همتك نعدل الكفة
434   مشاهدة  

سهير البابلي .. الاستثناء الوحيد في تاريخ الكوميديا

سهير البابلي


في كل تاريخ مصر الفني تقف سهير البابلي منفردة كالممثلة الوحيدة الكوميدية التي استطاعت أن تنافس الذكور في هذا المجال، وتصبح هي نجمة شباك بجوارهم تزاحمهم كتف بكتف، في السينما يوجد العديد من نجمات الشباك صحيح أن نسبتهم مقارنة بالذكور قليلة، وصحيح أن من بينهم سهير البابلي أيضا ولكن في المسرح، اترك العنان لذاكرتك وأخبرني باسم ممثلة واحدة كوميدية كانت تحمل على كتفها مسرحيات كاملة غير سهير البابلي لن تجد، حتى تحية كاريوكا التي كانت لها فرقتها الخاصة لم تكن كوميديانة.

الاستثناء الوحيد

الغريب أن بدايات سهير البابلي لم تكن تنبئ أبدا ان تلك الفتاة الموهوبة سيكون لها كل هذا الشأن فيما يمكن أن نطلق عليه تجارة الفن، بالتأكيد موهبتها حجزت لها مكانًا ضمن وجوه المسرح اللامعة ولكن تجاريًا لم يتوقع أحد أن تتحول سهير البابلي من شخصية تحاول أن تقف رأس برائس أمام المشاغبين لنجمة يحاول العديد من الكوميديانات الذكور الوقوف أمامها رأسًا برأس، فمتى كانت نقطة التحول؟

بالطبع ينتظر الجميع الحديث عن ريا وسكينة المسرحية الخالدة ولكن الحقيقة أن البداية كانت من مسرحية أخرى في المسرح التجاري، صحيح أن سهير البابلي لم تكن البطلة فيها أو الاسم الأبرز بل تشاركت البطولة فيها مع أبو بكر عزت وإسعاد يونس، ولكن ما قدمته سهير البابلي في هذه المسرحية كان إشارة لقدرتها على النجاح التجاري، تألق سهير البابلي أمام ممثل مخضرم مثل أبو بكر عزت وسرقة الأضواء منه في العديد من المشاهد كان هو ختم الجودة التجاري لتتحول سهير البابلي من بطلة تشارك البطولة لرهان رابح، ولكن هل كانت مسرحية الدخول بالملابس الرسمية وحدها كانت كافية؟

رهانات خفاجى الرابحة

الإجابة بالطبع لا، ريا وسكينة علامة فارقة في تاريخ المسرح المصري، فارقة من كافة الجوانب، هو كيفية تحويل تراجيديا مأساوية تدور حول جرائم قتل متتابعة لشخصيتان دمويتان، إلى كوميديا عائلية محببة، الإجابة هنا هي تلك التوليفة التي لا يستطيع أحد غيره أن يقدمها، الحديث بالطبع عن سمير خفاجى، الذي قرر أن تكون ريا وسكينة هي المغامرة الأكبر في تاريخ المسرح.

بعيدا عن كواليس اختيار النجمات بين شويكار وشادية ثم شويكار وسهير ثم سهير وشادية في النهاية، وليست المغامرة هي وقوف شادية لأول وأخر مرة على خشبة المسرح ولكن المغامرة من البداية، من اختيار الفكرة وكتابتها بعبقرية بهجت قمر، والأهم هو اختيار حسين كمال ليخرجها لتكون أولى مسرحياته التي يخرجها.

أيضا الاستعانة ببليغ حمدي ليقدم ألحان وموسيقى ثاني مسرحياته على الإطلاق بعد مسرحية مدرسة المشاغبين، ولكنها الأهم فهي مسرحية غنائية بالأساس، أي أن الألحان ليست مجرد استعراضات أو أغنيات خفيفة يؤديها ممثلين على خشبة المسرح، في ريا وسكينة هناك أثنان على الخشبة يجيدان الغناء شادية بالطبع وعبدالمنعم مدبولي مع اختلاف كبير بينهما ولكنها يجيدان الغناء وتلك أزمة، مع ضرورة وجود ألحان على قدر كبير من البساطة ليؤديها ممثل مثل حمدي أحمد في البداية ثم أحمد بدير بعد ذلك وسهير البابلي، وكان بليغ على قدر الرهان.

أحمد بدير مخاطرة أكبر، بعد تعالي وغرور حمدي أحمد الذي تسبب في طرده من العمل -لنضع الأمور في نصابها الصحيح ولو مرة- جاء اختيار أحمد بدير مغامرة، وقوف بدير أمام ثلاثي كاسح كان يهدد أن يكون هو الحلقة الأضعف في سلسلة لابد أن تكون قوية في كل حلقاتها، ولكن بدير استحضر ذلك الممثل العظيم بداخله واستطاع أن يكون بنفس قوة الثلاثي.

فاز خفاجى بالرهان، والحقيقة أن الجميع خرجوا فائزين ولكن أكثرهم ربحًا كانت سهير، التي أصبح من حقها الآن أن تطالب ببطولة مسرحيات منفردة بل يكون اسمها وسيلة جذب لا للجماهير وحدها ولكن لنجوم الكوميديا أيضا، ولكن لماذا هي دون غيرها هي من وصلت لتلك المكانة؟

إقرأ أيضا
مسار اجباري

في دنيا الفارص

إجابة هذا السؤال ببساطة تحملنا لتفكيك أسلوب سهير البابلي في الكوميديا، لنرى إلى أي مدرسة تنتمي، بوضوح وبساطة يمكن تصنيف سهير البابلي كأحد أعضاء نادي كوميديا الفارص في مصر، بالطبع تنتمي لكوميديا المبالغة مثلها مثل عبدالمنعم مدبولي وعبدالمنعم إبراهيم، وحتى سناء يونس أيضا، ولكن سهير البابلي كانت كغيرها تدرك أن المبالغة سلاح ذو حدين، فكان تصنع المبالغة من الشخصية نفسها، تكتفي بمبالغات صوتيه وحركية بسيطة بينما تحول الشخصية نفسها لشخصية مبالغ فيها مثل بكيزة هانم الدراملي، المثال الأوضح لذلك.

مع كاريزما سهير البابلي وجرأتها على الخشبة، وسيطرتها على المبالغة الحركية فتخرج في إطار ضيق ومحدود للغاية، وفي الوقت الذي لم يكن فيه على الساحة من قبلها أو من بعدها حتى ممثلة مسرح نجمة للشباك، واكتفاء الاخريات سواء لأسباب تسويقية أو لأنهن مكتفيات بالأدوار الثانية، كانت سهير البابلي في صدارة المسرح، تقف على الخشبة لتنافس عمالقة الكوميديا في الموسم المسرحي، سعيد صالح وعادل إمام وفؤاد المهندس وسمير غانم وأيضا سهير البابلي الاستثناء الوحيد في عالم المسرح الكوميدي الذي يحكمه الذكور، قبل ان تقرر بكامل إرادتها أن تنسحب وهي في قمتها لأسبابها الخاصة، فكان هو الرحيل الأول واليوم يرحل هذا الاستثناء للمرة الثانية رحيل لا رجوع فيه، فسلامًا على روحك أينما حلت وفي كل وقت.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان