حول عبثية اختيار اسم المؤرخ الجبرتي في مسلسل هجمة مرتدة ؟ “ما هكذا تؤكل الكتف “
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جُمِع اسم المؤرخ الجبرتي في مسلسل هجمة مرتدة من خلال مركز حقوقي يحمل اسمه، والمركز الحقوقي هو جزء من مؤامرة ستُحَاك على مصر.
فن اختيار الأسماء الغير موجود
بنسبة 100 % فإن المقصود بشخصية سعيد خليل مدير مركز الجبرتي في مسلسل هجمة مرتدة هو سعد الدين إبراهيم مدير مركز بن خلدون خاصةً وأن ماكياج الفنان أحمد حلاوة يشير إليه، وبالتالي فإن خطأ المؤلف باهر دويدار كان كارثيًا في اختيار اسم الجبرتي.
المعروف أن أي مؤلف له رؤية في اختيار الأسماء، لكن اختيار باهر دويدار لاسم المؤرخ الجبرتي كاسم جمعية حقوقية بلا رؤية ولا معنى خاصةً أن المقصود هو سعد الدين إبراهيم مدير مركز بن خلدون.
اختار سعد الدين إبراهيم اسم بن خلدون على أساس أنه رائد علم الإجتماع، بالتالي فإن الهدف المزعوم للمركز خدمة المجتمع بأسس علم الاجتماع التعاملي والسياسي، أي أن اختيار اسم بن خلدون له رؤية.
لكن اختيار اسم الجبرتي في مسلسل هجمة مرتدة بلا معنى، فالمركز المشار له ليس له صلة بالدراسات التاريخية حتى لو كان تاريخ سياسي، كذلك صاحبه سعيد خليل ليس مجاله التاريخ.
اقرأ أيضًا
“هجمة مرتدة VS وادي الذئاب” العراق في المسلسلات بعيون المخابرات المصرية والتركية
الأمر الآخر أن الجبرتي ليس صاحب نظرية علمية ولا تاريخية ولا حتى سياسية حتى يكون على اسمه مركز للدراسات السياسية.
مصدر باهر دويدار ونقده
أراد باهر دويدار فقط الاعتماد على اسم شخصية مشهورة على نفس الوزن والقافية من حيث الانتشار، لكن هذا الاعتماد قائم بلا رؤية ولا معنى ولا حتى حبكة درامية.
كان الأفضل أن يجعل باهر دويدار اسم المركز بـ مركز الكواكبي للدراسات السياسية والإنسانية، وذلك نسبةً لـ عبدالرحمن الكواكبي صاحب كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، وذلك لأن الكواكبي هو المصدر الرئيسي لدعاة الثورات وإسقاط الأنظمة، مثله مثل بن خلدون تمامًا.
الزج باسم الجبرتي وحقوق الإنسان قائم على كتاب تعليم حقوق الإنسان: الفلسفة والواقع لـ عصام توفيق قمر، إميل فهمي شنودة، سامح جميل عبد الرحيم، ومقالة على جريدة الأهرام للصحفي أيمن المهدي.
سبب الزج باسم الجبرتي مع حقوق الإنسان هو موقف المؤرخ من رصد مظالم الولاة، لكن مقال الصحفي أيمن المهدي أمعن في التفصيل فقال «كان مدافعا عن حقوق الإنسان والحريات، وهو ما أدى إلى نشوب الخلافات بينه وبين محمد علي، ففى الوقت الذى كان والى مصر مهتما بفكرة تأسيس دولة عصرية وقوية ومشروعات عملاقة، إلا أنه كان لا يبالى بالمصريين كبشر فلجأ إلى استخدام مبدأ الأشغال الشاقة لإجبارهم على العمل تحت الظروف القاسية، فيما كان الجبرتى يؤمن بغياب العدالة فى الدولة التى فقدت صوابها وأن المشروعات لا قيمة لها لو ضاعت إنسانية البشر».
الحقيقة أن خلاف عبدالرحمن الجبرتي مع محمد علي باشا لم يكن بسبب حقوق الإنسان، فالجبرتي قال في حق محمد علي باشا «له مندوحة لم تكن لغيره من ملوك هذه الأزمان»، وبعد فترة هاجمه هجومًا ضاريًا واتهمه بالحقد والحسد بسبب قانون الاحتكار الزراعي.
اقرأ أيضًا
حتى لا تُظْلَم بسبب مط السيناريو “أهم رسالة في رسائل مسلسل هجمة مرتدة خلال 11 حلقة ؟”
لم يغضب الجبرتي من قانون الاحتكار بسبب حقوق الإنسان لكن علة هجوم المؤرخ أن تلك السياسة طالته فقد كان الجبرتي (ملتزم) أي صاحب أرض يجمع منها الضرائب ويعطيها للوالي العثماني، في مقابل أن يستفيد الجبرتي بنظام الوسية (5 % من مساحة الأرض معفاة من الضرائب ويزرعها الفلاحين بالسخرة)؛ وهذا ما يمثل تأرجح موقف الجبرتي من الوهابية فقد كان ضدهم ثم صار معهم.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال