همتك نعدل الكفة
483   مشاهدة  

القسوة اختراع بشري .. قطة الأوبرا تبكي إلى الله

قطة مهرجان السينما
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



أتذكر ذلك اليوم جيدًا ، يوم أن ضلت قدماي الطريق ، حيث الابتعاد عن جذور الأشجار ، أثار الضجيج والبريق البعيد فضولي ، فقررت أن أبتعد عن عالمي البائس قليلًا ، عالم البحث عن اللقمة في مناطق لا تحترم وجودي ، عالم البحث عن قطرة المياة ، وبقايا العظام، وخشاش الأرض . ضلت قدماي لصخب البشر الموجودين هناك ، أرى أنه يوم ليس ككل يوم ، رجالهم يرتودن ما لم يرتدونه كل يوم ، ونسائهم على سنجة عشرة ، يبدو أنه تجمع ما للفنانين ، أظن هم أرق فئة بشرية ، لذا قررت أن أدخل إلى هذا العالم بعض الدقائق ، ربما أجد ما أحكيه لصغاري ليلًا ، ربما أجد من يبتسم بوجودي ، ربما أجد من يروق له أن ألعب معه بدلًا من تلك الوجوه العابسة التي تواجهني في كل لحظة أحاول أن أطلب من أحدهم بعض الطعام أو الماء .

 

وكأنني وقعت في فجوز زمنية ، وكأن مثلث برمودة قد ابتلعني ، وجدت نفسي فجأة على سجادة حمراء ، وعيناي كادت أن تصاب بالعمى بسبب كثرة فلاشات الكاميرات ، الجميع ضحكوا عندما خطيت بقدماي تلك السجادة ، أشعر أنني شخص مهم إلى حد ما ، الجميع يلعبون معي وكأنني ولدت للتو في منزل أحد الأثرياء ، أو كأنني وقعت بالصدفة بين يدي من نعم الله عليه بقلب رحيم ، هذا يداعب شعري ، وهذه الفنانة تقول لي : يا جميلة ، وكأنني وقعت في مملكة سحرية من تلك التي أسمع عنها بعض الأخبار في كلام المخابيل من البشر ، تلك المملكة التي يكون فيها البشر أنقياء ، يعطفون على الأرواح الضعيفة التي لا تسطيع الكلام . ما الذي يحدث حقًا ، أنا في حلم .. لحظات أشعر وكأنني نجمة من نجمات المجتمع ، يبدو أنني سأغير وجهة نظري عن البشر ، يبدو أن التعميم الذي نتبعه قد ظلم بعضهم ، إنهم يحبونني حقًا ، أنا حقًا أحب البشر ، وسأحكي لأبنائي عما حدث .. سأحكي لهم أنهم أطلقوا عني لقب ” قطة مهرجان السينما ”

 

مرت عدة أشهر عن آخر مرة تجمع فيها هؤلاء الرحماء قلوبهم ، أنتظر بشغف تلك الليلة التي يتكرر فيها نفس المهرجان ، أنا بالفعل واحدة من النجوم ، أنا وبلا فخر قطة مهرجان السينما ،  لازلت أشعر بدفئ هذا اليوم الاستثنائي في حياتي ، لازلت أشعر وكأنه يوم الفخر الذي أكرر تفاصيله لأطفالي في حكايات قبل النوم .. لكن الآن حان وقت السعي على الرزق ، الأطفال جياع .. هناك شئ استثنائي يحدث اليوم ، جاء بعض البشر وقد فاقت رحتمتهم كل شئ تقريبًا .. وضعوا لي مجموعة من الأسماك المعلبة الفاخرة توفيرًا للجهود المضنية التي أبذلها يوميًا ، سمك فاخر .. يبدو أن الليلة هي ليلة سعيدة بكل المقاييس ، ليلة سأرتاح فيها قليلًا عن جهود التسول والصيد الصعب ، ليلة سأشعر فيها إنني قطة تعيش بين رحماء في مجتمع متحضّر .. إنني حقًا محظوظة أن أعيش بجوار دار الفن ، وأهل الفن .. فجأة .. أشعر أن نصف آلام الدنيا في أحشائي ، الألم يزيد ، ما الذي أكلته ؟ .. بالتأكيد هؤلاء الرحماء لا يدبرون لقتلي ، أنا لا أؤذيهم مطلقًا ، يبدو أنه موت الفجأة .. أهل الفن من البشر لا يقتلون القطط .. البشـ … ، البـ … ، الـ ….. ، …..

 

إقرأ أيضا
البطولة

الكاتب

  • قطة مهرجان السينما محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
1
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان