يوميات طالب الكلية الحربية (٥) .. طوابير التكدير
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
انتهينا في الجزء السابق يوميات طالب الكلية الحربية (٤) .. الشريط الأحمر بطوابير التكدير مع رقيب فصيلتي، واليوم العادي يا عزيزي القاريء في الكلية الحربية يبدأ مع نوبة صحيان – التي تشبه النفخ في الصور كما أخبرتك من قبل – الساعة الخامسة والنصف صباحا، وفي الشتاء يكون النور لم يعرف طريقه بعد للدنيا، يليه طابور اللياقة البدنية الساعة السادسة، في النصف ساعة عليك أن تستيقظ وتدخل الحمام وتغير ملابسك و”تشد” فراشك، وله طريقة ثابتة ليس من حقك تغييرها ونتعلمها في فترة المستجدين.
طابور اللياقة ينتهي في السابعة والربع تقريبا – أو اختراق ضاحية ينتهي وتنتهي معه حياتي – لنسرع إلى عنابرنا لنستحم ونغير ملابسنا ونستعد لطابور الافطار في الثامنة وعشرة دقائق.
ثم طابور التفتيش في التاسعة صباحا وهو أهم الطوابير في اليوم، نتحرك بعدها لمحاضراتنا العملية أو النظرية مرتدين الشورت الميري والسترة صيفا والسترة والبلوفر شتاء والبيادة مع شراب طويل يصل إلى الركبة.
تنتهي محاضراتنا في الثانية والنصف، أغلبنا ينام مفتوح العينين في المحاضرات النظرية من فرط التعب.
في الثالثة طابور الغداء وبعده راحة حتى الخامسة طابور التمام والانصراف للوجبة الساخنة ثم فرق المذاكرة فطابور العشاء في التاسعة ثم نوبة نوم في العاشرة.
كنت حريص على تغيير لون كلمة راحة لأنني خلال “سنة أولى” لم أحصل على تلك الراحة أبدا حيث كان التوقيت الرسمي لطابور التكدير من رقيب فصيلتي طالب القسم النهائي دفعة ٨٦ حربية
وتتنوع طوابير التكدير ما بين تمارين رياضية قاسية
٦ استعد
و ٩ استعد
وتمرين ٦ هو تمرين الضغط المعروف أما تمرين ٩ فهو نظرا لجهلي الرياضي القفز من وضع القرفصاء لأعلى والوقوف والعودة مرة أخرى.
أو الفرن الذري حيث يرتدي الطالب كل ملابسه ومعها أيضا بطاطينه وملاياته – وهذا تكدير صيفي بالطبع – ثم يعاود رص دولابه وفرش سريره
أو الوقوف ثابتا تحت أشعة شمس الصيف الحانية
المدهش بالنسبة لي كان بعض زملاء دفعتي الذين يشاركونني طابور التكدير لكن بحماس منقطع النظير، لم أفهم ابدا لماذا يؤدون تعليمات التكدير بكل هذا الحماس، حاولت أكثر من مرة أن أثنيهم عن هذا لكنني فشلت، كنت أضحك بسبب حماسهم فيتم تكديري زيادة
وغيرها من الطرائف التي باتت مع الذكريات جزء مضحكا على الرغم من أنها كانت لحظات قاتلة ومتعبة.
لكن أسوأ تكدير على الإطلاق كان يوم الخميس
حيث كان لدى رقيب فصيلتي هواية غريبة جدا، حيث ننصرف من المحاضرات يوف الخميس في الحادية عشر وخمسة وعشرين دقيقة بالظبط
يجري الجميع ليستحم ويلبس بدلته استعدادا لطابور الأجازات في الثانية عشر
فكان الرقيب ينتظرنا عندما نصل إلى العنبر في الحادية عشر والنصف وبينما يلبس هو بدلته ويستعد ننفذ نحن طابور تكدير حتى الحادية عشر وخمسين دقيقة.
و”كتر خيره” كان يتركنا قبل الطابور بعشرة دقائق ومن يتأخر سوف يتم حبسه بالطبع.
الضغط العصبي والبدني جزء لا يتجزأ من التدريب في الكليات العسكرية، جزء من صناعة الشخصية العسكرية حتى تتحمل في المستقبل
وبعدما صرت أنا طالب نهائي الكلية وكنت رقيبا أيضا للمصادفة لم أصنع طابور تكدير واحد خلال عام بأكمله ولم أكدر طالبا أحدث مني
ونفذت وصية ابن خالتي الطيار
لكن إذا كانت طوابير التكدير هما لطالب السنة الأولى فهناك هما رائعا هو فرقة الصاعقة الراقية في السنة الثانية
فماذا حدث؟
الكاتب
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال