هل يمثل اللاجئون خطورة على مصر ؟ إجابة على سؤال تردد كثيرًا في السوشيال ميديا
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تردد سؤال خلال الفترة الماضية يقول هل يمثل اللاجئون خطورة على مصر ؟، وبصفة عامة فإن حركة اللاجئين إلى دول الملجأ تؤثر على التكوين الديموغرافي والاقتصادي والسياسي لتلك الدول والتي قد تؤدي لتهديد استقرار هذه الدول.
ذكر تقرير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أنه بالنسبة للتكوين الديمغرافي: ففي الوقت الذي نجد فيه العديد من دول الملجأ العربية والأجنبية تعاني و تخشى من التغيير الديمغرافي وتأثر هذه الدول بثقافات اللاجئين وبخاصة حال ازدياد عدد اللاجئين، مما دفع العديد من الحكومات إلى وضع قيود على حق اللجوء وفي بعض الأحيان أغلقت بعض الدول أبوابها أمام اللاجئين، نجد أن الدولة المصرية لا تتأثر بهذا العامل ولا يشكل عليها أي خطورة؛ حيث أن اختلاف المتغيرات الديمغرافية لـ 5 مليون لاجئ لا يؤثر على الثقافة المصرية لعدد سكان تجاوز 100 مليون نسمة.
ثانيًا بالنسبة للشق الاقتصادي: فمما لا شك فيه أن اللاجئين يشكلون عبئًا اقتصاديًا علي دول الملجأ حيث يحتاجون إلى خدمات اجتماعية ووظائف مما يشكل ضغوط على الحكومات وخاصة في الدول النامية، ولكن الدولة المصرية قد تغلبت على هذه المشكلة على الرغم من ظروف مصر الاقتصادية الصعبة التي مرت بها إبان ثورتين متعاقبتين تلاهم عملية الإصلاح الاقتصادي إلا أنها فتحت أمام اللاجئين الفرصة للعمل وإقامة المشروعات والشركات المختلفة مثلهم مثل السكان الأصليين، وحتى في أوقات الأزمات قدمت الحكومة المصرية تسهيلات ساعدت اللاجئين على دخول سوق العمل وتحقيق تنمية مستدامة ونمو استثماراتهم بوتيرة سريعة؛ فنجد أن السوريين حققوا نجاحات واستثمارات متمثلة في صناعات الغزل والنسيج، والصناعات البلاستيكية، إضافة إلى الصناعات الدوائية البسيطة وصناعة الأثاث والمفروشات، والمحلات التجارية واسعة الانتشار كمحلات الملابس والعطور، بالإضافة الى المنتجات الغذائية وانتشار المطاعم في مختلف ربوع مصر خاصةً في القاهرة والتي يظهر في مدنها الجديدة سواء في شرق أو غرب القاهرة تواجد ملحوظ للجاليات السورية والعراقية واليمنية. وهذا النشاط الاقتصادي للسوريين يختلف باختلاف أوضاعهم المادية، بينما نجح اللاجئين اليمنيين في استثمارات تنوعت بين محال بيع المخبوزات اليمنية ومؤسسات للخدمات الطبية وشركات للسفريات والسياحة وتسهيل إجراءات السفر للخارج، وشركات للخدمات التعليمية بتأسيس مدارس يمنية. وأيضًا اللاجئين العراقيين نجحوا في استثماراتهم العقارية داخل مصر بالإضافة إلى المحال التجارية والمطاعم التي تقدم المأكولات العراقية.
ثالثًا بالنسبة للشق السياسي: فهو أكثر العوامل خطورة حيث أن اللاجئين دائمًا ما يكون لديهم توجهات سياسية معينة، وناقمين على رأس السلطة في بلاد الملجأ وذلك جراء ما حدث لهم في وطنهم الأصلي ويكون لديهم ضغينة ضد حكومات بلدهم، مما يجعلهم يلقوا باللوم عليهم وأنهم السبب الرئيسي فيما ألوا إليه من تهجير ولجوء خارج وطنهم الأصلي، وبالتالي فإنهم يسقطوا ما يشعروا به تجاه رؤساء وحكومات بلد المنشأ على رؤساء وحكومات بلد الملجأ ويروا بأن جميع السلطات ظالمة مما يتسبب في افتعالهم لأزمات ومشاكل في بلد الملجأ. وأثبتت الدراسات التي تناولت دراسة سلوك اللاجئين بأن بعضهم لديه أعراض من جنون الاضطهاد “الارتياب وعدم الثقة” فأحيانًا ما يشعروا بأنهم مضطهدين ومستهدفين من قبل الحكومات. كما أثبتت بعض الدراسات بأن اللاجئين لديهم سمات وسلوكيات معادية للمجتمع ويكونوا أكثر عرضة للتورط في أعمال العنف والتخريب.
وقد سعت الدولة المصرية للتغلب على هذه العوامل والعوائق التي تواجه اللاجئين؛ فمصر على مدار تاريخها ملاذ آمن لكل من يلجأ إليها ودائما لديها استشراف للمستقبل واحتواء لأشقائها اللاجئين، والعمل الدؤوب لمعالجة مشاكلهم؛ فهي الدولة الفريدة والوحيدة التي ليس لديها معسكرات ومخيمات لاجئين، فهم يعيشون وسط المصريين ولا تمييز بينهم وبين السكان المصريين؛ فاللاجئين مندمجون في نسيج المجتمع المصري، وتمنح الحكومة المصرية اللاجئين وطالبي اللجوء من جميع الجنسيات سبل الوصول إلى الرعاية الصحية الأولية والثانوية، فتم إدراج اللاجئين في المبادرة الرئاسية “100 مليون صحة” للقضاء على فيروس سـي والكشف عن الأمراض غير السارية، وحملة مكافحة شلل الأطفال، وحملة الكشف عن السمنة وفقر الدم ومرض التقزم بين طلاب المدارس الابتدائية، والعلاج المجاني على قدم المساواة مع المواطنين المصريين وشملهم أيضا الرعاية الصحية خلال أزمة كورونا وقد حرصت الحكومة المصرية منذ بداية أزمة فيروس كورونا على توفير الحماية والدعم للاجئين المتواجدين على أراضيها وإتاحة جميع الخدمات الصحية والطبية لهم على قدم المساواة مع المواطنين المصريين. علاوة على ذلك؛ يُمنح اللاجئون وطالبو اللجوء حق الوصول الكامل إلى فرص التعليم الرسمي المجاني. كما يستفيد اللاجئون من الدعم الذي تقدمه الحكومة لمواطنيها في السلع والخدمات الأساسية.
كيف ينظر المجتمع الدولي لقضية اللاجئين في مصر؟
يثمن المجتمع الدولي جهود الدولة المصرية في منع خروج أي مركب للهجرة غير الشرعية من البلاد عبر شواطئها منذ سبتمبر 2016، فمصر قبل 2016 كانت نقطة عبور اللاجئين نحو أوروبا، مما يشكل خطر على الدول الأوروبية واستقرارها، ولكن بعد 2016 عندما استعادت مصر قوتها وقدرتها فتمكنت من إحباط جميع محاولات الهجرة غير الشرعية.
في حين أثنى المُنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر “ريتشارد ديكتوس” ودعا الدول المانحة لزيادة الدعم المقدم إلى مصر لتخفيف العبء المُلقى على كاهل الحكومة المصرية كما قدّم مُمثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين “كريم أتاسي” الشكر للحكومة والشعب المصري لاستضافتهم للاجئين، منوها إلى أن مصر لم تتلق بعد دعما دوليا يوازي التكلفة التي تتحملها في استضافة اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في وضعية شبيهة باللجوء. وأشاد بالجهود التي بذلتها الحكومة المصرية لخدمة اللاجئين وضمان تمتعهم بالخدمات الأساسية.
وقال السفير البريطاني في القاهرة “جيفري آدمز” إن بلاده ومصر يتمتعان بسجل قوي في حماية اللاجئين المستضعفين ومحاربة الهجرة غير الشرعية.
كما يثمن المجتمع الدولي التعاون الجهود المبذولة من مصر مع المفوضية العليا والمنظمة الدولية للهجرة في عمليات العودة الطوعية أو إعادة التوطين بدولة ثالثة، وذلك في حالة وجود طلب من اللاجئ أو ملتمس اللجوء وبناء على رغبته. وأيضًا جهود مصر الحثيثة للتوصل لحلول سياسية للأزمات بالمنطقة.
ويأتي ذلك في الوقت التي ترفض فيه بعض الدول الاوروبية قبول اللاجئين على أراضيها، وتعترض بعض الدول الأخرى على وجود اللاجئين على أراضيها، مصر استقبلت أعداداً كبيرة من اللاجئين بالإضافة للترحيب باللاجئين من قبل القيادة السياسية والرأي العام المصري.
يتضح احترام الدولة المصرية لحقوق الانسان وتعزيز الكرامة الانسانية للاجئين والمهاجرين وتوفير نواحي الحياة الانسانية لهم ودمجهم في المجتمع المصري وتمتعهم بكافة الخدمات التي يحصل عليها المواطن المصري رغم ما ينطوي عليه ذلك من أعباء اقتصادية على كاهل الدولة المصرية، ورغم أن مصر من البلدان المتلقية لأدنى مستويات من التمويل بشأن اللاجئين.
الكاتب
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال