341 مشاهدة
شريف دسوقي الذي أعرفه
جاءت بداية المعرفة من خلال إعلان حصول الفنان “شريف دسوقي” على جائزة أفضل ممثل في مهرجان القاهرة الدولي السينمائي عن فيلم “ليل خارجي”، تلك الجائزة التي حصل عليها أحمد زكي ومحمود عبد العزيز ومحمود يس.
وتوالت الأخبار وحصول الفيلم والممثل على تكريمات وجوائز عديدة، ثم دعوة لي لحضور الفيلم عند عرضه في السينمات، وبالفعل عندما شاهدت الفيلم فوجئت بممثل كبير واعي فاهم، وموهبة هائلة تعرف ماذا تفعل، وليس ممثل تائهة والدور واسع أو فضفاض عليه، بل يملئه ومحبوك عليه، أخذتني المشاهد وكنت أنتظر مشاهده طوال الأحداث، أسرني هذا الممثل المولود كبير، وعندما حدث التحول في الشخصية اندهشت وفتحت عيناي على آخرهما، كيف لهذا الشخص سائق التاكسي الطيب الرغاي، الذي لايسكت ولا يتوقف عن الكلام والضحك والحكي، عندما شعر بالإهانة والاستغفال تحول وأصبح رجل آخر والملامح تبدلت ونبرة الصوت تحولت.
خرجت من السينما مبهورة بهذا الفنان الحقيقي وبدأت أبحث عنه، ووجدت صفحته على الفيس بوك، وأرسلت له رساله أخبره مدى حبي وإعجابي بالدور والفيلم، وأنني أرغب في أن أجري معه حوار، فكان من السماحة واللطف أن يوافق على الفور ونلتقي على مقهى من مقاهي وسط البلد، ونتحدث ويحكي عن البدايات وميلاده تحت خسبة مسرح اسماعيل يس، وكيف أن أولى خطواته كانت على خشبة المسرح وأنه تعلم الحبو بين أقدام محمود المليجي وميمي شكيب، وزينات صدقي، حيث كان والده مدير مسرح إسماعيل يس وأن بيتهم كان خلف المسرح وبابه يفتح على خشبة المسرح من الخلف، وأنه بدأ كعامل رفع ستار وهو في سن العاشرة وكان أول أجر يحصل عليه 10 قروش، وعندما بدأ يشعر بموهبته وأنه يرغب في أن يمثل أًغلق المسرح ورحلوا، وعانى من الرفض من كل المحيطين بل وتعرض للتنمر والإحباط.
سنوات طويلة عاشها في الإسكندرية يمثل في المسارح المحلية والثقافة الجماهيرية، وعمل كحكاء لا يشق له غبار، وأقام العديد من ليالي الحكي الناجحة في الإسكندرية، وبدأ يخطو نحو السينما بعد سنوات طويلة من التجريب والتدريب على المسرح.
حكي لي شريف والذي أصبحنا أصدقاء من أول جلسة عن حياته وأصدقاءه وعلاقاته بالفنانين الكبار الذين تربى وسطهم وكم كانوا كبار بأخلاقهم قبل فنهم.
وحكى عن سماحة يسرا وليلى علوي اللتين قابلتاه في المهرجان وكيف احتفل به النجوم الكبار، وأن يسرا سألته عن ماذا يفعل ليكون على هذا القدر من التقمص؟ فضحكت وسألته فعلا إنت بتعمل إيه؟
فأجاب أنه يشاهد أفلام كثيرة ويبدأ المشاهدة أول مرة بشكل إجمالي ثم يعيد المشاهدة ليركز على أداء الممثلين وإذا أعجبه ممثل يعيد ليركز معه هو فقط، ثم يعيد المشاهدة ليركز على الإضاءة، ثم الاكسسوارات، ثم الحركة وهكذا يفند عناصر الفيلم ويركز على جزء جزء منها دون كلل أو ملل، وابتسم بكل بساطة وقال: كنت عاوز أخد ورش تمثيل بس مش هاقدر.
وتبادلنا الحكي فكانت لديه القدرة على أن يجتر منك الحكايات ويجعلك تحكي دون أن تشعر، وطالت مدة الحوار وتحولت لجلسة صحبة طيبة.
واستمرت العلاقة نتواصل ونحكي وأتابع نجاحاته وأبارك له وعندما أغيب يرسل لي وعندما يغيب أرسل له، وفي أوقات كثيرة كنت تستيقظ من نومك تجد شريف يرسل أغنية مبهجة وكلها تفاءل لكل أصدقاءه المقربين، وإذا كتبت على صفحتك ما يوحي بأن هناك أمر تجده أول المستفسرين ويرسل إليك ليطمئن عليك ويحاول مساندتك، ويعرض كل أنواع المساندة المادية والمعنوية، ويظل يتابعك إلى أن يطمئن أن الأمور عادت إلى الهدوء، كان شريف يفعل ذلك وسط أيام التصوير وسهر الأوردرات، ولا يشعرك وأحيانا تجده يرسل لك في الصباح ليطمئن عليك ويشعرك أنك في باله وهو لازال عائد من اللوكيشن ويطمئن عليك قبل أن يذهب للنوم.
هذا هو شريف دسوقي الفنان الذي ظهر وأصبح نجم في عمر الخمسينات، يعاني الآن من وعكة صحية، وهاجمه الوحش الشرس -مرض السكر- وأختطف منه في لحظة سهو قدمه، ولكم آلمني الخبر، وأتمنى له الصمود وأن يمن عليه الله الهدوء والصبر والجلد والسكينة.
ألف سلامة يا شريف يا أبو ضحكة جنان.
الكاتب
ما هو انطباعك؟
