همتك نعدل الكفة
584   مشاهدة  

ما السر الذي يذيعه فيلم   “أصوات-هُنّ”  ويحرر الأمومة 

فيلم
  • إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة



فيلم مختلف

كل الأوقات مناسبة لتعديل الأفكار وتصحيح المسار ..نحن جاهزات للسعادة وقادرات على التغيير ومستحقات لحياة أفضل برغم قسوة المجتمع الذي يقدس الشكل الواحد حتى في المشاعر والتفاعل والإدراك وحتى في أوجه القصور.

وبما يناقض الفطرة التي خلقنا الله عليها باختلافنا بالشكل والجوهر بنقاط القوة والضعف خلقنا سبحانه شعوبًا مختلفة وأعراقًا متباينة وبالتبعية أشكالًا مختلفة رغم ذلك أراد المجتمع أن يضعنا في قالب ووجهونا لطريقة واحدة حتى نصبح كأننا مستنسخين ظاهريًا فيطمئن المجتمع بينما نعاني في داخلنا نلبس الملابس نفسها ثم نقتنع بمعايير موحدة للجمال لنكون نسخًا خارجية يسهل انقيادها وإقناعها بضرورة تبني الأفكار نفسها والشعور بالإحساس نفسه والألم ذاته.

40dd4dee-b02d-41e2-a793-b701cb1c58c3

لن أربي أولادي كما ربتني أمي

كان هذا صوتي منذ عشرين عامًا عندما أنجبت ابنتي الكبرى قلتها بصوتي في شقتي الصغيرة وقتها حين كنت وحيدة جدًًا وصغيرة أيضًا لكنني قلتها ولم يسمعها غيري ولم أبح بها لأحد.

كيف لي أن أربي ابنتي كما ربتني أمي لم تكن تتحدث معي بصداقة ولم تشاركني حيرتي ولا ضعفي أو حتى تمردي لم أخرج وحدي أبدًا إلا إلى الجامعة لم أزر صديقة غير مرة واحدة طيلة طفولتي بصحبتها لم تهديني كتابًا يومًا كيف لي أن أخطأ وأنا صغيرة وأنا لم أجرب من المؤكد أنها اعتنت بي بينما كنت رضيعة لكنني مشيت وحيدة ومقيدة ومتفوقة فكان سهلًا أن أكون مصدر فخر لأسرتي ويقولوا (عرفنا نربي) لم أجرب الحياة حتى أخطأ أو أصيب لذلك لن أربي مثلها لن أكون كأمي أو خالاتي أو من يشبوهنها .

مرت سنوات طويلة منذ جمعني و هايدي جبران مكان عمل واحد عشر سنوات مضت، العام ٢٠٠٩ نعمل في فضائية سويًا عملي داخلي بالمكتب في التحرير والإدارة بينما تخرج هايدي للشارع كل يوم تواجه المجتمع كمراسلة وتعود غاضبة قبل أن تنتقل للإنتاج الفني للبرامج بالمحطة نفسها ويكمل كل منا في طريق، كنت أكبرها بسنوات حين عدنا والتقينا من جديد ظننتها لا تزال الفتاة الصغيرة الساخطة على الحياة نفسها في الماضي لم نكن نتحدث إلا عن العمل لكننا عندما التقينا من جديد توقفت عند تعليقها على ما خطوت في مشواري المهني عندما قالت لي : (منذ رأيتك أول مرة عرفت أنك امرأة تعرف ماذا تريد)، ليتنا كنا صديقات ليتنا وثقنا في بعضنا البعض واختصرنا المسافات والمساحات الآمنة هكذا غمغمت رغم أنني لا أعرف هل كنا نخاف الاقتراب أم أن رحلتي للخلاص لم تكن سهلة ولم يكن لغيري أن يحملها معي.

أصواتهُنّهو الفيلم الوثائقي الأول للمخرجة هايدي جبرانالزميلة القديمةوباحثة الماجستير في قسم الأنثروبولوجيا الإجتماعية، بكلية الدراسات الأفريقية جامعة القاهرة، يحكي الفيلم عن تجربة الأمومة المختلفة في حياة كل امرأة وكيف أثرت الثورة في فهم النساء لتفردهن أو ربما كيف شجعتهن على البوح بهذا التفرد والاختلاف لسنا نسخًا عن الجدات والأمهات.

عندما شاهدت هايدي جبران في فيلمها وهي تتحدث عن تجربتها مع الأمومة باعتبارها مشاركة كشاهدة إلى جانب إخراجها للعمل أدركت أن الفتاة الغاضبة الساخطة قد رحلت بينما الآن أنا أمام امرأة انتصرت على قوالب المجتمع وأعلنت عن نفسها وهدأت وهاهي اليوم تخرج جانبًا منها في عمل وثائقي لتذيع سرنا 

تجمع هايدي في فيلمها خمس شاهدات من نساء هن أمهات مختلفات في الثقافة والعمر والظروف هن نساء متفردات لكل منهن صوت مسموع ومختلف.

كشف  “أصواتهُنّعن داخلنا جميعًا كيف ندرك حقيقتنا أننا أمهات ولسنا قديسات لا نشبه الصور التي  تزين كتب المطالعة لم نكن مثاليات ولا قويات دائمًا ولن نكون لسنا معصمومات عن الخطأ والأهم أننا أدركنا أننا لا يجب أن نسعى للكمال ووجب أن تخلص من عقدة الذنب والنقص لاستحالة مطابقتنا للأم التي يتغنون بها.

يسرد الفيلم على لسان الشاهدات كيف أسهمت الثورة ونجاحها بتخلص النساء من وجع  الموائمات ومحاولات الإدعاء بأن كلحاجة كويسةحتى ولو كانت مكسورة بداخلنا كيف أعادت الثورة الثقة لقدرتنا على النجاة والتغيير، لن نكون ضحايا في هيئة مضحيات.

اقرأ أيضا

جاري أولدمان .. أوسكار مضمون في فيلم Mank حيث صنع العظمة

إقرأ أيضا
المليونير

لماذا فيلمأصواتهُنّ” 

الفيلم الذي شارك في عدة مهرجانات خارج مصر، وتم اختياره رسميًا للإصدار الشهري من شورت فينيسيا عن شهر يناير 2021 كما ترشح لجائزة أفضل فيلم وثائقي وأفضل مخرج ضمن مهرجان  Best Documentary Award بلندن، كما ترشح أيضًا للمسابقة الرسمية  لمهرجان Golden Short Film Festival بروما 

تستطيع وأنت تشاهدة أن تدون ما يأتي على لسان المشاركات الخمس عشرات من ( المقولات) التي تصلح كل واحدة أن تكون حكمة بذاتها تضيئ طريق الأمهات المستجدات والعالقات على الطريق يمكنك أن تكوني امرأة وأم معًا بل هذا هو الاختيار الفطري المنطقي الوحيد، تدهشك حكمتهن وتعتقد أن كاتب سيناريو صاغ لهن الأفكار والمشاعر ليطلقنها كالرصاص تدمي وتدمع من يستمع إليهن، لذلك قررت بعد كل ما دونته عنهن ألا أنقل جملة واحدة وأن أترك للمشاهد حرية استقبال التجربة دون توجيه.

سعيدة لـأصواتهُنّأدرك اليوم أنه لا ضرورة للمبالغة في الحواجز ولا للمساحات الآمنة الشاسعة لن يوصمني أحد ولست مضطرة أن أكون وحيدة دون صديقات خرفًا من أن أوصم باختياري الذي قررته منذ اليوم الأول لي كأم أن أعيش لنفسي أبحث عنها بينما أقوم بواجبي وأربي أبنائي كيف وأن أعطيهم امرأة واثقة وأمًا قوية وإنسانة تخطئ وتصيب أن أعيش تجربتي وأمهد لهم أسهل طريق لعبور آمن إلى استقلال وحرية حقيقية وثقة على التغيير وتصحيح الأخطاء بخياراتهم الخاصة.

شكرًا  “أصواتهُنّوبطلاته شكرًا  هايدي جبران على هديتك للأمهات في عيدهن وفي كل يوم .

الكاتب

  • فيلم رشا الشامي

    إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان