الأسد الملك .. ما لم يكتبه شكسبير
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تحول فيلم الأسد الملك الذي انتجته ديزني في نهاية التسعينات لأيقونة في عالم السينما متخطيا تصنيفه كمجرد فيلم رسوم متحركة عائلي لطيف إلى كونه واحد من كلاسيكيات السينما الجديدة، ليكون هو الوحيد من نوعه تقريبا بين كل ما انتجته ديزني سابقا ولاحقا عليه، نعم ديزني لديها العديد من القصص الكلاسيكية ولكنه محصورة في عالم الرسوم المحتركة حتى خروجها لعالم السينما الحقيقي مثل الجميلة والوحش لم يحقق له الصدى المطلوب حتى فيلم الأسد الملك الذي تحول إلى فيلم حقيقي لم يحقق نفس صدى وأثر الأسد الملك النسخة الكارتونية.
مع التناص الشديد بين الأسد الملك وهاملت شكسبير ومع بعض الاختلافات البسيطة والجوهرية في الوقت نفسه، اكتسى الأسد الملك بكلاسيكيته، فهو قصة بسيطة عن أمير منفي استولى عمه على عرش والده بعدما دبر اغتيال والده، أليست تلك القصة شديدة الشبه بقصة هاملت؟
العم الخائن والماضي الذي يطارد البطل، انعزاله عن العالم المحيط به مع اختلاف طرق الانعزال، فهاملت عزله الهوس ورغبة الانتقام عن واقعة، بينما سيمبا عزله النفي ورغبته في نسيان الماضي والهرب منه لدرجة التحول لأسد يأكل الحشرات بصحبة تيمون وبومبا، حتى الماضي في هاملت والأسد الملك له حضور مؤثر فشبح الأب الذي يزور هاملت يزور سيمبا ولكن ما يقوله الشبح وطريقة المطاردة هي المختلفة.
في هاملت يحث الشبح البطل على الانتقام من قاتليه يشارك في تأجج هوسه وخلله العقلي، ولكن في الأسد الملك يظهر شبح موفاسا لكي يساعد سيمبا في العودة على حقيقته ومواجهة قاتل والده واستعادة عرشه، ليصبح سيمبا هو البطل الكلاسيكي الشكسبيري ولكن على عكس ما يريد شكسبير.
في هاملت أراد شكسبير إثبات نبالة هاملت والتأكيد عليها وعلى نقاءه بالخلل العقلي الذي أصابه نتيجة خيانة الأب فتنتهى المأساة بموت البطل النبيل متأثرا بالخيانة كذلك ينهار كل شيء وينتهي كل شيء في المملكة الدنماركية، بينما في أرض العزة، يهرب سيمبا بسبب احساسه بالذنب لانه يعتقد انه قتل والده الذي مات نتيجة مؤامرة من عمه سكار فيتحول سيمبا إلى البطل المطارد المنفي الذي يعيش مكللا بالعار حتى يعود إلى وطنه فيعرف الحقيقة.
المهرج متواجد في هاملت بالتأكيد، وأيضا في الأسد الملك ولكنه هنا يدعى رفيقي، بالتمعن في دور المهرج في هاملت ورفيقي في الأسد الملك ستجد أن كلاهما من يقدما مفتاح الحل لتغير البطل من يحملان البطل لمواجهة مصيره، المهرج يوحى لهاملت بالفكرة بينما رفيقي يقود سيمبا للعودة.
بين سيمبا وهاملت الكثير من المتشابهات والاختلاف بينهما هو شكسبير، لو أن شكسبير هو من كتب قصة الفيلم لأصر على وفاة سيمبا في نزاله الأخير مع إسكار، رغبة شكسبير في إثبات نبالة أبطاله لا تتم إلى بموتهم متأثرين بالخيانة وكأن ابطاله أقوى من أن يموتوا في نزال عادل، فدائما ما تأتيهم ضربة غدر، وهذا ما حدث لسيمبا حينما يلقى عمه الرماد المشتغل في وجهه وينقض عليه فلا يمكن أن يفوز سكار في نزال عادل امام سيمبا المدافع عن عرشه.
تلك الاختلافات البسيطة يمكن أن نضم إليها وفاء أم سيمبا لزوجها وعدم خيانته، ولكن رغم كل الاختلافات حتى في نهاية القصة، إلا أن النسيج الذي خرجت منه الحكاية هو نفس النسيج الذي انتجه شكسبير سابقا بنفس الأليات والمرادفات مع اختلاف بعض الملابسات والظروف، ذلك النسيج الذي اعطى للأسد الملك كلاسيكيته فبساطة القصة ووضوحها تعرض البطل للخديعة والظلم والدافع القوي ومواجه خصم شرير لديه مبرر للشر، جعل الأسد الملك رواية شكسبيرية لم يكتبها شكسبير أبدًا.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال