سمير غانم .. بسأل عنك كل ما بضحك
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
هناك رابط خفي يربط بين المشاهد والفنان الذي يحبه، فمن كثر المشاهدة لأعمال فنان يحدث بين المشاهد وبينه نوع من “العِشرة”، تتحول لمشاركة والتي سرعان ما تتحول لعلاقة عائلية، فيصير هذا الفنان شخص له حيثيته في عالمك الخاص، بالطبع قليلون من قد يبلغوا تلك المكانة عند المشاهد، ومن بين أفراد عائلتي كان سمير غانم.
- عزيزي سمير
في قصيدة الضيف أحمد التي كتبها عصام عبدالله ولحن موسيقاها محمد هلال وألقاها سمير بصوته ضمن أغنيات ألبوم مانا مانا لفرقة الحياة، كان مطلق القصيدة “عزيزي الضيف أحمد.. بسأل عنك كل ما بضحك.. بس ما بيجيش الرد”.
اقرأ أيضًا
رأيت خياله.. سمير غانم وكيفية استخراج الضحك من الموسيقى والغناء
سمير الذي احتل ركنًا أساسيًا وهامًا في حياتي طفلًا ومراهقًا وشابًا وها أنا قد قاربت على الكهولة، ومازلت أنبهر كلما شاهدته، مازالت لحظة الفرحة الأولى والضحكة الأولى تحدث في كل مرة أشاهده، مازلت اذوب عشقًا في قدرة سمير على صناعة الإفية من حيث لا أدري، مازلت أنبهر حينما أراه يغني بأداء سليم وخفيف، لتحتفظ ذاكرتي بكم خرافي من إفيهات سمير غانم في الأعمال المختلفة.
تحول سمير من ركن هام في عائلتي الخاصة لجسر يمتد بيني وبين الأصدقاء، فأحد أعز أصدقائي كان سبب توطيد صداقتنا حبنا المشترك لسمير غانم، وخاصة حينما وجدت أنه من عشاق اسكيتش (قلل الفولت) الذي جمع سمير والضيف أحمد في فيلم المجانين الثلاثة، والعديد من الإفيهات الأخرى ولكن يظل هذا الأسكيتش هو النقطة الأهم.
مع صديق آخر جمعنا حب سمير غانم، بسبب مناقشة في بداية معرفتنا حول الكوميديا -ولا كوميديا بدون سمير- لنكتشف أننا نزايد على بعضنا البعض في حبنا لسمير غانم، وتقديرنا العظيم لما يقدمه، سمير الذي أخلص للضحك كما لم يخلص أحدًا من قبله، فلم يحمل فلسفته أي شيء سوى الضحك والإضحاك، وفي كل مرة تأتي سيرة سمير غانم بين أي من زملاء العمل أو الأصدقاء يكون التقدير حاضرًا ليتفجر سيل من الإفيهات التي طبعها سمير غانم على أرواحنا
- لولا الرب علينا بيلطف
حينما شخصني الطبيب النفسي ووضعني في زمرة المكتئبين، كان سمير غانم حاضرًا وبقوة، كان مثل ذلك الخال الذي تحول لصديقه تذهب إليه لتفضفض معه بأريحية، فكان سمير غانم صديقي، لم أذهب إليه عابسًا مرة إلا وعدت وقد عرف الضحك لقلبي طريق، أمام مقاطع من مسرحيات وأفلام سمير غانم كنت أفرغ كل ما أشعر به من كآبة وحزن لأستعيد القدرة على الضحك.
وكأنما هو الملاذ، فكوميدياه لم تقتصر يومًا على أعماله الفنية، بل إن لقاءات سمير التلفزيونية بها الكثير من الكوميديا، والاهم أن بها منهج وفلسفة إضحاك الذات، في إحدى اللقاءات قال سمير غانم أنه حينما يشعر بالضيق يأتي بالجرنان ويقرأ أي خبر ولكنه بعد كل بضعة كلمات يضيف جملة (من قدام) وبعد بضعة كلمات أخرى يضيف جملة (من ورا) فحتى لو كان الخبر يتحدث عن شيء هام، لتحول بتلك الطريقة إلى خبر كوميدي فأضحك ويزول الضيق، تلك فلسفة سمير في إضحاك الذات، ضحكت عليها وعلى بساطتها وسخر جزء مني منها كأني لا أصدق أنها من الممكن أن تجدي نفعًا، ولكن كانت نافعة، في إحدى المرات ضبطت نفسي وأنا أطبقها وأضحك لأعلم أن سمير دائمًا على حق.
- بس مفيش م المكتوب بُد
من الصعب أن تفقد أحد، وغم اعتيادية الموت يظل حدث جلل خاصة إذا كان الراحل شخص تحبه، فما بالك بفرد من عائلتك، شخص عاشرته طوال 35 عامًا، شاهدته وشاهد معك كل مراحل حياتك، جمعت بينكم ذكريات وأيام وأحداث، شخص كانت رؤيته -مجرد رؤيته- تدخل السرور إلى قلبك وتعيد البهجة على علامك.
كان خبر رحيلك عن هذا العالم مؤلم رغم انه كان متوقع، للحظات شعرت أن الضحك تم إلغاءه من الحياه، ولكن من أعادني إلى صوابي كان سمير غانم أيضا، فبشكل لا إرادي وجدتني أفتح اليوتيوب واكتب في خانة البحث سمير غانم مقطع عندك عبدالوهاب في الطحال يا حسنين، لأضحك مع سمير غانم لينتهي المقطع ويأتي بعده أخر حتى اسمع صوت سمير وهو يلقي قصيدة عزيزي الضيف أحمد، لتنفلت دموعي فأبكي، فكنت كطفل اخبروه أن خاله الحنون قد رحل فجري على جثمانه يحاول أن ينهضه فلا يدرك حقيقة ما حدث إلا بعد حين.
- عزيزي سمير غانم.. بسأل عنك كل ما بضحك.. وكان دايما بيجي الرد.. وهتفضل أنت الإجابة النموذجية للضحك.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال