الوجه الآخر لـ “إسماعيل ياسين” رفض نقد جمهوره وتخلى عن رفاقه
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
انحصرت طفرة الكوميديا السينمائية بشكل كبير قبل جيل إسماعيل ياسين، في الرباعي التقليدي “بديع خيري، نجيب الريحاني، توجو مزراحي، علي الكسار”، وكانت الكوميديا هي السائدة في تلك الفترة المليئة بالتفاوت الطبقي والسطوة الاستعمارية للاحتلال البريطاني، ولم يعش منها غير أفلام نجيب الريحاني.
جاء جيل إسماعيل ياسين والذي كان هو نجم الشباك الأوحد في الخمسينيات و الستينيات رغم الزخم فصوت العندليب وأغانيه لم يغلبا سعر إسماعيل ياسين، وحضور وقوة وحش الشاشة في أفلامه لم تتمكن من كسر حاجز رقم سمعة، فضلاً عن الجميلات حين ذاك مثل فاتن حمامة و سعاد حسني وصباح، ولم يتصنع سمعة فظهر كما هو حتى أنك لا يمكن أن تفرق بين طريقته في الحديث الإعلامي وبين طريقته في التمثيل.
وصل إسماعيل ياسين لقوة الشهرة عن طريق الرئيس جمال عبدالناصر الذي أدرك أهميته حينما قابله مواطن مغربي ولم ير من عبدالناصر أي زعامة أو كاريزما بل رآه كـ “مرسال” حين قال له “يا ريس ناصر سلم ليا على إسماعيل ياسين”، لكن كان لسمعة بصمات سوداء في حياته لم يذكرها التاريخ كثيراً لسطوة أهميته كأحد أهم رموز الكوميديا في السينما المصرية.
ـ سمعة لا يقبل النقد
“بدلتك اللي قديمة”
بهذا الرد واجه إسماعيل ياسين تدخل أحد الجمهور في نكتة أراد إسماعيل قولها في منتصف الستينيات فرد عليه أحد الحضور بقوله قديمة فلم يتمالك إسماعيل ياسين نفسه من الغضب فرد عليه بـ بدلتك هي اللي قديمة .. النكتة برقبتك.
قد تكون الجملة في السياق كوميدية لكن التركيز على انفعالات إسماعيل ياسين التي حاول إخفاءها بابتسامة لم تكتمل أعطت انطباعاً عنه أنه لا يقبل النقد.
المرة الوحيدة التي يمكن أن يكون إسماعيل ياسين فيها لم يتحمل النقد لكنه كان على حق، عندما رد في مذكرات عنه حيث قال “عندما أستمع إلى عبارات التقدير والتشجيع من الجمهور أثناء عرض أحد أفلامي أو مسرحياتي يغلبني البكاء.. بكاء الامتنان.. ثم أعجب بعد ذلك عجبًا.. فبعد انتهاء عملي أكون راكبًا سيارتي أسمع بأذني بعض العبارات تستكثر عليّ ركوب السيارة وكأني سلبت ثمنها من جيوب قائلها.. فيغلبني البكاء بكاء الألم”.
ـ التخلي عن الرفاق
كان سمعة واعياً لما تعرض عليه من نكبات وضغوط أثرت في حياته حيث الفقر والاحتياج والتعب نتيجة للقهر الذي أحاط بكل شيء في بدايته الفنية، كان يذكر كل هذا في أي حديث له لدرجة أنه بكى حينما تذكر، لكنه لم يتذكر هذه المواقف حينما رأى زملاءه في نفس ظروفه بل أسوأ.
كان آخر شيء رآه عبدالفتاح القصري في حياته هو وجه سُمْعَة قبل أن يصيبه العمى، حيث صرخ في المسرح “أنا موش شايف .. أنا موش شايف” ضحك الناس من الجملة معتقدين أنها من ديالوج الممثل لكن الحقيقة أن العمى أصابه فسحبه إسماعيل ياسين للخارج وهدأه وأتى بالطبيب حيث اصطحبه للمنزل، وانقطعت صلات القصري بكل من مثل معهم عدا ماري منيب التي كسرت باب شقته لتواجه زوجة القصري وتساعده وتمكنت من مساعدته بمعاونة كثيرين لم يكن إسماعيل منهم أو حتى معهم في جنازته.
ربما لم يترك القصري بصمة في مشوار سمعة مثل رياض القصبجي وكان هو الآخر فريسة لـ”نكران إسماعيل ياسين”، حيث حكى فتحي القصبجي نجل الشاويش عطية عن دور إسماعيل ياسين في مرض أبيه قائلاً “الفنان إسماعيل يس لم يزر أبى فى مرضه ولو مرة واحدة رغم أن أبى أصيب بالشلل النصفي وظل لسنوات يعانى المرض، وجاء له أغلب نجوم جيله والأجيال الأخرى، والمخرج نور الدمرداش وكل أبناء الليثي وتوفيق الدقن، أما فريد شوقي فكان يأتى إلينا فى المنزل بكل ما لذ وطاب من الطعام، لدرجة أن والدتي كانت توزع هذا الطعام على الجيران.
يواصل نجل الشاويش عطية حديثه “المفاجأة التى أذهلت الجميع أنه حتى لم يأت للعزاء فيه، وكان أبي قبل وفاته يسأل طيب وهو أنا عملت إيه يا إسماعيل.. إحنا كنا إخوات يا أخي.. طيب تعالى زرني وأنا عيان.. ثم يسكت أبى ولسان حاله يقول: “مكنش العشم يا راجل”.
إقرأ أيضاً
بين باب الحديد والجوكر .. المرفوضون إجتماعيًا بعيون سينمائية
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال