هل تؤمن بتناسخ الأرواح؟..كنت آن بنهاية القرن التاسع عشر
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تناسخ الأرواح يعني رجوع نفس الشخص لجسد آخر، وهو موضوع تسبب في خلاف كبير بين العلماء والروحانيين وكذلك المؤمنين.
ولكننا نستخدم أحيانًا هذا المصطلح للتعبير عن شعورنا القوي بتشابه شخصيتنا مع شخص آخر، وكأن روحنا هي روحه بالفعل، وتصرفاته هي تصرافتنا، وكذلك سماته من عيوب ومميزات.
آن مع إِ وكثير من الإنسانيات
دون حرق لتفاصيل الأحداث؛آن مع إِ هو مسلسل مقتبس من رواية للمؤلفة الكندية لوسي مود مونتغمري، وتدور أحداث المسلسل حول طفلة يتيمة تدعى “ان” ويأخذنا المسلسل في ثلاثة أجزاء لحياتها خلال سنوات مراهقتها لنتعرف على حياتها قبل تبني أسرة لها وما قبلها هذا التغيير الجذري .
مراهقة صغيرة ثرثارة بشعر أحمر ونمش يغزو وجهها وعينين تملأهما الحماسة والشغف للمعرفة رغم كل ما تعرضت له من عنف وأذى.
كل ما فكرت فيه عندما شاهدت المسلسل هو تناسخ الأرواح، وكيف تشبهني هذه الفتاة الثرثارة المتمردة في طفولتي ومراهقتي؛ فتاة ثرثارة تدافع عن أرائها طوال الوقت رغم كل ما تقابله من انتقاد لاذع .
فتاة تدعى “إصرار” كما يطلقون عليها تحاول جاهدة رغم كل الصعوبات المختلفة التي واجهتها بحياتها تحقيق أحلامها ولو رآها الناس صغيرة، وتحاول الانتصار على نفسها وصراعتها أيضًا وتجري دائمًا تجاه ما تقتنع به وتجاه البحث عن المعرفة.
والمسلسل يتمتع بقصص كثيرة مليئة بالإنسانيات ورحلة الحياة بوجه عام من مشاعر فقدان وحزن وفرح ومن انتظار واجتهاد والشعور بمرارة عدم قبولنا من قبل الآخر أحيانًا، ووقوعنا تحت تنمر الآخرين أحيانًا أخرى.
كانت ان قادرة على تغيير الكثير من المعايير المجتمعية بجزء من جزيرتها التي تعيش بها، وبالجزء الأول والثالث بالأخص ستشعر بما أتحدث عنه من تناسخ الأرواح، كما لعب التركيز على مهمة الخيال والحلم دورًا هامًا بهذه القصة التي جعلت من الخيال عونًا لطفلة يتيمة تغلبت على مشكلاتها بالأمل والخيال.
ستجد نفسك في شخصية ما بهذا المسلسل دون شك، وستخونك دموعك أكثر من مرة في بعض المشاهد التي كُتبت جيدًا لتؤثر على الأطفال واليافعين والبالغين أيضًا، وهذه نقطة أخرى تُحسب لهذا المسلسل.
وبلقطة ما وسط أجزاء المسلسل ستجد ان نفسها وسط ما نشعر به من تناسخ الأرواح حيث ستلتقي مدرسة تشبهها شكلًا وتمتاز شخصيتها بنفس إصرار ان على عدم التنازل أمام حلمها وقناعتها تجاه تيارات المجتمع بجزيرة ادوارد بنهاية القرن التاسع عشر.
ان من هذا اللون من المسلسلات الذي تشبه آلات الزمن، فتدخل من خلال حلقاته لعالم ما قبل دخول الكهرباء لبعض جزر المحيط الأطلنطي، وكيف كان مجتمع هذه الجزر ككثير من المجتمعات التي تتعامل مع المرأة بدونية وتحصر دورها في الإنجاب وفي الزواج بالإجبار من أجل المصلحة وازدياد الثروة.
يناقش المسلسل قضايا المرأة بشكل مباشر ويسلط الضوء على هذه القضية تحديدًا أكثر من غيرها من القضايا، وخاصة أن بطلة الأحداث فتاة. ويمكن اعتبار هذا المسلسل من المسلسلات الإرشادية التي تتعمد مخاطبة عقول الصغار واليافعين بمثل لغتهم ومن خلال حوارات بين الأطفال وبعضهم البعض حول كل شيء يحاولون فهمه واستكشافه في فترة عبورهم من الطفولة إلى مرحلة الشباب
الاكسسوارات والديكورات لعبت دورًا هامًا بهذا المسلسل وطبعت عليه الكثير من الواقعية وكأننا بالفعل في هذا الزمن المختلف، وكذلك دور المكياج، كما أن بطلة المسلسل الممثلة “أمبيبيث ماكنولتي” ملامح وجهها كما لو كانت من هذا العصر ، وكأن وجهها خرج من لوحة رسمها فنان بهذه الفترة على شاطىء الجزيرة
ستنجذب للتصوير والإخراج المميز بالجزء الأول بالتحديد، وبكادرات بعينها تعد هي الأخرى لوحة تمثلت فيها كل نعم الطبيعة تحسب لطاقم الإخراج، حيث شارك بالعمل العديد من المخرجين على مدار الثلاثة أجزاء
كعادة المسلسلات التي تتنتجها نتفلكس، تم إقحام الكثير من الموضوعات على المسلسل ، فقط تحول المسلسل بالجزء الثاني خاصة إلى محاضرات خطابية وليس عملًا دراميًا.
اتفهم أن المسلسل بطبيعته موجهًا للصغار كي يتعرفوا على أخلاقيات معينة وبالتحديد قبول الآخر والتعامل مع الأقليات، ولكن التوجيه المباشر والمتكرر لقضايا مهمة وكثيرة بنفس الجزء بتتابع الحلقات ظهر وكأنه مقحمًا على السيناريو
بالنهاية المسلسل يستحق المشاهدة وسيأخذك لعالم مختلف من خلال روح آن وعواطفها الحماسية تجاه كل قضية مهمة مازالت تشغل العالم أجمع حتى الآن، وإن كنت سأختار شخصية خيالية تشبهني بعالم تناسخ الأرواح ستكون آن بكل تأكيد
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال