كل ما تريد معرفته عن موسيقى البلوز .. اصلها وتاريخها وطبيعتها
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
موسيقى البلوز
من أشهر أنواع الموسيقى في العالم، انبثقت من أعماق ورشات العمل في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية في أوائل القرن العشرين على يد الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية، ويعود أصل كلمة بلوز إلى عبارة الشياطين الزرق التي استخدمها لأول المرة الكاتب المسرحي البريطاني جورج كولمان في العام 1798، وهي ترمز للكآبة والحزن، وتستخدم لوصف الهم والبؤس، وتعتمد موسيقى البلوز على الأسلوب القصصي في سرد الوقائع ووصف حالات القمع والاضطهاد والعنصرية التي يتعرض لها الأمريكيون من أصل أفريقي، تعد موسيقى البلوز همزة الوصل بين النمط الموسيقي الجاز والروك أند رول كما أنها تركت أثرًا في كل الأنواع الموسيقية في العالم.
نشأت البلوز في دلتا المسيسيبي، في نيوأورلينز قبالة النهر، نفس مكان ولادة موسيقى الجاز. وقد أثر البلوز والجاز دائما على بعضهما البعض، وهما لا يزالان تتفاعلان بطرق غير محدودة اليوم.
تاريخ موسيقى البلوز
حافظت تلك الموسيقى على شكلها الأساسي الذي يعتمد على تكرار المقطع الرئيس مع استخدام الجيتار والهارمونيكا والاعتماد على الطبول كنغمات خلفية عميقة، ويقوم الهيكل العام لمقاطع البلوز على الإيقاع والتناسق بين النوتات واللحن الذي يتكون من ما يسمى النغمات الزرقاء التي تعزف ببطء، لكن مرت بمراحل عدة عبر التاريخ توزعت على الفترات الآتية:
فترة ما بعد الحرب الأهلية في أمريكا
وهي المرحلة الأولى في تاريخ البلوز، إذ نشأت بعد الحرب الأهلية في الولايات المتحدة الأمريكية ما بين 1861م-1865م كمزيج بين أغاني الكنيسة والأغاني الأفريقية الأصل التي كان يؤديها العمال والفلاحون في جنوب أمريكا تشجيعًا وتحفيزًا لأنفسهم وتعبيرًا منهم عن الفقر والحرمان والعنصرية.
فترة نهاية القرن التاسع عشر
عرفت أغاني البلوز انتشارًا كبيرًا بين مختلف الطبقات والفئات العمرية المكونة للمجتمع الأمريكي في نهايات القرن التاسع عشر ومع بداية القرن العشرين وخاصة بعد ما اشتهرت المقطوعة الموسيقية “memphis blues” التي ألفها ويليام كريستوفر الملحن الأفريقي الأصل، ونجاح موسيقى Tin Pan Alley التي تحمل اسم الشارع الذي ظهرت فيه، والتي تعد واحدة من جذور موسيقى البلوز.
فترة انقسام وتفرع موسيقى البلوز
تطورت البلوز بشكل مختلف حسب المنطقة والمدينة التي انتشرت فيها، فتفرع البلوز بين جورجيا وكارولينا وتكساس والمسيسبي، وتميز بوضوح أنغامه وانتظام إيقاعه متأثرًا بموسيقى الراجتايم وموسيقى الفولك الخاصة بذوي البشرة البيضاء، واشتهر البلوز الخاص بتكساس بالغناء العالي المصحوب بأنغام الجيتار المتسلسلة، ولكل من هذه الأنواع أسماء مؤسسة ومرتبطة به، وقد عرفت في سنة 1920 أول تسجيلات لأغانيها من قبل مغنيات نساء مثل مامي سميث وما ريني اللواتي عرفن كأعمدة البلوز الكلاسيكي.
فترة الحروب والأزمات
أثرت الحروب العالمية على البلوز، إذ أدت إلى نزوح الملايين من السكان إلى شمال أمريكا مما غير من شكل أغاني البلوز التي تأثرت بالبيئة الحضرية، حيث انضم البيانو والهارمونيكا إلى مغنيي البلوز، ثم أضيفت مجموعة الإيقاع المكونة من الطبول، كما أن الجيتار الكهربائي زاد من شدة وقوة اللحن والإيقاع, وظهر البلوز في مدن جديدية كمدينتي آتلانتا وسانت لويس، ومن أشهر مغنيي هذه المرحلة العملاقين جون لي هوكر الذي استقر في مدينة ديترويت وبي بي كينغ في شيكاغو، وكان لموسيقى البلوز دورًا هامًا في دعم حركة الحقوق المدنية والدفاع عن حرية التعبير بإيصال صوت الطبقة المستعبدة.
فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية
شهد العالم تغيرات جذرية بعد خمود نيران الحرب العالمية الثانية التي أدت إلى ظهور جيل جديد من مغنيي البلوز مثل مودي واترز وإيلمور جايمس، والاستعانة بآلات وتقنيات موسيقية جديدة كاستخدام الساكسوفون كآلة فرعية مرافقة للآلات الرئيسة، كما شهدت هذه الفترة وصول موسيقى البلوز إلى إنجلترا متأثرة بالبلوز الأمريكي لكن سرعان ما اكتسب البلوز البريطاني طابعًا خاصًا فيه، إذ تميز بألحانه البطيئة والهادئة، ومن أشهر مؤسسي البلوز في بريطانيا أليكس كورنر وسيريل دايفيس.
فترة البلوز الحديث
في ظل انتشار العديد من أنواع الموسيقى الجديدة كالروك آند رول شهدت البلوز مرحلة جديدة اعتزل فيها بعض المغنيين كبيغ بيل برونزي وانتقل البعض إلى أوروبا كويلي ديكسون، وبينما حافظ المغني تاج محل على شكل البلوز التقليدي، أنعش جون لي هوكر البلوز بإضافة العناصر الشابة وخلق مزيج بين الروك آند رول والبلوز.
أشهر أغاني ومغني موسيقى البلوز
ظهرت أغاني البلوز في العديد من الأفلام والأعمال المسرحية، كما أنها لم تبقى حكرًا على الأمريكيين الأفارقة ولا حتى البريطانين بل جابت العالم كله وأصبحت تروي الحياة اليومية لأجيال متتالية، وقد عرف العالم العديد من النجوم والأغاني الخالدة ومنها ما يأتي:
ستيفي راي فون
وهو مغنٍ وموزع وعازف جيتار أمريكي من ولاية تكساس، عرف بكونه عضو في فرقة دوبل تربل ومن أشهر أغانيه “pride and joy” و”little wing”، وبالرغم من أن مشواره الفني لم يدم سوى سبع سنوات إلا أنه حصد العديد من الألقاب والجوائز من أهمها رتبة الأميرال الفخرية في القوات البحرية لمدينة تكساس والنصب التذكاري الذي يحمل اسمه في مدينة أوستين.
جيمي هندريكس
وهو مغنٍ ومؤلف وعازف جيتار أمريكي شهير، وبالرغم من أن حياته الفنية استمرت أربع سنوات فقط تخللتها العديد من المشاكل النفسية والأزمات العاطفية، إلا أنه يعد من أشهر مغنيي البلوز ومن أكثر عازفي الجيتار تأثيرًا في تاريخ الموسيقى، ويصفه البعض بأنه أعظم موسيقار في تاريخ موسيقى الروك والبلوز، ويملك هندريكس العديد من الجوائز والتكريمات أهمها تمثال هندريكس في جزيرة وايت في إنجلترا وتسمية يوم 27 نوفمبر بيوم هندريكس في مدينة سياتل، ومن أشهر أغانيه “stone free” و”izabella”.
ألبيرتا هنتر
هي مغنية وكاتبة أغاني أمريكية أفريقية الأصل، عرفت
أيضًا باسم ماي أليكس، دخلت مجال الغناء بعد عشرين سنة من العمل في التمريض وقد لقبت بالبجعة السوداء، وقد تم توثيق حياتها في الفيلم الوثائقي القلعة المهتزة، ومن أشهر أغانيها “the love i have for you” و”remember my name”.
مودي واترز
وهو من أشهر مغنيي البلوز إذ لعب دورًا هامًا في تاريخ موسيقى البلوز إبان الحرب العالمية الثانية، ويسمى بالمؤسس والأب الروحي للبلوز الحديث، وقد حصد العديد من الجوائز والتكريمات من أهمها أفضل أغنية شعبية في العام 1978 عن أغنيته “hard again”، وقد كان مصدر إلهام للعديد من الفرق والمغنيين في العالم كفرقة الرولينغ ستونز وبريان ماي، ومن أشهر أغانيه ” i feel like going home” و”i’m ready”.
الكاتب
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال