الخطة الخليجية لابتلاع السينما المصرية .. مستقبل الفن المصري في خطر
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
السينما والبداية
السبعينيات حين هاجر المئات من أبناء الطبقة المتوسطة خارج بر مصر شرقا تجاه الخليج بحثا عن لقمة العيش، تلك اللقمة التي عادت مغمسة بالوهابية وأفطارها الرجعية، عاد الكثيرون في نهاية الثمانينات عند احتلال الكويت بعدما حملوا أفكار البادية واقتنعوا بها لأنها من منحتهم سلطة الثروة، حينها كانت السينما المصرية ما زالت بخير والدراما تسحب أنفاسها الأولى نحو التحول لصناعة مجتمعية رابحة محترمة بأقلام أسامة أنور عكاشة وزملاءه.
السينما النظيفة
عشرة أعوام فقط كانت كافية للسيطرة على السينما المصرية بعد ابتداع مصطلح “السينما النظيفة” الذي دشنه النجاح الخارق لفيلم “إسماعيلية رايح جاي” بطولة محمد فؤاد وحنان ترك ومحمد هنيدي – انتبه جيدا لاسم هنيدي لأننا سنقابله كثيرا -.
موجة من الأفلام الكوميدية التي ظهر من خلالها محمد هنيدي ومحمد سعد وأحمد مكي ورامز جلال وهاني رمزي، تحمل أفكار بسيطة أو حتى بلا أفكار لكنها بلا علاقات عاطفية حقيقة، بلا قبلات أيضا ولا أحضان حتى بين الأخ وأخته حفاظا على مباديء سينما الأسرة من أجل عودتها لقاعات السينما مع تمويل ضخم لمجموعة من شركات الانتاج لإعادة ضخ الأموال لإنشاء المجمعات السينمائية العائلية من أجل عائد محترم.
في أمر يشبه صبغ بوكسرات الزوج ليصبح أكثر شبابا.
الإنهيار
سيبقى أروع ما في يناير أنها كانت نهاية لكل شيء – أو البعض من كل شيء- حتى السيطرة على الدراما والسينما تجاوزها بعض المبدعين بأعمال حققت نجاحا معقولا، انهارت السينما فلم تحافظ على نظافتها التي ادعتها من أجل السوق الخليجي وأبناءه في المجتمع المصري، بدت الدراما هي النفس الباقي للبقاء فانضم الركب بأكمله لها لكنها كانت على موعد غريب للتغييرات مع انطلاق المنصات العالمية ومن ثم أزمة كورونا.
السينما في أزمة تعاني وكلنا نعرف هذا، لكن ما لا يعرفه الناس أن هناك شركة سعودية اسمها NStars تشارك في كل الانتاج السينمائي المصري منذ ٣ سنوات، لدرجة أنها شاركت في انتاج فيلم الفيل الأزرق ٢ بنسبة ٥٠٪.
هذه الشركة التي عملت في الظل لمدة ٣ سنوات قررت الظهور في الساحة مع دعوة أحدهم في المملكة لإصلاح حال الفن والدراما المصرية وسيطرة منصات المشاهدة عبر الانترنت.
هذه الشركة التي ظهر اللوجو الخاص بها في أخر أفلام الفنان محمد هنيدي – رجعنا تاني أهو ولسه – الذي يسيطر بفضل مالكيها على سوق الاعلانات في مصر – هنيدي بيعمل اعلانات فودافون ومولتو وتوشيبا وغالبا حيعلن عننا -.
تلك الشركة التي قررت أن يتلخص الانتاج المصري في السنوات القادمة لمجموعة من الأفلام الكوميدية التي ترضي الشعب السعودي الذي يفضلها ويفضل محمد هنيدي ومحمد سعد ورامز جلال لهذا سنراهم كثيرا في الأعوام المقبلة.
قررت خلع قناع المنتج المنفذ والعمل مباشرة في الوسط السينمائي
اقرأ أيضا
عندما بحث المخرج نور الشريف عن سيناريو “يشيله”.. والمنصات العالمية اجتمعت على السيناريست
وسوف تنتج رسميا ٩٠٪ من الأعمال المصرية القادمة الموجهة للجمهور الخليجي
أو كما قال لي فنان حقيقي ذات يوم أن المخطط أن نرتدي جميعا الغطرة والعقال لنمثل باللهجة الخليجية.
سيشترون كل شيء من أجل سحق كل شيء لا مجرد السيطرة مثل السبعينيات لأن ما حدث في ٢٠١١ أثبت لهم أن السيطرة ليست مضمونة
مستقبل سعيد
الخاتمة
سيطر المال الخليجي على السينما المصرية منذ أكثر من ٣٠ عاما، وجه وشارك عبر قنوات انتاج مصرية مثل شركات السبكية وغيرها، لكن هذه المرة قرر ألا يكتفي بالسيطرة، قرر أن يفعل السيطرة لتصبح ابتلاعا تاما للسينما المصرية حتى تتحول إلى مجرد أداة ترفيه للمواطن الخليجي.
لن تشاهد أفلاما ينتجونها عن أزمات المجتمع المصري، لن تشاهد أفلاما تناقش تاريخ أو تراث مصر الكبير، فقط ستبقى الأفلام الكوميدية الترفيهية كي يضحكون.
تماما مثل مسرح الرياض الذي شارك فيه هنيدي ومكي وشيكو ومحمد سعد وكل المضحكين القدامى والجدد.
وسوف تشتري مجموعة إم بي سي مجموعة روتانا وتدمجها فيها فتصبح مالكة لأكثر من ثلث تراث السينما المصرية وكذلك ستصبح الوكيل الرسمي للعرض التليفزيوني والانتاج في مصر والسعودية.
ليصبح السوق محتكرا عبر الشركتين.
وياصبح لا أمل سوى في السينما المستقلة
ويا مين يعيش
الكاتب
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال