همتك نعدل الكفة
1٬344   مشاهدة  

“كفاية خوف من المجتمع” .. تريند ادعاء التمرد لتمرير التطرف

كفاية خوف من المجتمع
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



اسأل نفسي أحيانًا : من أين يبدأ التريند .. أقصد كيف نستيقظ صباحًا نجد نفسنا نردد كلمة واحدة دون معرفة أو تأكد من المصدر التي خرجت لنا منه .. حتى دون معرفة من قالها ، وفي أي موقف قيلت .. ربما تشعر أن هذا السؤال ينخر بشكل مبالغ فيه في العالم الافتراضي ، وأن ثمة أفورة فيما أقول ، لكن الحقيقة أن لا إجابة عن هذا السؤال سوى أن هذه التريندات التي تبدأ من حيث لا ندري لها هدف واحد فقط ، وهو تدمير كل قيمة وحرق كل الأوراق التي هلك المجتمع نفسه خلال كتابتها ، وقطع الطريق عن أي كلام عقلاني ربما يغير فكرًا ، أو يزرع أسسًا ، أو يحقق تقدمًا ما في هذا مجتمعنا .

إذًا كيف يصنع التريند ؟ ..

 

في عدة تقارير لعدة صحف عربية ، اتفق خبراء التقنية أن “التريند” له وصفة خاصة لا يخطأها أحد ، التعامل مع  الجسد أو كل ما يتعلق هو السهم النافذ الذي يخترق التريند اختراقًا ، كل ما هو يقترب من التابوهات يخترق التريند اختراقًا .. الفضائح وكل ما يتعلق بالفضائح يذهب بالتريند لعنان السماء ، التصريحات الفجة التي تتعلق بالفنانين أصحاب الصيت ، ورجال الأعمال أصحاب الشعبية الكبيرة ، والشخصيات العامة عمومًا … كان هذا الشكل العام للتريند ، أما عن تسلسل الطريقة المُثلى لصناعة التريند فعندك مثلًا درجات السلم : استهداف فئة معينة من الجمهور ثم اختيار التوقيت المناسب لطرح التريند ، ثم تحفيز الجمهور المستهدف للمشاركة فيه ، ثم إعداد خطة لخطف أزهان “الزبائن” ، ثم طرح التريند .

لكن …

ما نريد أن نتحدث فيه بالتحديد ، ليست النقطة التي تمكنك من صناعة تريند يلف ويدور على ألسنة الشباب في مصر تمّمًا ، يصبح حديث المقاهي ، والكوافير، ومحلات البلايستيشن  .. لكننا سنتحدث عن كيفية تمرير الفكرة المقصودة عن طريق التريند ، وهي طريقة متّبعة منذ أن دخلت السوشيال ميديا مصر .. والفكرة الكبرى هنا هي إعطاء مساحة للآراء المتطرفة الرجعية في الظهور ، وأخذ مساحة أكبر من التي تُفرض على جميع المجتمعات من حيث الآراء المتطرفة والشاذة .

سنحلل معك الآن عزيزي القارئ ، فخ قد وقعت فيه بنفسك أو وقع فيه الأغلبية من أصدقاءك خلال الإسبوع الماضي حين بدأ تريند “كفاية خوف من المجتمع” ، وهو تريند ظاهريًا يعطي مساحة لقائله للتمرد على الأفكار المتفق عليها ، والعادات والتقاليد الذي اتفق عليه المجتمع . ومبدئيًا لا خلاف على انتشار اختلاف الرأي ، والرأي والرأي الآخر ، لكن دعنا نرى ماذا حدث ..

بدأ التريند بـ ” كفاية خوف من المجتمع القهوة طعمها مش حلو ” ، وهنا بدأت سلسلة التريند بانتقاد مفهوم لمشروب أو كسر مفهوم ناعم من مفايهم التقاليد المجتمعية .. ثم انتقل التريند “كفاية خوف من المجتمع الست مش لازم تعمل أي حاجه في البيت” ، وهنا انتقل التريند للمساحة الضبابية التي يختلف فيها حتى النسويات ، أو الذي صنفهم المجتمع رعاة الآراء التي تدافع عن قضايا المرأة .. ثم انتقل التريند إلى ” كفاية خوف من المجتمع أنا عايزة ارجعله بعد ما مرمط كرامتي” ، وهنا ذهب التريند بعيدًا إلى حيث يهدر الإنسان كرامته في مقابل علاقة ما ، ثم انتقل التريند إلى “كفاية خوف من المجتمع أنا مش عايز مراتي تشتغل ولا مؤمن بمساواة الرجل بالمرأة ” وهنا بدأ التريند في نخر وإفساد الخطوات التي تقدم فيها المجتمع بصعوبة من حيث تغيير تفكير الرأي العام في مسألة عمل المرأة والحفاظ على حقوقها الشخصية التي يكون “العمل” أقلها ، ثم وصل بنا التريند اليوم إلى “كفاية خوف من المجتمع  أنا باكره المرأة عمومًا” ، وهو الحض الكامل على معاملة المرأة بأساليب التحقير والدونية ، وأول الغيث قطرة ، وتبدأ الفكرة في اختراق الدماغ من خلال التريند ، ومعظم النار من مستصغر الشرر ، واحذروا مثل هذه التريندات التي تأصل للرجعية والتخلف ، وتأخر المجتمع الذي نكافح يوميًا للتخلص من إرث أفكاره المتجمدة .

 

 

إقرأ أيضا
البطولة

 

 

 

الكاتب

  • كفاية خوف من المجتمع محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان