همتك نعدل الكفة
793   مشاهدة  

بعد بسنت، هل تعيد حنان مطاوع التفكير في النسوية .. ليست مخيفة بل الظلم هو المخيف

حنان مطاوع
  • إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة



جمعني منذ أكثر من عشر سنوات عشاء مع سيدات مجتمع وعضوات بجمعيات خصصت جهودها لدعم المرأة، وكان حضورنا دعوة من السفيرة ميرفت تلاوي التي شغلت منصب الرئيس للمجلس القومي للمرأة وبمناسبة نجاحها في إعداد وثيقة توضح حقوق المرأة في الإسلام لتوضيح أمرين، هما الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة ودحض الفتاوى والتفسيرات الخاطئة الراسخة في الثقافة المجتمعية عن العلاقة بين المرأة والإسلام، وكانت الوثيقة المطبوعة والتي وضعت أمام الجالسين تحمل أسماء علماء من الأزهر في تخصصات الفقه والشريعة، وحدثتنا التلاوي عن أملها في أن يصدر الأزهر الشريف هذه الوثيقة حتى تكون بيانَا قاطعًا ينصف المرأة وينزه الإسلام عما نسب إليه من ظلم.

التقطت الوثيقة المقترحة وتصفحت محتوياتها التي وجدتها تعنى بكشف استغلال المجتمع للدين لتسهيل هضم حقوق المرأة وقرأت بابًا مفصلا عن الذمة المالية للمرأة في الإسلام والإرث في مقابل ما تفعله العادات والتقاليد من انتهاك صارخ للشريعة فوجهت عيني ناحية السفيرة وقلت: إنهم يوهمون المرأة أنهم حماة للإسلام بينما يستخدمون الله، فكيف لا يكون ذنبهم أعظم ولماذا تشعرين أن إصدار الأزهر لمثل هذه الوثيقة تحدي كبير يحتاج إلى تكاتفنا جميعًا، إلى هذا الحد!

 

ظلت السفيرة ميرفت التلاوي تسعى لموافقة الأزهر على إصدار الوثيقة منذ عام ٢٠١٢ وبالمتابعة كان الأزهر يؤكد كل عام بأن الوثيقة في طريقها للظهور وأنه لا ضغوط تحول دون ذلك، حتى قرأت تصريحًا صحفيًا للسفيرة ميرفت تلاوي  عام ٢٠١٧ تشكر فيه شيخ الأزهر على موافقته إصدار وثيقة حقوق المرأة في الإسلام وخاصة مع تزامن ذلك مع إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي العام نفسه عامًا للمرأة، لكن الوثيقة لم تصدر وبالتحقق من قسم الوثائق بالموقع الرسمي لمؤسسة الأزهر لن تجد كلمة امرأة في عنوان أي منها وبقي تصحيح الموروثات الظالمة بحق المرأة ونسبها للإسلام يخرج للعلن من خلال تصريحات متفرقة لشيخ الأزهر في مناسبات مختلفة !

حنان مطاوع

نعود للعام ٢٠١٢ وإلى طاولة العشاء في حضور النسويات عندما ألمحت لاهتمامي بحقوق المرأة وحقوق الإنسان أيضًا وقلت أن الإنسان بشكل عام يتعرض لظلم كبير، ابتسمت السفيرة برقة في وجهي ولم تعلق في حينها، غير أنها التقتني بينما أغادر البناية التي جمعنا أحد طوابقها فنادتني باسمي وكانت قد سألتني عنه أثناء حديثا وقالت لي بالحرف الواحد : يجب أن تكون من مثلك داعمة للمرأة بشكل واضح يجب ألا تخجلي من إعلان موقفك، إن الحرب التي عشناها خلال القرن الحالي لتشويه النسويات لن يرجحها غير تخاذلك، الإنسان مطحون صحيح في العالم كله ربما باسم العولمة أو الحداثة أو حتى الاقتصاد، لكن ما تلاقيه المرأة من ظلم وسحق إنسانيتها واستغلالها باسم سلطة الدين يجعل من مواجهتها الظلم عملا مستحيلا فهي بذلك تواجه الدين وتواجه الله كما أوهموها، وأنت خير من يمثل المرأة النسوية فلماذا تتركين مكانك للاتي يتم الدفع بهن إلى الصفوف الأولى لتشويه قضيتنا والتشكيك في مساعينا، أرجو ألا تخذلي المرأة ونفسك، فلا أمل لنا في تحقيق أي نصر إلا بوعي المثقفات وثباتهن.

 

وضعتني كلمات تلاوي أمام المرآة لماذا أقول أنني نصيرة للمرأة وأعمل على ذلك بدليل حضوري للفعالية بينما أؤكد أنني نصيرة الإنسان أيَا في الجملة نفسها، هل كنت أقول أنني لست تلك الطائشة التي تكره الرجل وتعاديه وتمارس عليه التسلط نفسه هل كنت أريد أن أقول أنني لست النسوية التي تثور على المجتمع الأبوي بصدمة التصرفات لا بالحجج والاستقلال الحقيقي والحرية المسئولة التي تؤدي واجباتها وتأخذ حقوقها دون توسل.

 

نعم، لقد كنت أهاب وصم المجتمع، كنت نسوية حتى النخاع ترتدي وجها دبلوماسيًا مائعًا يعترف بحقوق المرأة دون أن يتحمل النتيجة كنت أريد رضا المجتمع كله بنصفيه المظلوم والظالم وكان ذلك نفاقًا كبيرًا لم أقصده، ولكنني لم أتخلص منه فور إدراكي له فكثير من التدريب يلزمنا لنقول للمجتمع الذي تربينا على إرضاءه: طز، وقد كنت تربيته وضحيته أيضًا.

 

وبمناسبة الظلم الموجع الذي أودى بحياة بسنت خالد ضحية مجتمع قطفها قبل أن تزهر، تأتي رسالتي هذه للفنانة الكبيرة حنان مطاوع التي أحبها على الجانبين الفني والإنساني، حاورتها مرة وأعلم كيف هي إنسانة خالصة أصلي معدنها نقي يترفع عن كل غبار ولا يأبه بدفع الثمن، لذلك أكتب إليها لتعيد النظر في موقفها من النسوية والذي أعلنته خلال ظهورها الإعلامي مع لميس الحديدي في برنامج “أخر كلمة” عندما أجابت: أنا مش منفعلة قوي بقضايا المرأة لكن أنا فخورة بأني امرأة ولكنني أهتم بحقوق الإنسان بشكل عام، وتابعت : طيب ما الراجل كمان مطحون وطالع عينه.

YouTube player

 

إن في مصر وعالمنا العربي ملايين النساء اللاتي تقتلن دون ذنب وتنتهك حقوقهن بلا رحمة من قبل ذويهن وتعايرن حتى بما يمتلكن من إيجابيات وإن نجت من النساء واحدة بأقل الضرر تكون قد ارتضت أن تعيش عاملة في منزل الزوجية باللقمة لا قرار ولا رأي وعلى ذلك أرى أنه يجب أن نستثمر الظرف السياسي الداعم الذي نعيشه والذي يحارب التطرف ويطالب بتجديد الخطاب الديني ويضع المرأة في مكانة متقدمة بتعديلات تشريعية ملموسة ولنا في تغليظ عقوبة الختان أكثر من مرة وقانون الماذونين والتعديلات المرتقبة في قانون الأحوال الشخصية خير برهان.

إقرأ أيضا
عمر أفندي

 

وإذا كانت المجتمعات تتغير بالقوانين وبالوعي الجمعي للأفراد، فإن أدت الدولة واجبها فماذا عن واجبنا نحن؟

نحن جميعًا في حاجة لموقف واحد نعلنه دون مواربة: نحن نسويات ولنا في الانتصار لأنفسنا كل الحق وغاية الشرف وكفى ظلما للنساء باسم الدين لأكل حقوقهن.

 

الكاتب

  • حنان مطاوع رشا الشامي

    إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان