خدعونا فقالوا: لا تجعلوا النبي سيدًا خلال صيغة التشهد في الصلاة ؟
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تمكن مني شعور بالغضب والاستغراب حين كنت أسترق السمع إلى بعض الزميلات لي في الجامعة وكلامهم عن التشهد في الصلاة ومسألة سيادة النبي بها «اللهم صل على سيدنا محمد»، واتفق أغلب الزميلات على أن السيادة مرفوضة في العموم.
اقرأ أيضًا
دلائل الخيرات في الصلاة على النبي “هل شبهة وصف الرسول بأسماء الله صحيحة ؟”
دليل من رفض سيادة النبي أثناء التشهد في الصلاة أن سيدنا النبي قال «لا تطروني»، وأكدوا على أن تجريد اسم سيدنا النبي من السيادة ضروري وواجب.
القرآن يرد على الترهات
هناك دليل قرآني دامغ على وجوب إطلاق لفظ السيادة على سيدنا النبي فالله سبحانه وتعالى قال في سورة النور «لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا»، وفي هذا تكلم تفسير قتادة فشرح الآية بقوله «أمر الله عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُهَابَ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وآله وسلم، وَأَنْ يُبَجَّلَ وَأَنْ يُعَظَّمَ وَأَنْ يُسَوَّدَ».
رد على الحديث الذي يستدلون به
يستدل بعض من يرفض سيادة النبي أثناء التشهد في الصلاة بقصة عبدالله بن الشخير مع وفد بني عامر حيث قال انطَلَقتُ في وَفدِ بني عامرٍ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقُلْنا: أنتَ سيِّدُنا. قال: السيِّدُ اللهُ تبارَكَ وتعالى. قُلْنا: وأفضَلُنا وأعظَمُنا طَوْلًا. قال: قولوا بقَولِكم، أو بعضِ قَولِكم، ولا يَسْتَجرِيَنَّكم الشَّيطانُ – وفي روايةٍ: لا يَسْتهوِينَّكم الشَّيطانُ- أنا محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ، عبدُ اللهِ ورسولُه، ما أُحِبُّ أنْ تَرفَعوني فوقَ منزِلَتي التي أنزَلَني اللهُ عزَّ وجلَّ».
وفي شرح هذه الرواية قال الشيخ علي جمعة أقرَّ ذكر السيادة ونبَّه على صحة المعنى بالتحذير من إهمال الفرق بين سيادة المخلوق والسيادة المطلَقة للخالق سبحانه من جهة أخرى، وخوطب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بـيا سَيِّدِي فأقر ذلك ولم ينكره؛ فعن سَهْلِ بْنَ حُنَيْفٍ رضي الله عنه، قال: مَرَرْنَا بِسَيْلٍ، فَدَخَلْتُ فَاغْتَسَلْتُ فِيهِ، فَخَرَجْتُ مَحْمُومًا، فَنُمِيَ ذَلِكَ إِلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: «مُرُوا أَبَا ثَابِتٍ يَتَعَوَّذ»، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي! وَالرُّقَى صَالِحَةٌ؟ فَقَالَ: «لا رُقْيَةَ إِلا فِي نَفْسٍ أَوْ حُمَةٍ أَوْ لَدْغَةٍ» رواه الإمام أحمد في “مسنده” وأبو داود في “سننه” والنسائي في “عمل اليوم والليلة” والحاكم في “المستدرك” وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وفي إقراره صلى الله عليه وآله وسلم لذلك إِذْنٌ منه في خطابه وذِكْرِه بذلك وأنه أمر مشروع، ولا فرق في ذلك بين أن يكون داخل الصلاة أو خارجها، بل ذلك في الصلاة أَولى؛ لأن الشرع راعى الأدب مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة بصورة مؤكَّدة، فشرع للمصَلِّي مخاطبة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم داخلَ الصلاة وجعلها تبطل بمخاطبة غيره، وأوجب الله تعالى على المصلِّي أن يجيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا خاطبه أثناءها ولا تبطل بذلك صلاتُه؛ مبالغةً في الأدب معه صلى الله عليه وآله وسلم، ومراعاةً لحرمته وجنابه الشريف، وهذا جارٍ أيضًا في الأذان والإقامة، فتخصيصُهما من ذلك لا دليل عليه بل هو على عمومه.
الكاتب
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال