جديد بهاء سلطان .. هل الأمر يستحق كل هذه الضجة ؟
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
اخيرًا أسدل الستار على الخلاف الضخم بين المطرب بهاء سلطان والمنتج نصر محروس، بعد توقيع الأخير على ورقة المصالحة التي حرر فيها الأول من قيود شركته فري ميوزيك، لن نعيد فتح ملف الخلاف مرة أخرى فالأمر انتهى تقريبًا بلا رجعة، وكعادة الخلافات الفنية تبات نار تصبح رماد.
لم يفوت نصر محروس الفرصة وقرر أن تكون المصالحة عبر برنامج “صاحبة السعادة” صاحب المشاهدات الضخمة والذي شهد أولى المناشدات لنبذ الخلاف بينهما، لم أقتنع بأن الأمر تم بمحض الصدفة ودون ترتيب، فمحروس يدرس خطواته جيدًا ولازال حس المنتج أو بمعنى أوضح التاجر بداخله فقرر اصطياد أي مكاسب تعوض خسائره المحتملة برحيل سلطان حتى لو في وقت ممنوع الصيد فيه.
ظهور محروس عبر صاحبة السعادة كان لاصطياد عدة عصافير بحجر واحد، أولها هو تطهير صورته أمام الجمهور الذي شن حملة ضخمة ضده على مواقع التواصل الاجتماعي وحمله وحده مسئولية الخلاف بالكامل وأظهر تعاطفًا شديدًا مع سلطان بعد أن منعه من الغناء وحذف أغانيه من على صفحته الرسمية على موقع الفيس بوك، لكن الأهم من كل ذلك هو التسويق المجاني لآخر ألبومات سلطان معه “سيجارة” وتحقيق أقصى استفادة بعد غلق صفحة بهاء سلطان خصوصًا أنه يدرك مدى تعطش الجمهور لصوت بهاء ومحاولة تعويض فشل تجاربه الأخيرة مع بعض المطربين .
حتى الأن تم الإفراج عن ثلاثة أغنيات من الألبوم سنحاول المرور عليها في انتظار صدور باقي الألبوم.
اقرأ أيضًا
بهاء سلطان … تعاطفك لوحده مش كفاية
تعالى ادلعك
تلك الأغنية تكشف مدى ذكاء محروس الفني في مغازلة الجمهور العاطفي جدًا، فالأغنية تم تصويرها في منزل محروس الذي يدق بابه بهاء سلطان، ليدخلا معًا إلي المنزل، ونجد على الحائط مثبت بوستر للمطرب تامر حسني وبوستر لبهاء سلطان ، وعلى شاشة التلفاز تظهر شيرين عبد الوهاب في أغنية “جرح تاني” وكأن محروس يرسل رسائل مفادها أنه لا يكره أحد في العموم وأنه الأخ الأكبر الذي كان يرعى مصالح الجميع ولازال يحتفظ بعلاقات جيدة معهم، تلك الأشياء قد تبدو بسيطة جدًا لكن لها تأثير قوي جدًا على الجمهور الغاضب منه.
لم يكتف محروس بذلك فجلب عزيز الشافعي كي يفصل له أغنية يظهر فيه وكأنه الطرف المظلوم في قصة الخلاف بينه وبين سلطان الذي يبحث عن مصالحته بأي شكل من الأشكال فتقول بعض الكلمات “طالعة في دماغي نروق شوية .. أعدي عليك وتنزلي .. ده أنت فوق دماغي وحقك عليا .. طول خصامنا زلزلني” “تلاتة بالعظيم مقامك عظيم واختلافنا موضوع قديم”
عزيز الشافعي أدي المطلوب منه في جزئية الكلمات التي جاءت ببصمته كشاعر بكمية إفيهات ومفردات جديدة بتقطيعاته السريعة التي تميز كلماته، لحن الأغنية على مقام النهاوند بجمل شديدة البراعة والتماسك من الشافعي الذي نجح في التقاط جمل لحنية تسهل الالتصاق بالأذن خصوًصا جملة العود في الفاصل مع توزيع إيقاعي بسيط وأداء سلس من سلطان.
ليالي طويلة
لا اعرف لماذا يصر محروس على أنه شاعر قادر على صياغة أغنية، الكلمات ملفقة تمامًا وغير متماسكة لن تمسك فيها فكرة بعينها، مع صياغة مفردات تقليدية جدًا أكل عليها الزمن وشرب “ليالي طويلة ما بين نار وحيرة” “تعبتني وجرحتني وبعتني”
لحن عزيز الشافعي على مقام الكرد بجمل بسيطة احلى مافيه هو جملة “ليالي طويلة ما بين نار وحيرة” والتي تشعر فيها بروح ألحان بليغ حمدي. توزيع أمير محروس بسيط جدًا في جزء الهارموني الذي خصه باّلة الكلارينت مع إيقاع مقسوم هادئ.
عاملين الصح
لازلنا مع كلمات محروس الساذجة جدًا ” مش هنروح النهاردة يا حبيبي قاعدين للصبح وخلينا هنا خلينا مادام أنا وأنت عاملين الصح” وبالطبع لم نعرف ماهو الصح الذي فعلوه.
كلمات محروس غلفها محمد يحيي بلحن متعدد النقلات، حيث يبدأ من البياتي مقام محمد يحيي المفضل مع نقلة بسيطة على الراست في جملة “ونروح ليه” ثم يعود إلي البياتي في قفلة المذهب، في الكوبليه ينتقل إلى مقام الكرد، تنوع اللحن ونقلاته جاءت في صالح الأغنية التي أحيت الكلمات المهترئة جدًا من محروس.
توزيع أكرم عادل به بعض المشاكل الفنية، في المقدمة حاول تقمص روح محمد مصطفى في أغنية “لو كنت نسيت” وجملة الوتريات المستنسخة من روح لحن “جانا الهوى” والتي جعلها نفس جملة الفاصل الموسيقي مع إضافة الكيبورد لكنه وقع في خطأ عدم التمهيد إلي نقلة الكرد في لحن الكوبليه فتشعر بأنك دخلت في أغنية أخر، مع كثرة المؤثرات الصوتية بجانب الإيقاع التي صنعت صخبًا مبالغ فيه.
هل الأمر يستحق هذه الضجة ؟
برغم النجومية التي حققها بهاء سلطان إلا أني مازلت عند رأيي أن يشبه الفرس العربي الأصيل الذي يصر صاحبه على العمل في الحقل فقط دون أن يدخل سباقات الخيول، وطيلة مسيرته الغنائية عبر ستة ألبومات لم يحسن أختيار معظم أغانيه وأن كان اللوم لا يقع بالكامل عليه حيث معروف أنه كان يغني ما يقدمه له نصر محروس حتى لو أغاني ملفقة مثل “يا ترى” والتي حاول فيها إقناعنا بأنه قادر على الرقص برغم أن البعد قاسي وبرغم انه بعده يقاسي أو “أحلف” التي كان يشترط فيها طلبات خزعبلاية من المحبوب دون أن يقدم له أي شئ وغيرها الكثير على شاكلة “الواد قلبه بيوجعه” أو “قوم أقف”، فهل الأمر كان يستحق كل هذه الضجة التي جلبتها الخلافات بينهم وهل صنع محروس نجومية بهاء سلطان لكنه لم يصنع له أغاني حقيقية، أتمنى أن لا تكون بقية أغاني الألبوم على نفس شاكلة أول ثلاثة منه، وإن كان العزاء الوحيد هو أنه أخر ألبوم مع فري ميوزيك فهل سنرى بهاء سلطان جديد ومختلف يحسن اختيار ما يليق بصوته.
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال