همتك نعدل الكفة
980   مشاهدة  

تشارلز داوسون .. عالم الآثار الذي زيف التاريخ

تشارلز داوسون


العلماء يفنون حياتهم في سبيل إفادة البشرية، يمضون كل أوقاتهم في العمل والبحث، وكل ما يبتغونه هو تخليد اسمهم في صفحات التاريخ بجوار إنجازاتهم، ولم يكن تشارلز داوسون عالم الآثار الإنجليزي يحلم بشيء مختلف، كل ما أراده هو أن يتم تخليد اسمه مع اكتشافاته العظيمة، ولكن للأسف تلك الاكتشافات العظيمة لم تكن سوى خدعة خدعنا بها، وقد تم حفر اسمه في سجلات التاريخ كما أراد بالفعل، ولكن كمزور وليس كعالم آثار ومستكشف.

إنسان بلتداون

نسخة طبق الأصل من جمجمة رجل بلتداون.
نسخة طبق الأصل من جمجمة رجل بلتداون.

في منتصف القرن التاسع عشر بعدما وضع داروين نظرية التطور، انقلب المجتمع العلمي بأكمله فجميع العلماء كانوا يبحثون عن تلك الحلقة المفقودة التي ستربط البشر والقردة، وأثناء ذلك الانقلاب العلمي، خرج عالم الآثار البريطاني “شارل داوسن” عام 1912م باكتشاف تاريخي كان من شأنه قلب العالم بأكمله، حيث قدم داوسن تصريحًا إلى الجمعية الجيولوجية الملكية بلندن، بأنه عثر في منجم ببلتداون شرق ساسكس في إنجلترا، على بقايا من عظم فك وجمجمة، وادعى أنها تمثل نوعًا لم يكن معروفًا سابقًا من انسان منقرض، وأطلق عليها اسم الأنسان الفجري، وأوضح داوسون أن تلك الجمجمة كانت غريبة الشكل، حيث كانت جهة الدماغ بها أصغر بقليل من تلك التي امتلكها الإنسان المعاصر، بينما يتشابه الفك والأسنان مع قرد الأورانغوتان المعروف باسم إنسان الغاب، وقبل قسم علم الحفريات في المتحف البريطاني الاكتشاف الجديد، بعد إجراء العديد من الاختبارات والفحوصات  وبعد إجراء اختبارات وفحص شاملين، ودخل إنسان بلتداون السجلات العلمية بصفته حلقة الوصل بين الإنسان والقرد وإثبات لنظرية داروين.

اكتشاف الحقيقة

ضفدع في الحفرة ، ادعى داوسون أن العمال عثروا عليه في محجر لويس
ضفدع في الحفرة ، ادعى داوسون أن العمال عثروا عليه في محجر لويس

وعلى مدار العامين التاليين للاكتشاف، قدم داوسون العديد من البقايا على أنها جزء من اكتشافه السابق، وتم الاعتراف بها جميعًا، ودخل إنسان الهومو الذي تم اكتشافه في أفريقيا في حالة شك، بعد أن أوضح داوسون أن إنسان بلتداون أقدم منه بكثير، وتوفى داوسون عام 1916م، بعدما حقق كل ما حلم به، ولكن حدثت مفاجأة غير سارة في عام 1926م، حيث كشفت دراسة جيولوجية للمنجم الذي اكتشف فيه الجمجمة، أنه ليس قديمًا لذلك الحد الذي ادعاه داوسون، لذا تم حذف حفريات إنسان بلتداون من السجلات الأثرية، وتم فتح تحقيق متعمق وأكثر تفصيلًا عن تلك الحفريات، وانتشرت الأخبار في جميع أنحاء العالم أن شارل داوسن خدع الجميع، ولكن تجاهلت الجمعية الملكية البريطانية كل هذه التقارير، ومع حلول عام 1953م ظهرت الحقيقة الصادمة، حيث تبين أن إنسان بلتداون لم يكن سوى مزيج مزيف من بقايا جمجمة من العصور الوسطى، وفك من قرد أورانغوتان مثبت بها أسنان قرد شمبانزي معاد تشكيلها لتبدو مسطحة مثل الأسنان الإنسانية، جرى معالجتها جميعًا بمحلول حمض كبريتات الحديد لزيادة عمرها، وتم استخدام معجون لاصق قوي لتظهر وكأنها قطعة واحدة، ومن حسن حظه أن تشارلز داوسون كان قد توفى منذ وقت طويل، فنجا من التهم التي كانت ستلاحقه بالطبع بصفته مزور للتاريخ والآثار، ولكنه نال عكس ما كان يستحقه تمامًا فقد تمتع بثقة وتقدير المجتمع العلمي بأكمله حتى نهاية حياته.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان