ملامح الصوفية في مسلسل موسى “حل لغز نار النبي إبراهيم وفوارق بين صالحين وحسين”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ظهرت 3 شخصيات يمثلوا الصوفية في مسلسل موسى طوال 13 حلقة، وهم «الشيخ صالحين، عم حسين بائع الخواتم، شيخ قعدة النيل»، لكن لكل شخصية منهم طريقة وأسلوب.
الشيخ صالحين وفلسفة التوكل على الله بالطريقة القشيرية
جسد الفنان محمد ريحان أول شكل من أشكال الصوفية في مسلسل موسى حيث أدى شخصية الشيخ صالحين الخُتْم شيخ الكُتَّاب وهو دور لشخصية صوفية سبق وأن أداها ريحان في عددٍ من الأعمال أبرزها دوره في سوق العصر (عم جاب الله) و مسلسل الليل وآخره (الحاج دندراوي).
اقرأ أيضًا
متابعة موقع الميزان لـ حلقات مسلسل موسى
رغم السلبية المبررة في شخصية صالحين لكِبَر سنه، لكنه يجسد ببراعة مفهوم التوكل على الله مع حمده على السراء والضراء، فهو في الحلقة الأولى حين استقبل خبر ذكر اسم رويعي في كشوف المجبرين على الحرب قال الحمد لله، ولما عرف أنها أرض ألغام قال الحمد لله رب العالمين.
يؤمن الشيخ صالحين ببركة القرآن الكريم وتعليمه وهذا موجود في الحلقة 13 حين جاء له شيخ البلد وأمره بمغادرة مكانه وانتهاء عيشه، فطلب أن يتركه لتعليم أطفال القرية آيات الذكر الحكيم وذلك لإيمانه ببركة القرآن حيث ستنفعه في الدنيا والآخرة، وقد جاءت بركة القرآن على موسى عند المطاردين فكبيرهم كان من رواد الكُتَّاب عند الشيخ صالحين وأثر فيه.
يتصور الكثيرين أن صالحين يمثل الاستسلام باسم التوكل على الله، لكن التمعن في دراسة شخصية صالحين خلال مشاهده القصيرة يتضح أن صالحين يطبق المفاهيم الأربعة للتوكل عند الإمام القشيري في رسالته الشهيرة فهو يقول عن التوكل «هو سكون القلب في ضمان الغيب، وهدوء الضمير عند هجوم التقدير، وعدم الإزعاج في مواطن الإحتياج، ونفي الاضطراب عند عدم الأسباب».
عم حسين بياع الخواتم
«ربنا كريم .. دايمًا يبعتلنا حاجات»
بهذه الجملة لخص الكاتب ناصر عبدالرحمن عبر عم حسين بائع الخواتم الفضة وثاني الشخصيات الصوفية في مسلسل موسى بالحلقة 12 تعريف الصوفية لـ الكريم والوهاب (من أسماء الله الحسنى).
الكرم الإلهي عرفه أبو حامد الغزالي في كتاب المقصد الأسنى فقال «وَإِذا أعْطى زَاد على مُنْتَهى الرَّجَاء وَلَا يُبَالِي كم أعْطى وَلمن أعْطى وَإِن رفعت حَاجَة إِلَى غَيره لَا يرضى».
الخاتم الفضة جاء لموسى عن طريق الهبة ومعنى الهبة عند الصوفية أنها العطية الخالية من الأعواض والأغراض، وكان هذا ظاهرًا في شخصية عم حسين، فالصوفية عندم مبدأ يقول «من تحقق أنه الوهاب لم يرفع حوائجه إلا إليه، ولم يتوكل على أحد إلا عليه، فربما يسأل بحكم الخشوع والتذلل، وربما يسأل بحكم البسط والتذلل».
شيخ قعدة النيل ومسألة النار
الانتقام متملك من شخصية موسى بسبب شقيقته التي يبحث عنها، والانتقام في حد ذاته نار، حتى التقى بثالث الشخصيات الصوفية في مسلسل موسى وهو شيخ قعدة الشاي على النيل، وعظه ونصحه ثم شبه ما فيه بالنار لكن بتشبيه غريب «النار زي ما لها وش عذاب لها وش نعيم» واستدل بقصة النبي إبراهيم حين قال «النار شكلها جميل .. فيها اللي وقع وشاف الجنة كيف سيدنا إبراهيم»، وأراد بذلك ذكر ما جاء في سورة الأنبياء «قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ».
لعل هذا الحوار حول فكرة نار النبي إبراهيم تبدو للمشاهد غير مفهومة ولا متناسقة من حيثية المعنى والرسالة، إلا أن التأمل في الرؤية الصوفية للحوار يعطي بعدًا آخر وله تأصيل عند الصوفية.
أبرز رموز الصوفية الذين تكلموا عن قصة نار إبراهيم هو بن عطاء الله السكندري حيث نقل عنه السلمى في كتاب حقائق التفسير تفسيرًا إشاريًا للآية الكريمة «قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ»، حيث قال ابن عطاء الله السكندري «سلام إبراهيم من النار بسلامة صدره لما حكا الله عنه إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ خاليًا عن جميع الأسباب والعوارض، وبردت عليه النار لصحة توكله ويقينه، وثقته، حيث ناداه جبريل هل من حاجة؟ فقال: أما إليك فلا»، وهذا هو المعنى الصوفي الذي قصدته الشيخ في الحلقة 13 من مسلسل موسى.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال