ليالي الأولمبياد (8) .. لماذا يتوج البطل الأوليمبي بإكليل غصن الزيتون ؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لا شئ في هذه دورة الألعاب الأوليمبية ليس له جذورًا تاريخية ، ولا تفصيلة صغيرة ليس لها تأويلًا اجتماعيًا تاريخيًا من قريب أو بعيد ، بداية من الألعاب نفسها وطبيعتها ، للوجو التنظيم ، للنظرة العامة للبطولة ، وقيمتها كأقدم دورة تنافسية رياضية تنظيمية عرفتها البشرية منذ القرون التي سبقت الميلاد وبالتحديد منذ سبعة قرون قبل الميلاد ، وفي مقالين سابقين شرحنا فيهما التفاصيل المقدسة في صناعة ميداليات البطل الأوليمبي ، سواء أكانت ذهبية أو فضية أو برونزية ، وفي هذا المقال سوف نتحدث عن إكليل غصن الزيتون الذي يرتديه البطل الأوليمبي في صدره أو على رأسه ، كعلام ة من علامات النصر ، وفي هذا الإكليل بُعدًا تاريخيًا وبُعدًا نفسيًا ، واجتماعيًا ، ودينيًا ، سوف نناقشه في السطور التالية .
غصن الزيتون وسفينة نوح
أحد أسباب إرتداء البطل الأوليمبي لإكليل غصن الزيتون هي تلك الجذور الدينية المتعلقة بالإكليل ، والتي توارثها اليونانيون ، وتُعد واحدة من الثوابت المقدسة بسفر التكوين ، ذلك لأن الإكليل كانت تحمله الحمامة التي أطلقها نوح بعد استقرار السفينة وعادت له به ، والمعنى في ذلك إن ثمة إذنًا من الإله بإنحسار الطوفان ، وانطفاء الغضب ، وبداية عصر جديد من عصور الأرض حيث التعمير ، والرفاهية ، والعمل ، بمباركة الإله ، والمعنى في ذلك هو مضمون السلام الذي يحمله الغصن ، والسلام كمضمون تحمله دورة الألعاب الأوليمبية في العموم .
غصن الزيتون والمعنى السياسي
أما عن المعنى السياسي لغصن الزيتون ، فإنه كان رمزًا لإيقاف الصراع السياسي الذي امتد لأن يصبح حربًا ضروسًا عسكريًا بين جيشين للدولة اليونانية ، وذلك في العام 1946 ، حيث دخلت اليونان في صراع مسلح بين الجيش جيش الحكومة اليونانية ، والجيش اليوناني الديمقراطي ، وهو في الأساس كان صراع على اتجاه الدولة ، حيث كان جيش الحكومة مدعومًا من بريطانيا ، والجيش الديمقراطي مدعومًا من يوغوسلافيا ، وقد كان الثاني هو الجناح المسلح للحركة الشيوعية في تلك الفترة .. وكان غصن الزيتون رمزًا لإنهاء تلك المرحلة العصيبة في اليونان .
غصن الزيتون والجذور التاريخية
كانت دورة الألعاب الأوليمبية قديمًا تقام في وادِ ملئ بالأشجار ، وبعد المرات الأولى من إقامة الدورات الأوليمبية في القرن السابع قبل الميلاد ، قام مجموعة من المخططين التنظيميين لدورة الألعاب ، بإنشاء معبد لعبادة على شرف زيوس كبير آلهة اليونان ، وفي باحة المعبد بستان كبير به من أشجار الزيتون الكثير ، لذلك كانت أولى الجوائز التي يفوز بها البطل الأوليمبي هي تقليده غصن الزيتون المقطوف من باحة معبد زيوس .. وكان هذا شرف كبير يحققه البطل الأوليمبي .. ويعد إنجازًا كبيرًا وفيه من القيمة ما يفوق الجوائز المادية .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال