصطلح رجال الدين الذي تم إطلاقه في القرون الوسطى على رجال الكنيسة فلقد تسلط رجال الكنيسة على كل شيء دنيوي أو أخروي فربطوا كل شيء بأيديهم فلا ينال ما عند الله إلا بإرضائهم وطاعتهم.، وفرضوا على الناس احترام وطاعة رجال الدين طاعة عمياء قائمة على الذل والخضوع المطلق والاستسلام وعدم الاعتراض في أي أمر كان وهذا بخلاف الطبيعى في الإسلام فلا يوجد خضوع مطلق لعالم دين ، ولو وُجد أن أحد من الناس قد لبس لباس علماء الدين وسيطر ع مجموعه من البشر يخضعون له ويمارس عليهم سلطه كهنوتيه فهذا بسبب جهلهم وحماقتهم لا بسبب أن الدين يأمرهم بهذا.
لا يوجد في الإسلام واسطة بين العبد وربه بمعنى أن الله لا يقبلني إذا أذنبت إلا إذا ذهبت إلى عالم الدين وطلبت منه أن يتوسط لي عند الله بل يكفي أن أقول بيني وبين نفسي (أستغفر الله ) فلا حاجة لي إلى ما يسمى بالإعتراف أمام عالم الدين حتى يتقبل الله مني ، بل إن علماء الدين أبلغونا أنهم تعلموا من القرآن والأحاديث أن من يذنب ذنب لا يخبر به أحد ويستر على نفسه ويتوجه إلى الله بالتوبة فالله يحب ذلك ويرضاه هذه هي مهمة عالم الدين التبليغ .
الكاتب
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد